قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة: 35).
قلت: ما الوسيلة يا صاحبي؟
صاحبي: هي كل طاعة لله وعمل فاضل يرضيه، من إحسان وبر وعبادات وقربات بأنواعها، هي وسيلة تقربنا إليه لتحقيق العبودية، وبلوغ سلم الوصول لعفوه ومغفرته.
قلت: والتقوى؟
صاحبي: أي الاستجابة لله في الأوامر والنواهي، والاتقاء من كل ما يضر الإنسان من عواقب في الدنيا والآخرة، وجاءت ملازمة للوسيلة؛ لأن الله عز وجل يحب المتقين الذين يتقربون إليه بالطاعات من خلال عبادته ودعاءه.
قلت: السؤال الآخر يا صاحبي، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة: 34).
وقال تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا) (يوسف: 100).
بما أن هذا السجود هو سجود تحية، فهل لنا أن نقوم بهذا الفعل مع فضلاء الناس كالعلماء والصالحين أو الملوك والأمراء؟
صاحبي: نعم في شريعة يوسف عليه السلام كان ذلك سجود تحية وإكرام، وليس سجود عبادة، وكان جائزًا في شريعة يوسف عليه الصلاة والسلام، وممنوعًا في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، وقد نهى أصحابه رضوان الله عليهم عن ذلك، وهكذا سجود الملائكة لآدم سجود إكرام وتحية، وليس سجود عبادة، لكن لا يعني القيام به اليوم لأي أحد حياً أو ميتاً عند قبره، فنصوص السُّنة وإجماع الأمة بتحريم السجود لغير الله تعالى.
قلت: وسؤال الصالحين حاجتنا؟ كوقوفي عند قبر أحدهم وسؤالي الحاجة بأن يكون قربة إلى الله؟ أي نطلب من الله بكرامة هؤلاء الصالحين، ونتقرب لله بهم.
صاحبي: الله عز وجل لا يحتاج واسطة من صالحين أو أولياء بينك وبينه، الله عز وجل يحب عباده التوابين والرجاعين إليه، وبابه مفتوح لسؤاله مباشرة ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ (البقرة: 186)، فهو قريب منا يسمع حاجتنا، ويريدنا أن ننكسر عند بابه وحده، فهو يحب من وحَده الدعاء والسؤال، وقال أيضاً: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (غافر: 60)، فإن أردنا القرب من الله، فعلينا الالتفاف حول جماعة المسلمين وحضور المساجد والمكوث بعد الصلوات وتحري أوقات الإجابة للدعاء، فما أجمل اقتفاء أثر النبي صلى الله عليه وسلم وأعماله والتأسي بها، والتشبه بالصالحين ابتداء من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فلا شك بأننا سنجد الفلاح والخير والسعادة.