عاد مؤشر الاحتياطي الأجنبي التركي للارتفاع خلال الفترة الماضية ليصل إلى نحو 109 مليارات دولار، خاصة مع الزخم الذي يشهده قطاعات مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية، التي تعد أحد أهم مصادر النقد الأجنبي.
وارتفع إجمالي احتياطيات البنك المركزي بمقدار 3 مليارات و290 مليون دولار في أسبوع 6 أغسطس مقارنة بالأسبوع السابق، من 105 مليارات و721 مليون دولار إلى 109 مليارات و10 ملايين دولار، وبذلك بلغ إجمالي الاحتياطيات أعلى مستوى له منذ 11 مايو 2018م.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن احتياطي البنك المركزي التركي في الوقت الحالي بحدود 109 مليارات دولار، وأن هذا الرقم سيتجاوز 115 مليار دولار قريباً، مضيفاً: “سنشاهد ما حصل عام 2019م من تحقيق تراجع في العجز التجاري”.
واعتبر أردوغان أن الدخل القومي الذي تراجع قليلاً بفعل عوامل متعددة، في مقدمتها تقلبات سعر صرف العملات، سيتجاوز تريليون دولار خلال فترة قريبة.
أسباب الارتفاع
وأرجع الخبير الاقتصادي التركي يوسف كاتب أوغلو أسباب زيادة الاحتياطي الأجنبي التركي إلى ارتفاع الصادرات التركية لأرقام قياسية ما دفع البلاد لرفع تقديراتها لحجم الصادرات بنهاية العام الحالي 200 مليار دولار وهو رقم غير مسبوق بتاريخ الجمهورية.
وأضاف كاتب، لـ”المجتمع”، أن الصادرات التركية تعد الداعم الأساسي للاحتياطي النقدي الأجنبي بالبلاد، مضيفاً أن استمرار تدفق رأس المال الأجنبي للاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا ساهم في هذه الزيادة أيضاً الذي بلغ 165 مليار دولار.
وبلغت صادرات تركيا خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 105 مليارات دولار، وهو رقم قياسي، بزيادة 40% خلال 6 أشهر.
وما زالت تسير صادرات تركيا نحو الهدف المرجو حيث سجلت رقماً قياسياً في يوليو الماضي بواقع 16.4 مليار دولار.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن نسبة النمو المتزايدة في الاقتصاد التركي أدت دوراً في استقطاب النقد الأجنبي في البلاد، حيث إنه رغم أزمة كورونا خلال عام 2020م حققت تركيا ثاني أكبر معدل نمو في العالم بعد الصين 1.8، بينما عانت الاقتصادات الكبرى والصين انكماشات.
ووفق توقعات وزير المالية التركي لطفي ألوان، فإن اقتصاد بلاده سينمو نحو ما يزيد على 8% في عام 2021م، ما يعطي قوة إلى أن يكون هناك ودائع ائتمانية وتدفقات نقدية أكبر.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي، جلال بكار: إن العقود الخارجية لتركيا وخاصة ما يخص مراحل التنقيب في أذربيجان وغيرها فيما يتعلق بالشراكات الإستراتيجية في مجال الطاقة لجلب الاستثمار والنقد الأجنبي في الفترات الأخيرة دعم حظ تركيا في وفرة النقد الأجنبي.
وأوضح بكار، لـ “المجتمع”، أن سياسة البنك المركزي التركي العامل على جذب وطرح استثمارات داخل تركيا ونقل بعض الشركات التركية المتخصصة في مجال الطاقة والبنية التحتية خارج تركيا دعم أيضاً وفرة العملات الأجنبية داخل البلاد.
تداعيات إيجابية
وتعكس زيادة الاحتياطي الأجنبي مدى قدرة مصادر النقد الأجنبي لتركيا على جذب داعميها، بالإضافة أنه يعد دلالة على اتساع النشاط الاقتصادي التركي داخلياً وخارجياً.
ويصاحب هذه الزيادة في الاحتياطي الأجنبي مجموعة من التداعيات الإيجابية على الاقتصاد التركي وفي مقدمتها الليرة التركية والتي تعيش حالة من الاستقرار خلال الفترة الحالية في حدود 8.5 ليرة مقابل الدولار الواحد.
وأشار كاتب إلى أن القيمة الحالية تعد مرضية بالنسبة للمصدرين كونها تدعم قطاع التصدير وكذلك قطاع السياحة وقطاعات أخرى.
توقعات متفائلة
ويتوقع أن ترتفع هذه الاحتياطيات من النقد الأجنبي خاصة مع وجود استراتيجية الاستثمار الدولي المباشر لتركيا 2021-2023م التي تقدم خريطة طريق للبلاد في مجال الاستثمارات الدولية.
وذلك بهدف زيادة أداء الاستثمار الأجنبي المباشر لتركيا من حيث الكمية (الحصة من سوق الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي)، والنوعية (القيمة المضافة للاستثمار)، ما يدفعنا للقول: إن حجم الاحتياطي الأجنبي سيكون قابلاً لمزيد من الارتفاع في المستقبل.
ويرى كاتب أن الاحتياطي الأجنبي التركي سيتزايد خاصة مع عودة قطاع السياحة بقوة خلال هذا العام الذي متوقع أن يزداد أكثر خلال عام 2022م، بالإضافة إلى دخول عائدات اكتشافات تركيا من النفط والغاز سواء في البحر الأسود وآبار النفط في ديار بكر مما يعزز النقد الأجنبي.
وأشار كاتب إلى أن هذه الاكتشافات تحد أيضاً من استنزاف النقد الأجنبي الذي يتم توجيهه للواردات النفطية لتركيا، بالإضافة إلى أن استخدام مصادر الطاقة البديلة مثل مفعل أكويو للطاقة النووية السلمي الذي متوقع أن يتم تشغيله في عام 2022م، الذي سيوفر نحو 10% من احتياجات تركيا من الطاقة.
وأعلن أردوغان العام الماضي اكتشاف حقل للغاز الطبيعي في البحر الأسود يملك مخزونات تقدر بنحو 405 مليارات متر مكعب.
وحول تزايد أعداد السياح، أكد رئيس اتحاد الفنادق والمرافق السياحية بمنطقة البحر المتوسط التركية، قان كافال أوغلو، في حديثه لوكالة “الأناضول”، أن ارتفاع عدد السياح في عام 2021 زاد بنسبة 300% مقارنة بالعام الماضي 2020م حتى الآن.
بدوره، قال بكار: إن التوقعات المستقبلية للاحتياطي الأجنبي تتحدث عن وصول الاحتياطي الأجنبي إلى 164 مليار دولار خلال عام 2022م.