يشكل المسلمون ما مقداره 3.3% تقريباً من عدد سكان الدولة الإيطالية التي يصل عدد سكانها إلى 60 مليون تقريباً، الدولة التي تحوي بداخلها دولة الفاتيكان أكبر مرجعية دينية للطائفية المسيحية الكاثوليكية.
التواجد الإسلامي في الدولة الإيطالية قديم منذ فتح المسلمون جزيرة صقيلية في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، هذه الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي في الدولة الإيطالية حالياً.
يتواجد حوالي مليوني مسلم في إيطاليا، معظمهم من السُّنة، إذ بدأت الهجرات الحديثة لإيطاليا منذ ثمانينيات القرن الماضي، وأزمة اللاجئين السوريين بعد مذبحة حماة، ثم بعد ذلك قدوم الطلبة العرب الذين ذهبوا للدراسة وعاشوا واستوطنوا هناك، ثم بدأت موجات الهجرات من دول المغرب العربي إلى إيطاليا؛ إذ يشكل المسلمون المغاربة حوالي 50% من عدد المسلمين في إيطاليا.
لا يوجد ما يمنع المسلمين من إقامة المساجد ودور العبادة والمراكز في إيطاليا حتى وإن كان لا يوجد اعتراف رسمي بالدين الإسلامي، والمسلمون يسعون في إيطاليا للحصول على اعتراف الدولة الإيطالية بالإسلام كدين رسمي كما هو في اليهودية والمسيحية، إلا أنهم لم يستطيعوا الوصول لذلك حتى الآن، ويرجع ذلك إلى عدم قدرتهم على توحيد الجهود والتباين الواضح فيما بين الجماعات والهيئات الإسلامية، وضعف التنسيق والتعاون بينهم بشكل موحد في التعامل مع الحكومة الإيطالية للحصول على هذا الاعتراف.
يوجد في إيطاليا ما يعرف بضريبة «8 بالألف» تخصص للمؤسسات غير الربحية، إذ يتم اقتطاع «8 بالألف» من الدخل السنوي لكل مواطن إيطالي، ويكون من حق المواطن أن يخصص هذا المبلغ المقتطع من دخله لأي من الجهات والمؤسسات غير الربحية؛ مثل دور العبادة والكنائس أو المستشفيات أو أي من المؤسسات الخيرية، ولا يمكن تخصيص جزء من هذه المبالغ للمساجد والمراكز الدينية الإسلامية إلا إذ تم الاعتراف بالدين الإسلامي كدين رسمي، وفي حال عدم تخصيص المبالغ المقتطعة من قبل المواطن فإن تلك المبالغ تذهب للكنيسة.
تقدر الضريبة التي يمكن جمعها من المسلمين بمئات الملايين سنوياً، فإذا ما تم الاعتراف بالدين الإسلامي وقام المسلمون بتخصيص تلك المبالغ للجمعيات الدعوية الإسلامية؛ فستكون هذه المبالغ قادرة على نقل العمل الإسلامي والدعوي إلى مربعات أكثر انتشاراً وتأثيراً، فمن طبيعة الدين الإسلامي أنه دين متسامح قادر على الانتشار في البيئات التي تنتشر فيها الحريات الشخصية، فالبيئات الحرة خصبة لتمدد وانتشار الدين الإسلامي.
يتجنب المسلمون في إيطاليا المطالبة بإظهار المآذن والعمارة الإسلامية في دور العبادة؛ خشية أن يتم عرض الموضوع على استفتاء شعبي في بلد معظم من فيه من أتباع الديانة المسيحية، فإذا تم عمل استفتاء شعبي ورفض السماح ببناء المآذن سيواجه المسلمون بعدها صعوبات في إظهار مثل تلك الرموز الدينية، مع العلم أن هناك «مسجد روما الكبير»، وهو أكبر مسجد في أوروبا، الذي أقامته المملكة العربية السعودية، توجد به مأذنة.
للجالية الإسلامية في إيطاليا همومها واهتماماتها في الحفاظ على هويتها الدينية والاندماج في المجتمع الإيطالي كجزء من نسيج المجتمع والدولة، لكن تبقى محاولة الحصول على اعتراف بالدين الإسلامي كدين رسمي في إيطاليا منعطف سيكون له ما بعده على الحالة الدينية والدعوية للمسلمين في إيطاليا.