عندما أرى بلدي تدخل في خلل دستوري متعمد من بعض النواب الذين للأسف أصبح آخر همهم الوطن وما يحدث فيه من انتهاكات دستورية وقبلها أخلاقية لا تليق بالعمل البرلماني أو الديمقراطية ولا تنتمي إليها بصلة، آن لنا أن نصرخ بأعلى صوتنا وأن نقول كفى انتهاكاً وتعطيلاً للدستور.
نحن أمام مشهد لم يحدث من قبل في تاريخ الكويت، فللمرة الأولى نرى رئيساً للسلطة التشريعية يمارس بعض الأدوار لا تليق بالرئاسة، مثال ذلك أن رئاسة المجلس قبلت بتعطيل مجلس الأمة وعدم عقد الجلسات لمده 226 يوماً وسط حكومة مستقيلة منذ أكثر من شهرين، كيف ترضى الرئاسة في مجلس الأمة هذا التعطيل العلني للدستور دون أي اعتراض؟ لماذا أصبحت الرئاسة عند البعض معصومة من الأخطاء ولا يحق للنواب فضلاً عن المواطنين الطعن في قراراتها وسياساتها؟
ما تسنه رئاسة مجلس الأمة أمر خطير لا يمكن القبول به، وهذا ما دعا بعض النواب إلى الاعتصام في المجلس بسبب انسداد أي حوار بين النواب أنفسهم، وهذا الاعتصام شكل من أشكال الاحتجاج الراقي والسلمي الذي جوبه للأسف بصلف وتعنت من رئاسة المجلس، بماذا نسمي إطفاء الأنوار بمكاتب النواب وفصل التكييف ومنع السكرتارية ومنع دخول الطعام لهم؟ ألا يعد ذلك خصومة شخصية ولا تنتمي إلى الأعراف البرلمانية؟ لماذا لا يسمح للرأي الآخر بالظهور للعلن؟ لماذا لا نرى أي تغطية صحفية للاعتصام؟ لماذا نرى قناة “المجلس” وكأنها أصبحت مكتباً تابعاً للرئيس وشعارها “عاش الرئيس”؟! أليست قناة “المجلس” قناة لكل النواب تعرض أنشطتهم ومشاركاتهم؟ وهذا الاعتصام يعتبر نشاطاً راقياً للنواب، وإذا كانت القناة تريد التميز فيجب عليها أن تغطي أنشطة النواب بالتساوي.
ما يحدث في الكويت الآن مخالف للمادتين (6) و(7) من الدستور، فلا توجد سيادة للأمة التي هي مصدر السلطات حسب المادة (6)، ولا توجد حرية ولا مساواة ولا عدل بين النواب، فما بالكم بالمساواة بين الناس حسب المادة (7).
وكذلك، فإن ما حدا بالنواب إلى سلوك هذا الاعتصام اختراق المادة (85) من الدستور وعدم انعقاد الجلسات، وعلى ذلك فطلب عدم التعاون مع سمو رئيس مجلس الوزراء أمر دستوري حسب المادة (102) من الدستور، لقد شُل مجلس الأمة عن أداء عمله، ويجب أن يكون هناك تصرف ليس فقط من النواب المعتصمين الذين أدوا عملهم بما يرضي الله والناس، ولكن صمت مؤسسات المجتمع المدني والفعاليات السياسية والمواطنين يزيد الوضع تعقيداً، فيجب الالتقاء حول دائرة مستديرة يجتمع عليها كافة الأطراف لحل كل الإشكالات.
نعم فرحنا جداً بالحوار الوطني السابق، ولكنه توقف وبقي الكثير من المهجرين في الخارج، بل وصل الأمر إلى “المنّ” و”المعايرة” بالعفو، وليس لأي شخص فضل بالعفو سوى سمو الأمير وسمو ولي العهد، حفظهما الله تعالى.
ومن هذا المنطلق، أدعو إلى مؤتمر وطني حقيقي يكون أول بنوده حل مجلس الأمة الحالي، وتغيير الدوائر ومراعاة مصلحة الوطن والمواطنين أولاً، وحل كل المشكلات العالقة التي تتعلق بحياة المواطنين اليومية.
لا أشك بإخلاص أي طرف من الأطراف للكويت، ولكن ما يحدث الآن هو “اللخبطة” في ترتيب الأولويات، وهو ما نتج عنه ما يحدث الآن.