افتتح د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الحملة الأهلية للاحتفال بالقدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009م، وذلك خلال الندوة التي نظمت بالتعاون بين “لجنة القدس” التابعة لاتحاد الأطباء العرب، ومؤسسة القدس الدولية (فرع القاهرة)، وعقدت بمقر نقابة الأطباء (دار الحكمة) بالقاهرة يوم العاشر من أبريل الجاري.
وقال د. القرضاوي، خلال الندوة التي عقدت بعنوان “القدس ومخاطر التهويد”: إن فلسطين عربية منذ 13 قرناً، حتى إن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين فتحها، وذهب لتسلم مفاتيحها بنفسه، اشترط عليه البطريرك صفرونيوس قبل تسليمه المفاتيح ألا يسكن فيها يهود.
وأضاف أن اليهود كانوا مشتتين في مختلف بقاع الأرض، وفكروا في احتلال أماكن عدة لتكون وطناً لهم، واقتُرح في البداية البرازيل، ثم جمهورية الكونغو في أفريقيا، ثم جاءت فكرة فلسطين حتى يستثيروا عاطفة اليهود جميعاً للاحتشاد في أرض الميعاد، واستطاعوا فعلاً إقناع بعض الدول الأوروبية والأمريكية، وكانت هجراتهم إلى فلسطين فردية في البداية، ثم أصبحت جماعية علنية أثناء الانتداب البريطاني، وبعدها ظهر “وعد بلفور” المشؤوم، أثناء الحرب العالمية، بإنشاء وطن لليهود في فلسطين، وهو ما علق عليه مفتي فلسطين الأسبق الشيخ أمين الحسيني قائلاً: “إن فلسطين ليست وطناً بلا شعب، حتى تستقبل شعباً بلا وطن”.
وأكد د. القرضاوي أن الأمة العربية كانت في غفلة عما يجري في فلسطين في مرحلة ما بعد الانتداب البريطاني لإنشاء وطن لليهود فيها، مشدداً على أنه كان هناك رجل واحد يعي خطورة القضية، وهو الإمام الشهيد حسن البنا؛ حيث كانت مجلات الإخوان المسلمين تنشر على صفحاتها صور الحروب وإحصاءاتها، حتى جاء قرار التقسيم بناءً على الواقع المرير، واستطاع اليهود الاستيلاء على معظم الأراضي من الفلسطينيين.
وقال د. القرضاوي: كلما تأتي مرحلة نتمنى سابقتها، فعند نكسة 1967م كان العرب قد رفضوا قبلها عام 1948م الوجود الصهيوني في فلسطين، حيث إن الجامعة العربية كانت وليدة، وعدد أعضائها سبع دول فقط، وقاموا بإرسال الجيوش، وأبلوا بلاءً حسناً، ولكن المؤامرة كانت أكبر منهم وفوق تخيلهم حتى قبلوا معاهدة “رودس”، واستطاعت “إسرائيل” تدعيم قوتها.
وأوضح أن اتفاقيات السلام المزعومة مع العدو الصهيوني جزأت المعركة، فبعد أن كان العرب متحدين على موقف واحد تم تفريقهم، وقال: “إن الوضع العربي الحالي غاية في التشرذم والتمزق، ونحن بصدد الجهاد، وهو ما يستلزم الاتحاد والوقوف صفاً واحداً، فلا يمكن أن تنتصر في أية موقعة وأنت ممزق”.
وحذر د. القرضاوي قائلاً: “إن القدس مهددة فعلياً، والصهاينة يكيدون لها بالظاهر والباطن، فالظاهر يتم بالاستيطان والتضييق، وهذا يتم مع المسلمين والنصارى، والباطن بما يجري تحت الأرض، وهو أدهي وأمر، فهناك حفريات مستمرة منذ أكثر من 30 عاماً، بزعم أنهم يبحثون عن هيكل سليمان وداود، ولكنهم لم يعثروا على شيء، كما أقاموا مدينة سياحة تحت الأرض في القدس، وهناك مخططات لإزالة أحياء كاملة، ولعل آخرها حي “البستان” الذي يسكنه 1500 أسرة.
وأكد د. القرضاوي أن قضية القدس بقيت معلقة منذ “اتفاق أوسلو”، مثلها مثل قضايا اللاجئين والأراضي والحدود، مشدداً على أنها قضية خطيرة جداً؛ لأنها رمز القضية الفلسطينية، وإحدى المدن الإسلامية الثلاث الكبرى، بعد مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
واختتم كلمته مطالباً الأمة بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، مؤكداً أن جموع الفقهاء أكدوا ضرورة حماية أراضي الإسلام.
_______________________________________
العدد (1848)، ص34 – 23 ربيع الآخر 1430ه – 18/4/2009م