قرأنا وتابعنا الكتابات والتعليقات التي تصدر من أهل النقد، وأهل الاختصاص، ومن أهل الأدب والبلاغة، ومن أهل السياسة، جميعهم وبكل تخصصاتهم يتحدثون ويكتبون حول ما نحن فيه كأمة من وضع سيئ حقيقة وغير مرضٍ، ونلاحظ غالبية الكتابات والأحاديث انحصرت بكل ما هو سلبي، وبكل ما يستحق النقد والتفنيد خصوصاً في الأمور السياسية التي تخص الأمة وأنواع الفساد الذي استشرى فيها، نسأل الله السلامة والعفو والعافية، حتى وصلنا مرحلة صعبة، في تصوري، من جلد للذات وبقسوة شديدة، وفي عدم القدرة للبعض من التفكير إيجاباً، حيث كلما عالج الكتّاب والمفكرون وأهل الاختصاص موقعاً، انخرط السوء في ومن موقع آخر، فتمادى أهل الإحباط ما بين محبط حقيقي يحب أمته ويتأثر سلباً، وبين صانع للإحباط بتقصد، وهو عدو للأمة وحريص كل الحرص على عدم وعيها ونهضتها واستيقاظها، وهذه النوعية حقيقة لها نشاط غير طبيعي في جعل الشباب بشكل الخصوص، في أن يعيش حالة اللا حل لهذه الأمة، فيجب التوجه إلى المتع والبدع للخروج من حالة الإحباط والاكتئاب واليأس الذي نعيشه ونعايشه، فأشعلوا المواقع، والتواصل بالأخبار التي لا تأتي إلا بازدياد اليأس، والنكات التي تجعل الأمة في حالة من حالات القولبة والأطر مبرمجة الاختيارات ما بين الموت بذل، أو البقاء كما أنت تتسول كرامتك وحريتك، أو الانسلاخ من الأمة والعيش بلا تاريخ أو تراث ولا أصل له ولا عقيدة، أو اللا مبالاة كلية بادعاء الاهتمام بالذات والمبالغة بذلك وتسطيح المقابل وما شابه، ومن ثم الكفر في نظرة وفهم وإدراك التكامل الخَلقي الإنساني، من حيث المواهب وتنوع الأفكار القدرات والتخصصات والتوجهات.
نعم في أغلب الأحيان تكون هذه الحالة متقصدة في الأمة من عدو أجاد اللعب والعزف على هذه الأوتار حقيقة، فلذلك أقول لهؤلاء الكتَّاب وأهل الفكر والمعرفة والتخصص، طارحاً عليهم هذا السؤال الذي هو أثقل من الجبال حالياً، ولكن لا شك له جواب: ما الحل؟
نعم، ما الحل؟!
أعلم أن السؤال أصعب مما نتصور، والجواب عن السؤال جداً صعب، ولكن هل فكرنا بهذا السؤال والجواب عنه؟
للعلم، من يعتقد أنه يملك الحل السريع والنظري بإطلاق الكلمات والعبارات الكبيرة كقول: “الديمقراطية هي الحل”، أو “الإسلام هو الحل”، أو من يقول: “لا للتحزب”، و”لا للتيارات” وما شابه، أقول له: أنتم وأمثالكم مّنْ أتلف الأمة، بل جعل منكم كل فاسد مطية ليصل من خلالها إلى مآربه.
نعم الإسلام، والديمقراطية، والدساتير التي فيها احترام الإنسان وحرياته، ولكن لا بد من نزول بالتفاصيل العملية التي تؤصل هذا الأمر في نفوس وثقافة الشارع العفوية من خلال الإعلام ومناهج التعليم والتربية، ليتم بيان أن هذه الأمور تحتاج إلى آليات، وهذه الآليات هي المفقودة أو هلامية بالنسبة لثقافة الشارع المسلم العفوية ومؤطرة في حدود ضيقة جداً لمصالح علية القوم وأهل النفوذ فقط، وأكبر من يتحمل وزر هذا الجهل، أهل العلم في جميع تخصصاتهم، وبالأخص أهل الاختصاص الشرعي، الذين يعلمون تماماً أنهم معنيون! ويتم التآمر عليهم اليوم وعلى الدين لتسطيحهم من أجل نشر الكفر والزندقة الإبراهيمية المزعومة، تحت ذريعة سطحيتهم المعزولة عن الحياة! فيجب مقابل ذلك العمل على إعادة ما سلب من الإنسان من حريات وكرامات بسببهم! بغطاء أدعياء العلم والمعرفة من أهل الغباء، وحب الدنيا والنفوذ لنشر العداء للدين!
ما الحل يا ترى؟ وكيف يمكن أن تكون الحلول؟ ما الحل مع أمة الحدود والجغرافيات الوطنية؟
ما الحل في الخلل الثقافي الشعبي هذا؛ حيث لا ترتيب للأولويات والمهم والأهم؟
ما الحل مع عدم وجود الفوارق بوضوح بين الحسن والأحسن والسيئ والأسوأ؟
هل باستطاعتنا أن نرفع شعاراً نتبناه جميعاً بعنوان ما الحل؟ وكل منا يبدي رأياً وفكراً وآليات الحلول؟ أرجو ألا يكون الإحباط أخذ منا مآخذ ومن ثم لا تفاعل ولا حركة!