(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً {15} وَأَكِيدُ كَيْداً {16} فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (الطارق).
هيا بنا نحيا لمدة دقائق قليلة في ظلال هذه الآية الكريمة لنتعرف على كيفية كيد الكافرين والمنافقين والطغاة والظالمين للإسلام وأهله منذ بداية بعثة نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه وحتى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ وذلك لأن الهدف واحد وإن تعددت الأساليب.
إن هدف هؤلاء المجرمين هو القضاء على هذا الدين وأهله، وكيدهم الذي ورد في الآية الكريمة يحمل معنى جميع الطرق الخبيثة التي سلكوها للوصول إلى غايتهم، وهي ظاهرة لكل ذي فكر يدرس تاريخ هذه الرسالة العظيمة التي سنوردها في النقاط التالية:
1- الترغيب والترهيب اللذان تعرض لهما نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه منذ بداية بعثته وحتى تاريخ هجرته، وكذلك أشكال العذاب والاضطهاد التي تعرض لها أصحابه فيما يسمى بالفترة المكية، وكل ذلك ثابت في السيرة.
2- الحروب التي شنها كفار قريش وحلفاؤهم من القبائل العربية واليهود، والفتن التي أحدثها المنافقون بقيادة كبيرهم ابن سلول؛ وذلك لاستئصال هذا الدين وأهله من الوجود.
3- العجرفة التي أظهرها ملوك الفرس والروم والاستعراض بجيوشهم على حدود دولة الإسلام الوليدة، وأول شرارة لهذا الاستعراض المستفز من قبل الروم معركة “مؤتة” أو غزوة مؤتة، التي استشهد فيها القادة الثلاثة من الصحابة الكرام الذين عيَّنهم نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه.
ثم أنتقل سريعاً إلى كيد الغرب الصليبي الذي ترتب عليه سقوط الأندلس.
ثم تحالف جميع قوى الكفر في العالم وهدفهم من هذا التحالف إقامة نظام عالمي يستمر في كيده للإسلام حتى لا تقوم للمسلمين قائمة مرة ثانية.
فهل من مدرك لهذه الحقيقة يشمر عن ساعديه وينضم إلى قافلة الدعاة إلى الله تعالى التي تهدف إلى نشر الوعي على أمل أن يستيقظ النائمون، وينتبه الغافلون، ويفيق المغيبون، وينتهي الخائنون لدينهم عن الأدوار التي يمارسونها لصالح أعداء أوطانهم ودينهم ويتوبون إلى الله تعالى ويكفون عن ظلمهم للعباد وطغيانهم على الخلق، وشعاري في دعوتي هذه: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ) (هود: 88)، (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (غافر: 44).