يتعرض الجيش الأميركي للهجوم من جمهوريي “ماغا” (MAGA) المتطرفين، أصحاب شعار الرئيس السابق دونالد ترامب “أعيدوا لأميركا عظمتها”، الذين يسعون إلى تسخير الجيش لتنفيذ “أجندتهم الخبيثة”، والذين يستخفون بأي شخص يقف في طريقهم باعتباره “خاسرا”، وفقا لما جاء في صحيفة أميركية.
ففي مقال له -بصحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post)- يرى الكاتب ماكس بوت أن هذا الأمر هو أخطر تحد مدني عسكري منذ أن وصلت ما تعرف بـ”المكارثية” (الاتهامات بالتآمر والخيانة دون الاهتمام بالأدلة) ذروتها في الخمسينيات، لافتا إلى أن الجيش حريص فعلا على الابتعاد عن السياسة.
لكن هذه الغريزة الجديرة بالإشادة، كما أردف بوت، يمكن أن تدفع الجيش إلى الهروب من الجدل حتى على حساب التنازل عن ساحة المعركة الإعلامية لقوى اليمين المتطرف التي تحاول تقويض الديمقراطية الأميركية.
ورأى الكاتب معاملة المحارب المخضرم الجنرال باتريك جي دوناهو -القائد السابق لمركز المناورة للتميز في فورت بينينغ بولاية جورجيا- مثالا على ذلك، إذ إن تقاعده معلق الآن حتى تنظر قيادة الجيش في كيفية الرد على تحقيق المفتش العام، الذي خلص إلى أنه “أخفق في إظهار قيم الجيش وكفاءات القائد الأساسية”.
وتساءل بوت عن الخطأ الذي فعله دوناهو، وقال إن من المفارقات أن جرمه الوحيد كان الدفاع على وسائل التواصل الاجتماعي عن القيم ذاتها التي يدعي الجيش أنه يمثلها. ورأى أنه لا ينبغي النظر إلى وجود ضابط كبير يدافع عن سياسات الجيش على أنه مشاركة غير لائقة في السياسة، ولكن هكذا يُصور الأمر، ليس فقط من قبل منتقدي الجيش اليمينيين ولكن أيضا من قبل المفتش العام للجيش.
وبدلا من الدفاع عنه، انتقده الجيش. وقرر المفتش العام لهذا الجيش -في تقرير له عن الموضوع- أن انتقاد دوناهو لمن هاجموه “أظهر سوء تقدير” و”لم يعكس ثقافة الجيش القائمة على الكرامة والاحترام”.
وقرر المفتش العام أن تبادل دوناهو الانتقاد مع مهاجميه “لم يكن حكيما، وكان من الممكن أن يتسبب في تشويه سمعة الجيش. وكان استخدامه للسخرية والتغريدات “اللاذعة” لمواطنين عاديين سيئ الذوق، ومن الواضح أنه أظهر سوء تقدير، وكان ذلك يتعارض مع قيم الجيش”.
وألمح الكاتب إلى أن دوناهو ندم في بعض المواقف على مجادلة مهاجميه، لكنه لم يكتب أي شيء مسيء أو غير لائق، وكان ببساطة يدافع عن سياسات الجيش التي تعتبر لعنة عند اليمين الجمهوري “ماغا”.
وأوضح أنه يتفهم رغبة الجيش الشديدة في تجنب الانجرار إلى الوحل السياسي، لكنه لا يمكن أن يتجاهل الهجمات غير النزيهة والساخرة ضد مهنيته. وإذا عوقب دوناهو الآن بسبب تغريداته، فإن الكاتب يحذر من أن يبعث ذلك رسالة مخيفة إلى الجيش بأكمله بعدم فضح أكاذيب ماغا، وهذا بدوره سيمكن التهديد الحقيقي لـ”قيم الجيش” -الذي يمثله ترامب وأتباعه- من الانتشار.