قرأت في عدد قديم من مجلة «المختار» مقالة لكاتب أمريكي، تحدث فيها عن لجان الشباب وما تقوم به في أمريكا من الأعمال الجسام.
من ذلك أن حي الأعمال في مدينة أوشكوش قد اشتدت فيه ضوضاء السير وضجة السيارات حتى لم يعد يستطيع سكانه العمل، وكادت هذه الضجة المستمرة تحطم أعصابهم وألحوا على الحكومة أن تجد لهم مخلصاً من هذا البلاء.
ففكر رئيس شرطة السير في المدينة، فلم يجد إلا سبيلاً واحداً للخلاص، هو أن يلجأ إلى لجنة الشباب في المدينة، فأثار حماستهم ورغّبهم وقال لهم: «هذه فرصة لكم لخدمة مدينتكم»؛ فقبلوا، وكلّفت اللجنة 200 من أعضائها ممن تتراوح أعمارهم بين 13 سنة و17 سنة، فوقفوا على أطراف الطرق 3 أيام يسألون كل سائق سيارة رأيه ويتفهمون أسلوبه في القيادة وعادته في وقف السيارة والانتظار بها، وقدّموا المعلومات التي جمعوها إلى رئيس الشرطة فاستطاع أن يضع -بعد معرفتها- نظاماً جديداً للسير مستمَدّاً من الواقع قاطعاً أسباب الشكوى، ووفروا على الحكومة 28 ألف دولار.
وفي مدينة ماديسون، اجتمع أكثر من 600 طالب من طلبة المدارس الثانوية نقلتهم عربات النقل في السابعة صباحاً إلى منافذ الأزقة والحارات، فولجوها سيراً على أقدامهم يجمعون منها ومن حدائق المنازل وأفنيتها ومن الساحات والملاعب ما فيها من النفايات والأوساخ، فاستحيا الناس وأسرعوا لمعاونتهم، فنظفت المدينة وصارت أرضها كالمرآة المجلوة.
وفي مدينة أوكلير طلب مدير التعليم الخاص إلى لجنة شباب المدينة مساعدته في توصيل عدد من أطفال المدارس الخاصة إلى منازلهم، وقبلت اللجنة، وأرسلت أعضاءها يستلمون الأطفال من المدرسة ويضعون كلاً منهم في السيارة التي توصله إلى منزله.
ومن ذلك أن لجنة الشباب في راين لاندر أنشأت مكتباً للعمل، فوجد أن الفنادق والمنتزهات في هذه المدينة التي تُقصَد في العطلات والمواسم تحتاج إلى عمّال فتأتي بهم من المدن الأخرى، فسعت لإحلال شباب المدينة في هذه الأعمال، واستطاعت تشغيل مئات منهم مدة العطلة بعمل شريف وبأجور جيدة.
______________________
نشرت عام 1959م، كتاب «مع الناس».