كاتب المدونة: سليمان الرياحي (*)
كان للمدارس دورًا” مهما” في ازدهار الحياة العلمية في مدينة القدس في العصور الإسلامية المتعاقبة على مدينة القد س وفي العصر العثماني وتحديا” في القرن الثاني عشر الهجري كان هناك عددا من المدارس استمرت بالعمل كما ذكر الحسيني في كتابه “تراجم اهل القدس في القرن الثاني عشر ” ولكن ليس بحالة الازدهار التي شهدتها المدارس في العصر المملوكي في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، وأورد الحسيني في كتابه “تراجم أهل القدس ” المدارس التي استمرت بالعمل في القرن الثاني عشر الهجري ثم توقف بعضها في نهاية القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي ومن أبرزها:
1) المدرسة الأرغونية: استمرت المدرسة بدورها العلمي في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي وكانت تدرس المذهب الحنفي وعين الشيخ عبد الرحمن أفندي ابن الشيخ علي أفندي العفيفي مدرسا” فيها.
2) الأسعردية: لم يكن للمدرسة الاسعردية دور مهم في الحياة العلمية في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، ويرى النعيمات ” إلى أنّ المعلومات الواردة من سجلات المحاكم الشرعية عن هذه المدرسة كانت قليلة في هذه الفترة وتذكرها السجلات باسم الخانقاه الأسعردية حيث كانت تضم غرفًا للصوفية.
3) الأشرفية السلطانيّة: بدأ دور المدرسة يتقلص في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي إلى حد كبير، ولا تشير سجلات المحاكم الشرعية في القدس كما يقول النعيمات إلى هذه المدرسة باستثناء السجل رقم( 266) لسنة 1199هـ/1784م ولكن بعض الرحالة الذين زاروا القدس في نهاية القرن السابع عشر ومنتصف القرن الثامن عشر ذكروا هذه المدرسة ومنهم عبد الغني النابلسي في رحلته المسماة “الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية” في سنة 1143هـ/1730م, كما زارها الرحالة المصري مصطفى أسعد اللقيمي وذكرها في رحلته المسماة ” موانح الأنس برحلتي لوادي القدس “.
4) المدرسة الأفضلية: استمرت المدرسة بدورها في القرن الثاني عشر الهجري، ومن المدرسين الذين تولوا التدريس في المدرسة الأفضلية في القرن الثاني عشر الهجري الشيخ أحمد المؤقت حيث تم تعيينه كمدرس سنة 1144هـ/1731م، توفي سنة 1171هـ/1757م، وأولاد الشيخ أحمد المؤقت وهم عبد الله ومحمد خليل ومصطفى وعلى وموسى.
5) المدرسة الأمينية: استمرت المدرسة الأمينية بدورها في القرن الثاني عشر الهجري، وفي العهد العثماني أصبح حاكم القدس الشرعي هو الذي يقرر البراءات السلطانية في وظيفة المشيخة والتدريس في المدرسة، وتولى التدريس في المدرسة مدرسين من آل الإمام من أهل القدس سنة 1080هـ/1669م.
6) المدرسة الأوحدية: ذُكرت هذه المدرسة في سجلات المحاكم الشرعية في مدينة القدس في القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي على أنها مدرسة، وتم تعيين مدرسين لها سنة 1124هـ/1712م وقد ذُكرت سابقا” في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي باسم التربة الأوحدية.
7) المدرسة الباسطية: تقع بالقرب من المدرسة الدوادارية كما ذكرنا سابقا “وأقفها القاضي زين الدين بن عبد الباسط بن خليل الدمشقي ناضر الجيوش المنصورة وزير المملكة وأول من قصد عمارتها شيخ الإسلام شمس الدين محمد السروري ثم أوقفها عبد الباسط على الصوفية، وكان وقفها سنة 834هـ/1430م، توفي واقفها سنة نيف وخمسين وثمانمائة، استمر عمل المدرسة في القرن الثامن عشر الميلادي، وتم تعيين عدد من المدرسين لها ومنهم الشيخ محمد أفندي أبي اللطف مفتي الحنفية الذي تولى منصب ووظيفة المشيخة بالخانقاة الباسطية سنة 1115هـ/1703م.
8) المدرسة البلدية: جاء ذكر لهذه المدرسة في القرن الثاني عشر الهجري /الثامن عشر الميلادي، ومن المدرسين الذين تولوا التدريس فيها الشيخ محمد بن شرف الدين الخليلي الذي قدم إلى مدينة القدس سنة 1104هـ/1692م فتلقاهُ أهلها بالتعظيم، ومزيد القبول والتكريم، ويعتبر الشيخ الخليلي (ت1147هـ/1734م) من كبار العلماء والأعيان في مطلع القرن الثامن عشر الميلادي وهو من شيوخ الصوفية القادرية وممن تولى الإفتاء من السادات الشافعية.
9) المدرسة التنكزية: بدأ دور المدرسة يتقلص في نهاية القرن السابع عشر الميلادي وكان آخر من عُرف من شيوخ هذه المدرسة هو الشيخ محمد بن حافظ السروري المقدسي بن غانم المتوفى سنة 1089هـ/1678م، ويظهر أن المدرسة استمرت في القيام بدورها التعليمي طوال القرن الثامن عشر الميلادي بدليل تعيين أولاد محمد أفندي الخالدي للتدريس فيها في رجب سنة 1195ه/1780م، وكذلك تعيين الحاكم الشرعي الحاج يوسف المغربي بوظيفة الشعالة وظيفة الكناسة مما يشير إلى أنّ الشيخ السروري المقدسي لم يكن آخر شيخ للمدرسة وإن المدرسة استمرت في القرن الثامن عشر الميلادي.
10) المدرسة الجوهرية: استمرت المدرسة بدورها في الحياة العلمية في مدينة القدس في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وقد تم تعيين مدرسين وموظفين لها في القرن الثامن عشر الميلادي وقد بلغت الوظائف في المدرسة الجوهرية اثنتي عشرة وظيفة (النظارة، المشيخة، الشهادة، مؤدب الأطفال، الشادية، الفراشة، مشيخة الوعظ، التلقين، قارئ تصوف، الكتابة، قراءة الأجزاء الشريفة، الشعالة).
11) المدرسة الحسينية: كان للمدرسة الحسينية دور مهم في الحياة العلمية في القدس منذ تأسيسها حتى نهاية القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي وإنها استمرت فترة طويلة قاربت أربعة قرون ولكن نجد أن المدرسة تحولت إلى دار سكن في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي كبقية مدارس القدس، وتعيين عدد من الشيوخ الذين تولوا التدريس والمشيخة في المدرسة في القرن الثاني عشر الهجري.
12) المدرسة الحمراء: ذكر العليمي المدرسة الحمراء على أنها زاوية بالقرب من الخانقاة الصلاحية، بينما ذكرها الحسيني على أنها مدرسة وورد ذكر المدرسة الحمراء بالقدس الشريف بمحلة النصارى وتم تعين مشيخة لها في القرن الثامن عشر الميلادي.
13) المدرسة الخاتونية: استمرت المدرسة الخاتونية في القرن الثاني عشر الهجري، وذكر بعض من تولوا المشيخة والإمامة في هذه المدرسة إنّه تم تعيين مشايخ وأئمة في هذه المدرسة، في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، ودرّس في هذه المدرسة السيد محمد السروري وتُعرف المدرسة اليوم بدار الخطيب إذ يقطنها قسم منهم كما تستعمل اليوم الغرف القديمة المحيطة بالمدرسة كمكامن.
14) المدرسة الزمنية: كانت المدرسة الزمنية تسمى رباطا في العهد المملوكي وأنشئت سنة 881هـ/1479م ومنشئها هو شمس الدين محمد بن عمر بن محمد بن عمر الزمني المتوفى سنة897هـ/1491م، ولكن أطلق عليها اسم المدرسة الزمنية في القرن الثاني عشر الهجري، ويشار إلى من تولوا التدريس والمشيخة والإشراف على وقف المدرسة، وأُذن للسيد محمد أفندي الرياحي من قبل الحاكم الشرعي في مدينة القدس في وظيفة التولية على المدرسة الزمنية، والشيخ عبد الرحمن أفندي العفيفي في وظيفة التدريس في المدرسة.
15) المدرسة الصامتية: (الصامطية): كانت المدرسة الصامتية قائمة بوادي الطواحين بالقدس وهي من المدارس التي ذكرت في القرن الثاني عشر الهجري.
16) المدرسة الصلاحية: استمرت المدرسة الصلاحية في التدريس على المذهب الشافعي فترة طويلة حتى نهاية القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي, واستمر دورها العلمي بتعيين عدد من الشيوخ والمدرسين لها، كما أن حائط المدرسة تم إصلاحه في القرن الثامن عشر الميلادي بعد ان تعرض للهدم، وكان علماء المدرسة الصلاحية من كبار علماء زمانهم،ولهم تآليف كثيرة كما أن مشيخة الصلاحية من الوظائف السنية بمملكة الإسلام حيث أن تعيين شيخ الصلاحية كان بأمر من السلطان في العهدين الأيوبي والمملوكي، ولكن في القرن الثامن عشر الميلادي أصبح تعيين شيخ الصلاحية يقوم به قاضي القضاة بتفويض من السلطان العثماني.
17) المدرسة الطولونية: ساهمت المدرسة الطولونية منذ أنشأها بدور كبير في الحياة العلمية والفكرية حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وتولى عدد من الشيوخ التدريس بالمدرسة الطولونية سنة 1129هـ/1716م ولكن المدرسة من سنة 1210هـ/1795م لم يعد لها إثر في مدينة القدس.
18) المدرسة العثمانية: استمرت المدرسة العثمانية بدورها في القرن الثامن عشر الميلادي حيث درّس العلماء من كبار الحنفية في هذه المدرسة، وقد استمر التدريس في هذه المدرسة حتى نهاية القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي.
19) المدرسة القادرية: وصفها الرحالة الشيخ عبد المغني النابلسي في رحلته المسماة (الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية) عندما زار القدس في نهاية القرن الحادي عشر الهجري، ويقول النابلسي: (( فدخلناها فوجدناها عظيمة البناء واسعة الفناء وقد وجدت وظائف في هذه المدرسة في القرن الثاني عشر الهجري ومنها المشيخة والتدريس والبواب والجابي))، ووردت الإشارة إلى أسماء بعض من تولى المشيخة والتدريس والجباية سنة 1123هـ/1711م وفي نهاية القرن الثامن عشر الميلادي تولى التدريس والإعادة في هذه المدرسة السيد محمد السروري ومن بعده أولاده وذلك سنة 1199هـ/1784م.
20) المدرسة الفارسية: استمرت المدرسة الفارسية في بداية القرن الثاني عشر الهجري، ومن الشيوخ الذين تولوا التدريس فيها الشيخ موسى بن محمود الخالدي الذي تولى التدريس بالمدرسة سنة 1124هـ/1712م، وكذلك وجدت وظيفة القراءة والنظر والتولية في هذه المدرسة إلّا إنّ المدرسة بدأت تفقد دورها في الحياة العلمية في بيت المقدس في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي إذ لم يكن هناك تعيينات في المدرسة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري.
21) المدرسة الفنرية: استمرت المدرسة الفنرية في القرن الثاني عشر الهجري ووردت الإشارة إلى عدد من المدرسين ممن تولوا مشيخة المدرسة الفنرية عام 1150هـ/1737م ومنهم الشيخ فضل الله أفندي شيخ الحرم الشريف إلاّ إنّ المدرسة كانت بحاجة إلى التعمير والترميم.
22) المدرسة الكاملية: استمرت المدرسة الكاملية في القرن الثاني عشر الهجري، ووردت الإشارة إلى مجموعة من الشيوخ الذين تولوا المشيخة في هذه المدرسة من عائلة جار الله أبي اللطف وكان ذلك في السنوات 1124هـ/1712م، 1146هـ/1733م، 1175هـ/1761م، 1164هـ/1750م، 1169هـ/1755م، 1157هـ/1761م.
23) المدرسة الكريمية: استمرت المدرسة الكريمية في القرن الثاني عشر الهجري وتم تعيين مشيخة لهذه المدرسة وتولية، وقد استمرت المدرسة حتى مطلع القرن الثالث عشر الهجري.
24) المدرسة الكيلانية: هي من ملحقات التربة المسماة تربة حسام الدين ووردت الإشارة إلى عدد من المدرسين في المدرسة الكيلانية وتعيين عدد من الشيوخ لهذه المدرسة وتعيين وظائف الكتابة والجباية، إلّا إنّ المدرسة تدهورت أحوالها كبقية مؤسسات التعليم في القدس وتوقفت عن أداء رسالتها التعليمية منذ نهاية القرن الثاني عشر الهجري.
25) المدرسة المزهرية: وردت الإشارة إلى عدد من العلماء الذين تولوا مشيخة المدرسة المزهرية والتدريس في القرن الثاني عشر الهجري، كما وجدت عدد من الوظائف ومنها وظيفة التولية.
26) المدرسة المعظمية: كان للمدرسة المعظمية دورا” كبيرا” في الحياة العلمية ببيت المقدس في القرنين الثامن والتاسع عشر الميلاديين واستمر هذا الدور في القرون التالية، وأُشير إلى أسماء عددا من العلماء الذين تولوا المشيخة والتدريس في القرن الثامن عشر الميلادي وكانت هذه المدرسة متخصصة في تدريس المذهب الحنفي.
27) المدرسة الملكية: ووردت الإشارة إلى تعيين المدرسين الذين تولوا التدريس والمشيخة في هذه المدرسة في القرن الثامن عشر الميلادي سنة 1126هـ/1714م كما وجدت وظيفة التولية في المدرسة سنة 1189هـ/1775م.
28) المدرسة الموصلية: كان أسمها في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي باسم المدرسة السلامية وتحول اسمها الى المدرسة الموصلية، وتولى كثير من آل أبا اللطف (جار الله) التدريس فيها المدرسة وجرى ترميم المدرسة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي بعد أن تم الكشف على المدرسة من قبل اللجنة التي شكلها الحاكم الشرعي بالقدس في سنة 1182هـ/1768م.
29) المدرسة الميمونة: استمرت المدرسة الميمونية حتى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي ولكن المدرسة كانت مهملة في القرن التاسع الهجري حيث يذكر مجير الدين العليمي إنه لم يبق لها نظام في عصرنا بل صارت من المهملات”.
وأشار الحسيني إلى أسماء عدد من العلماء الذي تولوا التدريس والمشيخة في هذه المدرسة، منهم الشيخ علي بن حبيب بن أبا اللطف الشافعي المقدسي المتوفى سنة 1144هـ/1731م.
30) المدرسة المنجكية: يشير العليمي إلى أنّ المدرسة المنجكية تلاشت في عصره وهو آخر القرن التاسع الهجري، إلّا أنها كانت قائمة في القرن الثاني عشر الهجري ووردت إشارة إلى أسماء عدد من مدرسين ومتولين على أوقاف هذه المدرسة إلّا أنّ التدريس توقف في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي في هذه المدرسة وهُجر مبناها وأصبحت خرابا”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) ماجستير تاريخ إسلامي ـ الأردن
المصدر:
كتاب تراجم أهل القدس للشيخ الحنفي حسن عبد اللطيف الحسيني المتوفى سنة 1226هـ/1811م، ترجمة وتحقيق: سلامه صالح النعيمات، ط1، عمان، 2010م.