“الإسلام في الشرق الأقصى” هو عنوان المؤتمر العلمي الأول عن الإسلام في اليابان، الذي نظمه معهد جامع طوكيو خلال الفترة من 3 إلى 5 نوفمبر الجاري، حول الإسلام وواقع المسلمين في اليابان كجزء من جهود مستدامة لنشر الفهم الصحيح والصورة السمحة لهذا الدين.
تجدر الإشارة الى أن معهد جامع طوكيو الذي أنشئ حديثا يسعى إلى توفير منصة علمية للباحثين والدارسين المهتمين بالدراسات الإسلامية؛ ففي المؤتمر الذي انعقد على مدار 3 أيام، أقيمت جلسات وورش علمية ومحاضرات تناولت مواضيع متعددة تتعلق بالإسلام وتأثيره في الشرق الأقصى.
يقول د. أحمد المنصور -رئيس المؤتمر والمشرف على اللجنة الأكاديمية، وهو كذلك أستاذ زائر بجامعة كيئو اليابانية-: “إن مؤتمر (الإسلام في أقصى الشرق) هو الأول من نوعه في اليابان الذي ينعقد من رحم المسجد، عبر معهد جامع طوكيو، بمشاركة باحثين بخلفيات ثقافية متنوعة يجمعهم الاهتمام بالإسلام.”
منصة علمية
وأضاف: “نأمل أن يكون هذا المؤتمر بداية تجمع للباحثين في الشأن الإسلامي في اليابان، وهو منصة متاحة لجميع الباحثين المهتمين بالإسلام”، موضحا أن اللجنة المشرفة على المؤتمر تسعى لأن ينعقد سنويا ويتم فتحه لطلاب الدراسات العليا، “فوجود هذا النوع من المؤتمرات سيشجع الباحثين على الاستمرار في بحوثهم حول الإسلام“.
وعن فكرة المؤتمر قال: “لقد اعتاد الباحثون على تقديم أبحاثهم في مؤتمرات علمية يحضرها الباحثون الأكاديميون فقط، أما هذا المؤتمر فتميز بأنه مفتوح للحضور العام. ولعلها أول مرة تقدم أبحاث علمية أمام العموم. وقد لاحظنا قبولاً عند الحضور، وهذا ما يجعلنا نفكر في تكراره على النحو ذاته”.
وأشار إلى أن هناك الكثير من الشؤون التي تهم الجالية المسلمة في اليابان، وتزداد الحاجة لتحليلها وفهمها وكيفية معالجة مشاكلها خاصة مع نمو الجالية وظهور الجيل الثاني والثالث، ومن هنا سيكون هذا المؤتمر السنوي مشجعاً للباحثين للتطرق إلى هذه الشؤون وتحليلها ودراستها بشكل أكاديمي، وبالتالي اقتراح الحلول المناسبة.
التعريف بالإسلام
وفما يخص التواصل بين الإسلام والمجتمع الياباني والتعريف بالإسلام في هذا المجتمع، يرى د. المنصور أن أول ما يجب على أبناء الجالية المسلمة فعله هو إتقان اللغة اليابانية، ثم تربية جيل مؤهل من حملة العلوم الشرعية ويستطيعون تدريسها باللغة اليابانية، كما أن فهم المجتمع الياباني وثقافته أمر مهم حتى نتمكن من تقديم الإسلام له بالصورة المناسبة.
بدورها قالت السيدة “نيشيدا كيوكو” أحد مديري معهد جامع طوكيو: “إن هذا أول مؤتمر ينظمه المسلمون في اليابان على الإطلاق، ونسعى لتطويره العام المقبل بتوسيع نطاق المشاركة وعدم الاقتصار فقط على اليابانيين والأتراك، بل نتطلع إلى تنوع كبير في المشاركين من حول العالم واستقبال أبحاث بلغات مختلفة، نعم هناك صعوبات بخصوص دخول الأجانب إلى اليابان ولكننا سنبذل الجهد لتيسير ودعوة مشاركين أكثر.
وأشارت إلى أن الأعلام في اليابان لديهم بعض سوء الفهم في التعامل مع الأديان بشكل عام وأنه يجب تجنب الحديث عنها وليس الإسلام فقط، خاصة في المحافل الرسمية، وهذا المناخ يمثل تحديًا يحتاج إلى معالجة.
وعن إنشاء المعهد تقول: بدأ معهد جامع طوكيو العمل رسميا في ديسمبر 2022، وهذا إنجاز كبير أن يتم عقد المؤتمر بعد هذه الفترة الوجيزة ودون دعم من أية جهة حكومية يابانية، بحضور زاد عن 150 شخصًا، وعلى هامش المؤتمر كان هناك معرض للكتاب.
ومن أهم التحديات -بحسب “كيوكو”- صعوبة في التأكد أن المشاركات البحثية موافقة للمعايير الأكاديمية، وتم التعاون مع عدد من الأكاديميين لتقييم ملخصات الأبحاث، ويعود هذا إلى أن هذا المؤتمر هو الأول.
وختاما قالت: “نأمل أن يقدم المؤتمر مساهمة مفيدة ليس عن الإسلام كدين وإنما عن المسلمين وممارساتهم التاريخية وفهم العلاقة بين المسلمين والإسلام في اليابان وأن تكون هذه المساهمات بمنزلة جسر مع المجتمع الياباني.
جامع طوكيو
أما الداعية أحمد مائينو وهو أحد أئمة جمعية مسلمي اليابان، وأحد مديري معهد جامع طوكيو، فيقول: “إن انعقاد هذا المؤتمر هو فرصة مهمة، خاصة أنه المؤتمر الأول في اليابان، انطلاقا من اهتمام جامع طوكيو الذي يعتبر رمز المؤسسات الإسلامية في اليابان، ومنارة إسلامية في اليابان يمثل ويعتني بنهج أهل السنة والجماعة؛ فمثل هذه الفعاليات الأكاديمية ضرورية لبناء الصورة الصحيحة والاستراتيجيات الأكاديمية والتعريف بصحيح الإسلام وصورته السمحة في اليابان”.
وعن تأثير وأهمية مثل هذه المؤتمرات، يوضح “مائينو” أن هناك من اليابانيين من غير المسلمين من يهتم بمثل هذه الدراسات حول الإسلام ومنهم من يهتم بالإسلام ثقافيا ومعرفيا، وبالتالي كان لا بد من إشباع هذه الحاجة للمعرفة لديهم من خلال مثل هذه المؤتمرات المنهجية.
إضاءات حول المؤتمر
وفي حسابه بموقع “فيسبوك” كتب الباحث والأكاديمي د. سيد شرارة وهو أحد حضور المؤتمر أيضا، يقول: “إن المؤتمر العلمي “الإسلام في أقصى الشرق – اليابان” الذي شارك فيه مجموعة من الباحثين والعلماء من جامعات يابانية وتركية، تم خلاله تقديم بحوث متعددة تمت مراجعتها علميًا من قبل لجنة أكاديمية، تناولت هذه البحوث مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك ترجمة ودراسات القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.
وأضاف أن معهد جامع طوكيو هو واحد من أحدث أنشطة جامع طوكيو ويهدف إلى توفير منصة علمية لكل باحث مهتم بالدراسات الإسلامية والتركية كما أوضح ذلك مدير جامع طوكيو والسفير التركي باليابان.
وأوضح أن الأبحاث والأوراق المقدمة تناولت عدة محاور في مقدمتها:
–القرآن الكريم: الترجمة والدراسات القرآنية.
–الحديث النبوي الشريف: الترجمة والتحديات المعاصرة والدراسات الحديثية
الإسلام والمجتمع المعاصر.
اليابان والإسلام
وأشار إلى أنه من المشاهد التي أضاءت اليوم الأول للمؤتمر إبراز نسخة تم إهداؤها لجامع طوكيو من أول مصحف تمت طباعته في روسيا في عام 1787م، وفي مدخل القاعة الرئيسة للمؤتمر تم وضع نسخة أصلية من مصحف تم طباعته في طوكيو عام 1937 من خلال مطبعة طوكيو الإسلامية.
وأوضح أن الجامع بين المصحفين هو الجهود الرائدة لمسلمي روسيا في الدعوة الإسلامية، وخدمة الثقافة والتراث الإسلامي، ونشر القرآن الكريم والمعرفة الإسلامية من خلال مطبوعات ومجلات دورية في وقت مبكر جدا من القرن الماضي؛ وهو ما يوافق بدايات انتشار الإسلام في اليابان.
كما أشار إلى وضع “منبر جامع طوكيو” التاريخي في مدخل قاعة استضافة المشاركين في المؤتمر، وهو منبر خشبي وقف عليه الشيخ عبد الرشيد إبراهيم والكثير من الشخصيات الإسلامية المؤسسة للدعوة الإسلامية في اليابان قبل نحو 80 عاما.