أكد عدد من الخبراء عدم جدوى القرارات الأخيرة التي تقدمت بها مصر للأمم المتحدة بشأن رفض تجاوزات الكيان المحتل، بشأن القدس والجولان، مشيرين إلى أن هذه القرارات لم تعد تجدي نفعاً، وتأتي في سياق القرارات التي صدرت من قبل لعدة مرات، وما قامت به مصر إجراء شكلي وتسجيل موقف.
وطالبوا، في تصريحات لـ”المجتمع”، بضرورة اتخاذ إجراءات أكثر جدية لمحاكمة قادة الكيان المحتل بسبب جرائم الحرب التي يتم ارتكابها تجاه الشعب الفلسطيني في الاعتداءات المتكررة وكذلك ما يجرى بسورية والجولان.
هذا، وأكد خبير العلاقات الدولية د. سيد أبو الخير أن أثر هذه القرارات معنوي فقط، حيث إن قرارات الجمعية العامة ملزمة فقط للأمم المتحدة وغير ملزمة للدول الأعضاء، مؤكداً أن ما اتخذته مصر من إجراء ليس له أي أثر على أرض الواقع، وإنما دعاية سياسية.
وأوضح أبو الخير، في تصريح لـ”المجتمع”: أن الإجراء الأكثر نفعاً الذي كان يجب على مصر أن تتخذه هو تقديم مشروعين لمجلس الأمن في ظل توصيف ما يقوم به الاحتلال الصهيوني بجرائم الحرب طبقاً للمادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما لعام 1998م)، وفي حالة استخدام “الفيتو” يمكن الرجوع على الاتحاد من أجل السلم لاتخاذ قرار ملزم، مؤكداً أن التضليل السياسي أفسد التكييف القانوني لما حدث ويحدث، مطالباً بضرورة اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قادة الكيان بتهمة ارتكاب جريمة حرب طبقاً للمادة (8) من نظام روما الأساسي.
محاولة رفض
من جانبه، قال الكاتب الصحفي خالد الشريف: إنه يبدو وراء هذا القرار موقف مصري ثابت ينطلق من موقف عربي ويتمثل في رفض أي تغيير لحدود عام 1967 بما في ذلك القدس باستثناء ما يتم التوافق عليه بين الطرفين عبر المفاوضات.
وأكد ثبات الموقف المصري الرافض لمشروع قرار التوسع الاستيطاني الصهيوني وهدم المنشآت والمنازل الفلسطينية وطرد العائلات الفلسطينية من القدس الشرقية خاصة في الشيخ جراح وسلوان والحفريات في محيط وداخل الأماكن المقدسة، لافتاً إلى أن مصر تود أن تبعث برسالة أنها الطرف الرئيس في القضية الفلسطينية، ولا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال.
وأضاف الشريف لـ”المجتمع” أن انتهاك الاحتلال الصهيوني لكل المواثيق والأعراف والاتفاقيات الدولية في القدس والأراضي المحتلة والتوسع في بناء المستوطنات هو ما دعا إلى اتخاذ هذه القرارات؛ لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى انفجار الأوضاع وخروجها عن السيطرة كما حدث منذ شهور في عملية “سيف القدس”، وهو ما تحاول أن تتلافاه مصر.
حبر على ورق
بدوره، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري: إن القرارات الصادرة من المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن حبر على ورق، وليس لها أي تأثير على أرض الواقع، فالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوفرون غطاء سياسياً يحمي الكيان الصهيوني من أي قرار أممي، وعلى الرغم من دور مصر في هذه القرارات فستظل علاقتها بالكيان الصهيوني في حدودها المرسومة منذ اتفاقية كامب ديفيد.
وأضاف خضري لـ”المجتمع”: في تقديري، أنه لن يحدث تغيير جوهري في تلك العلاقة رغم هذه القرارات؛ إلا في حالة حدوث حرب مباشرة بين الطرفين، وستحدد نتيجة تلك الحرب شكل العلاقة المستقبلية بين الطرفين، وذلك في حالة استمرار وجود الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
واختتم خضري قائلاً: إن هناك تيارين داخل المؤسسة الحاكمة بمصر بالنسبة لموقفها من الكيان الصهيوني، تياراً يمثله نظام حكم السيسي ويرى في الكيان الصهيوني حليفاً وداعماً أمام الإدارة الأمريكية، أما التيار الثاني فيمثله نظام الدولة ومؤسساتها سواء القوية أو الناعمة مثل القوات المسلحة والمخابرات العامة والأزهر الشريف، وتلك المؤسسات لديها ثوابت لم تتغير بتغير نظام الحكم، ومن أهم ثوابتها أن الكيان الصهيوني هو العدو الأساسي، وربما تكون وراء مثل هذه القرارات، رغم عدم تأثيرها على الأرض، ولكن على الأقل لتسجيل موقف لها ضد الكيان المحتل.