في ديسمبر من عام 2020 استدرج (ناشط علماني مصري) إحدى رفيقاته المهتمّات بـ(حقوق المرأة!) إلى سكنه الخاص وقام باغتصابها، بعد أن أجبرها على مشاهدة «فيديوهات» إباحية له مع أخريات قام بتصويرهنّ من قبلُ خلسةً بغرض ابتزازهنّ [الحادثة أثارت ضجة في حينها بعدما نشرتها مدوّنة تنشر حوادث التحرش والاغتصاب التي تعرضت لها نساءٌ على يد مشاهير في أوساط مختلفة]. وقد عاتبه صديقه الناشط الشهير -صاحب لقب «أيقونة الثورة» والذي يعيش في أمريكا على المخدرات ويعاني المرض النفسي- بقوله إنه عاشر ست نساء برضائهنّ أثناء زواجه، وإن من النذالة معاشرة امرأة بغير رضاها!
العجيب أن الأوّل من أشد الكارهين للتيار الإسلامي –مثل كل العلمانيين- وقد اتهم أتباعه مرارًا بـ(استغلال المرأة في أغراض سياسية وإشباع رغبات جنسية). حتى المرأة بطلة الواقعة برّرت «صداقتها!» له وثقتها فيه -ومن ثم ذهابها معه إلى بيته- بانبهارها بأفكاره «التقدمية» في مناصرة المرأة؛ خصوصًا أنها كانت تعاني -على حد قولها- من تعنيف واضطهاد شديدين في بيئة ذكورية متخلّفة.
أوهامٌ وخِدع
وبمثل تلك الأوهام تنخدع كثيرٌ من النساء في هذا «الثوري/ العلماني» وضربائه، الذين يستدرجون المرأة إلى فكر ظاهره الرحمة وباطنه العذاب حتى تنحرف، ثم تستعذب سوء الخلق، فتصير لقمة سائغة يسكتون بها سعارهم. تفعل ذلك وهي راضية لما صبُّوه في أذنها من الظلم الواقع عليها من تلك البيئة «الرجعية» التي تمقتها لجنسها، ومن ذلك الدين الذي يحتقرها وينتقص قدرها!
قبيل بدء الألفية الثالثة بقليل انتحرت صحفية (علمانية) في منطقة «وسط البلد» بالقاهرة، كانت قد فتحت بيتها لكل مارٍّ من رفاقها.. وقد تركت رسالة قالت فيها: (لقد انكشف كل شيء، لا مبدأ ولا أيديولوجية كما يزعمون، لقد صرتُ مَكبًّا لنفايات هؤلاء الأوغاد، واليوم أموتُ لأستريح من قذاراتهم).
شعاراتٌ كاذبة
ومما يؤكد أن أفراد هذا التيار، على تنوّع مذاهبه، يعملون لإشباع رغباتهم الحسّيّة ولا يؤمنون بتلك الشعارات التي يصدعوننا بها بالليل والنهار؛ أن الشمطاء صاحبة الشعر الأبيض التي تنام وتصحو على قول إن الإسلام ظلم المرأة وحقَّرها وتردد أن الزواج مؤسسة للعبودية والظلم -تزوجت ثلاث مرات، وأن الشاعر العامّيّ «الحشّاش» الذي تزوج عددًا من النساء ممن انخدعن بشعاراته وكان من بينهن صحفية لامعة ومطربة شهيرة -لما سُئل في أيامه الأخيرة: ماذا تحب؟ فردّ بشهوانية مقززة: (الستات!) وأترك لك ترجمة هذه الجملة وكيف كان حاله إذًا في ريعان شبابه وقمة شهرته، وكان حوله مئات الجاهلات ممن لا يعرفن حقيقته..
انفصام!
يشير الداعية الكويتي «أحمد القطان» في مذكراته إلى ذات المعنى، معنى الانفصام الذي يعيشه العلمانيون، والذي جعلهم يستخدمون الشعارات للتخديم على نزواتهم لا لغرض الإصلاح كما يزعمون، يقول: (وإذا أراد الله خيرًا بعباده بعد أن أراه الظلمات يسّر له أسباب ذلك؛ إذ قال رئيس الخلية [أي مجموعته الشيوعية]: لقد رأيت الشيوعية الحقيقية في لقائي مع «الأبنودي»، الشاعر الشعبي بمصر، وهو الوحيد الذي رأيته يطبّقها تطبيقًا كاملاً. فقلت: عجبًا: ما علامة ذلك؟! قال: إذا خرجنا في الصباح الباكر عند الباب فكما أن زوجته تقبله تقبلني معه أيضًا، وإذا نمنا في الفراش فإنها تنام بيني وبينه. هكذا يقول والله يحاسبه يوم القيامة، فلما قال ذلك نَزَلَتْ ظلمة على عينيَّ وانقباض في قلبي وقلت في نفسي: أهذا فكر؟! أهذه حرية؟! أهذه ثورة؟! لا وربّ الكعبة إن هذا كلام شيطاني إبليسي. ومن هنا تجرأ أحد الجالسين فقال له: يا أستاذ ما دمتَ أنت ترى ذلك فلماذا لا تدع زوجتكم تدخل علينا نشاركك فيها؟ قال: إنني ما أزال أعاني من مخلّفات البرجوازية وبقايا الرجعية، وسيأتي اليوم الذي نتخلص فيه منه جميعًا. ومن هذه الحادثة بدأ التحول الكبير في حياتي).
إنهم يفسدون المرأة
نعاين الآن موجة جديدة من موجات إفساد المرأة على يد هذه الطائفة التي امتلكت مساحة لا بأس بها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بتحريضها على الرجل وإيهامها بأمور من شأنها هدم البيوت وتخريج أجيال منزوعة الهُوية شائهة النفسيَّة. وهذه الموجة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، بل هي واحدة من غارات متواصلة على الأسرة المسلمة التي عمادها المرأة لتفتيتها وتحويل مجتمعاتنا إلى نسخة شبيهة بمجتمعات الغرب المتفسِّخة.
يدْعون في هذه الموجة إلى امتناع المرأة عن خدمة زوجها، وعن إرضاع وليدها، ويدعون إلى استقلال الفتاة بنفسها بعيدًا عن أهلها، وإلى إباحة زواج المسلمة بغير المسلم، وإلى «المساكنة»، وهي أجرأ ما دعوا إليه من قبل؛ إذ هي دعوة صريحة لإلغاء الأسرة وتسريح المرأة لتبيع الجنس للرجل! بعدما دعوها إلى اللحاق بركب «الفيمنست»؛ بالتعالي على زوجها ومناطحته في إدارة البيت وما نتج عنه من أرقام طلاق مفزعة وملايين من الأطفال المضطربين نفسيًّا، الناقمين على المجتمع.
مشاريع تخريبية
في مرحلة أولى يصوّرون المفاهيم الإسلامية الخاصة بالمرأة تصويرًا يحط من قدرها، ويحقِّر من قدرتها على مسايرة الحياة المعاصرة، ويستغلُّون المشكلات الاجتماعية والعادات التي ليست من الإسلام، كضرب المرأة وحرمانها من الميراث مثلًا، للمز الشريعة فيكون ذلك مدخلًا لترسيخ مشاريعهم التخريبية.
وقد يطوِّعون الدين لتعزيز شُبَههم بالاستدلال بالأقوال الشاذة والفتاوى الغريبة، وهم لا يُعدمون مفتين من المنافقين أو علماء السلاطين ممن يتبنى تلك الشُبه ويعتبرها فقهًا في الدين. إنهم لمّا وجدوا الأمة محصَّنة ضد أفكارهم التخريبية لجأوا إلى عملية «تطبيع» مكبرة هدفها قبول المجتمع لهذه الأفكار على المدى الطويل، فأنشأوا المدارس المختلطة، واحتفوا بالقدوات النسائية التافهة، ونشروا الانحلال في أشكال أدبية مشوِّقة…
الغرب قدوتهم
وقد سموا الأشياء بغير مسمياتها؛ فالزنى حبٌّ، والمخادنة صداقة، والحجاب عادة رجعية متخلفة إلخ، وقدموا الغرب بمساوئه على أنه قدوة يجب الاهتداء بها، وأثنوا على المتحررات ودفعوا بهنّ إلى صدارة المشهد الإعلامي كموجِّهات للرأي العام، وأقاموا مسابقات الجمال السافرة، واخترعوا «الموضات» والتي على أثرها ملأوا الأسواق بالملابس العارية فربما لم تجد المرأة المحتشمة فيها ما يناسبها.
إن جزءًا كبيرًا من النجاح الذي حققه هؤلاء التخريبون سببُهُ تهيئة الساحة لهم من جانب الأنظمة السياسية التي لا تؤخر طلبًا للغرب، كما ترى في هُوية الأمة وإعلاء شرعها تهديدًا لمصالحهم، فأطلقوا العنان لهؤلاء القطعان وأعطوهم الإمكانات لممارسة أنشطتهم، وفي المقابل منعوا أصحاب الحق من الدفاع عن حقوقهم. والواجب على الدعاة والمصلحين تعريتهم وفضحهم، ونزع أقنعتهم الزائفة، وملاحقتهم بالنقد والمناظرة، وبيان مدى الانفصام الذي يعيشونه، وهم أحقر وأقلّ من أن يثبتوا أمام الحق والعلم والمنطق، وقد بنوا ترّهاتهم على باطل نكد.