تُدير مجموعة من النساء الفلسطينيات في قطاع غزة مشاريعَ “خضراء” صديقة للبيئة.
هذه المشاريع، التي تُشكّل مصدر رزق للسيدات، بعضها يعتمد على إعادة تدوير المخلفات لتصنيع منتجات آمنة سواء على صحة الإنسان أو البيئة.
وتستعرض السيدات مشاريعهن داخل معرض، نظّمه مركز شؤون المرأة بالتعاون مع عدد من المؤسسات، في قاعة منتجع الشاليهات غربي مدينة غزة، على هامش ورشة عمل بعنوان “مبادرات نسوية صديقة للبيئة”.
وتتدلى من قاعة المعرض مجموعة من اللافتات طغى عليها اللون الأخضر، وزُيّنت برسومات للنباتات، تحمل بعض النصائح لإحداث تغيير إيجابي في البيئة.
كما حملت لوحة كبيرة تصدّرت مدخل القاعة، مجموعة من المقترحات، دُوّنت على أوراق خضراء تحمل شكل أوراق الشجر، لكيفية تحويل الإنسان من شخص يُدمّر البيئة إلى صديق لها.
وشملت بعض تلك المقترحات ضرورة إعادة تدوير المخلّفات، والمحافظة على المياه وعدم إهدارها.
وفي إحدى زوايا المعرض، تقف الشابة هنادي أبو هربيد، مهندسة الطاقة المُتجددة، أمام منتجاتها من الفاكهة المُجففة، لتوعية الزائرين حول فوائد هذا النوع من الفاكهة.
ووزّعت أبو هربيد بعض الفاكهة المُجففة، التي تصنعها ضمن مبادرة سولار فود، داخل أكياس بلاستيكية مُفرّغة من الهواء، أو علب من الفلين، لحفظها من التلف.
وتقول لوكالة “الأناضول”: إنها تُجفف هذه الفاكهة عبر جهاز للتجفيف الشمسي والهوائي، صنّعته نهاية عام 2021، داخل مدينة غزة.
وتضيف: كافة القطع المكوّنة لهذا الجهاز كانت متوفرة داخل قطاع غزة الأمر الذي شكّل حافزاً لتصنيعه محلياً.
وتوضح أن هذا الجهاز يعمل على مصدرين للطاقة الشمسية والمضخة الحرارية، التي تعمل في حال تم دمجهما مع بعضهما على رفع كفاءة الجهاز وإنتاج فاكهة مُجففة بجودة عالية تُنافس المستورد منها.
كما أن الجهاز، بحسب أبو هربيد، صديق للبيئة، لا ينتج أي غازات أو انبعاثات كربونية، كما أنه يقلل من تكلفة إنتاج المُجفّفات.
وتذكر أن هذه المنتجات خالية من أي إضافات سكرية أو أكاسيد، غير صحية للإنسان.
بدورها، تقول اعتماد وَشَح، منسقة المشروع في مركز شؤون المرأة: إنه يضم مبادرات صديقة للبيئة تُمكّن النساء الفلسطينيات في مواجهة التغيّر المناخي.
وأوضحت، في حوار مع وكالة “الأناضول”، أن المعرض يضم 6 مبادرات لمشاريع اقتصادية صديقة للبيئة.
واستكملت قائلة: تَقدم لهذا المعرض تقريباً 150 مبادرة، تم اختيار المشاريع الستة بناء على عدة معايير، أبرزها أن يكون صديقاً للبيئة، وأن يضم كل مشروع عدداً من النساء.
وتذكر أن قطاع غزة بحاجة إلى المشاريع الخضراء بعد أن تحوّل بفعل الاكتظاظ السكاني إلى مدينة من الكُتل الإسمنتية.
وبيّنت أن السيدات طرحن مبادرة لتشجيع النساء على الزراعة سواء على أسطح منازلهن أو في مساحات خالية، لإعادة اللون الأخضر إلى مدن القطاع.
وتردف وَشَح قائلة: اللون الأخضر يعطي أيضاً راحة نفسية للإنسان، وتزوّد النباتات الجو بالأكسجين وتحاول موازنة النظام البيئي الذي يُضَخ فيه مُلوّثات وسموم مختلفة.
ويعيش في قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 360 كيلومتراً، أكثر من مليوني مواطن فلسطيني يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة، بسبب الحصار “الإسرائيلي” المفروض عليه منذ عام 2007.
وفي السياق، قالت وَشَح: إن بعض النساء المشاركات قدّمن مبادرة لإعادة تدوير قطرات المياه التي تخرج من جهاز التبريد (المُكيّف)، التي تتميز بخلوّها من الشوائب والأملاح.
وتضيف: يتم استخدام المياه المقطّرة في صناعة الكريمات وغيرها من المنتجات، باستخدام نسب معينة تدركها صاحبة المشروع.
وأما بعض السيدات يعملن، بحسب وَشَح، على مشروع لإعادة تدوير المخلّفات الغذائية لاستخدامها في صناعة السماد العضوي الصديق للبيئة.
وتضيف: السيدات يقللن من كمية النفايات الموجودة في الحي الذي يقطن به، ويقدمن شيئاً مفيداً للبيئة بعيداً عن الأسمدة الكيماوية، ولصحة الإنسان أيضاً الذي يتناول المنتجات الغذائية التي اعتمدت على هذه الأسمدة.
ومن المبادرات المشاركة أيضاً، بحسب وَشَح، مشروع لإعادة تدوير المخلّفات الخشبية، التي يتخلص منها أصحاب ورش النجارة، بحيث يُعاد تدويرها لصناعة التحف الفنية.
وأشارت وَشَح إلى أن هذه المبادرات مكّنت النساء لمواجهة والتصدّي للتغيرات سواء التي فرضتها البيئة والمناخ أو المجتمع.