كاتبة المدونة: سجود عوايص (*)
تحت ظلام الليل تجمع المئات من سكان قطاع غزة مدفوعين بالأخبار التي تعلن دخول شاحنات مساعدات لإغاثة الفتات من جوعهم ومرضهم وبردهم، وفيما كانت بوابات الحاجز تُفتح ويتوافد السكان نحو الشاحنات أطلقت دبابات الاحتلال قذائفها ورصاصها على المتجمهرين، فقتلت في لحظات أكثر من 100 وجرحت ما يزيد عن الـ 700 أغلبهم شبان في مقتبل العمر، وآباء هبوا لإحضار الطحين رفقًا بأطفالٍ ونساء تكالب عليهم الجوع والبرد والمرض والتشريد والقتل والتجاهل العربي والوحشية “الإسرائيلية” والتأييد الغربي.
لم تكن هذه هي مجزرة المساعدات الأولى، فخلال الأشهر الماضية تعمد الاحتلال تسريب أنباء عن توزيع مساعدات ثم قصف المحتشدين أو إبادتهم بالدبابات أو القنص، يأتي ذلك بينما ترشح للإعلام بين الحين والآخر أنباء صفقةٍ محتملة، ثم لا تلبث الأنباء أن تذوي ليموت الأمل في قلوب الفلسطينيين ببرهةٍ من الراحة وقليلٍ من الأمان بعد أكثر من خمسة أشهر من الإبادة الجماعية الشاملة.
وبين هذا وذلك، يواصل الاحتلال حشد ألويته وعتاده لاجتياحٍ بريٍ شامل لرفح، آخر ما تبقى من قطاع غزة، متجاوزًا تضارب الأقاويل والتكهنات حول عزمه خوض المعركة الأخيرة أو الاكتفاء بالجولات السابقة، المدفوعة بكمٍ من التحذيرات والبيانات والاتصالات الدولية والعربية، فيما يشير سير الأحداث وتدحرجها إلى أن الركون لضغط البيانات والتحذيرات والاتصالات خاطئ تمامًا [1].
لا سيما وأن التصريحات المتواترة على لسان قادته تؤكد أن اجتياح رفح أمرٌ مفروغٌ منه، حتى لو أنجزت صفقة تبادل، أو هدنة إنسانية، معتبرةً أن رفح هي اللبنة الأخيرة التي تبقت لها من البيت الفلسطيني، مدفوعةً بما تواصل إضفاءه على عدوانها من شرعية انتقام تلصقها بالسابع من أكتوبر 2023م، في تجاهلٍ لما سبقه من إجرامها، ولما تلاه من إبادة حطمت فيها مختلف القيم والاتفاقيات والأعراف الإنسانية والحقوقية والدولية.
هي الرصاصة الأخيرة إذا، والنهاية على مرمى حجر، والرهان الأخير الذي تخوضه “إسرائيل” متجاوزة كل محاذيرها النفسية من خسائر بشرية جسيمة واقتصادية متعاظمة، وصورة دولية متآكلة.
على الجانب الآخر تستعد المقاومة لتخوض جولة جديدة، وربما الأخيرة عسكريًا في الوقت الراهن، فوفقًا لتقديرات “إسرائيلية” فقد بقي من كتائب حماس في القطاع أربعٌ فقط!! [2]، ورغم ضآلة الرقم فإن الكتيبة الواحدة تضم آلاف المقاتلين [3]، وهو ما يعني معركةً لا تقل ضراوة عن معارك الشمال وخانيونس، بل ربما تكون الأشد بما تحمله من حسمٍ أخير وخبراتٍ متراكمة.
يحاول هذا المقال الإجابة عن السؤال العسير قولًا وبلعًا: “ماذا لو انكسرت المقاومة؟”، ويفتت جزيئات السؤال بواقعية مقيتة تحيلنا إلى تاريخ من النكبات والنكسات والخروج المرّ، وإلى مستقبلٍ محفوفٍ بالألغام وعقارب الأقارب والجيران وإجماعٍ شبه دولي على تسوية الفلسطيني ومقاومته زمانيًا ومكانيًا.
تنطلق الرغبة من السؤال والجواب في محاولة مترددة لتوقع الأسوأ علّه لا يكون، واستشرافٍ لما قد تكون عليه الأيام القادمة، عل خيارات الفلسطينيين فيها على المستوى الجمعي تكون أفضل وأكثر وعيًا من خيارات سبق لهم دفع أثمانها مقدمًا.
“ماذا لو انكسرت المقاومة؟”
يبدو السؤال صعبًا بجوابه على المخيلة الفلسطينية التي تُحال إلى لحظات انكسارٍ سابق، إحداها عام 1982م إبان حصار بيروت، حين خرج مقاتلو الثورة الفلسطينية محملين بآمال جولةٍ أخرى من الثورة ولو بعيدًا عن حدود فلسطين، ومحتمين بالضمانات الدولية لحماية من تركوهم خلفهم من المدنيين في المخيمات، ليدركوا لاحقًا أن آمالهم تحطمت على عتبات السفينة “اتلانتس” التي أبعدتهم آلاف الأميال عن فلسطين وحدودها، وأَن كل بعيدٍ عن عين فلسطين بعيدٌ عن ميادين ثورتها، وأن المدنيين الذين تركوهم خلفهم كانوا ضحية أخرى للعبث “الإسرائيلي” بالوعود والضمانات الدولية، فوقعوا فرائس لمجزرة صبرا وشاتيلا وما تلاها.
لكن حتى لو أريد لمقاتلي المقاومة أن يخرجوا من غزة، فإلى أين؟
بعيدًا عن الخيارات التي تُطرح لخروج المقاومة التي يحصرها الاحتلال بقائديّ حركة حماس يحيى السنوار، ومحمد الضيف من قطاع غزة، إضافةً لعددٍ آخر من قادة المقاومة برفقتهما، فإن طرحًا مثل ذلك لا يبدو واقعيًا، لا سيما مع واقعٍ عربي واقليمي لا يتسع ولن يتسع للفلسطينيين وقضيتهم، رسميًا على الأقل.
فالحال اليوم ليس حال 1982م ذاته، والهرولة لاتفاقية التطبيع، والسعي لتجاهل القضية الفلسطينية وتسويتها بالأرض من خلال أطروحات خدماتية، والضيق بالفلسطينيين وحراكهم السياسي المرتبط بما يجري على أرضهم بشكلٍ متواصل منذ النكبة، وغياب أي دورٍ عربي أو إسلامي أو إقليمي فاعل ومؤثر لنصرة الألوف التي تسيل دمائها في غزة، والاكتفاء بالجولات المكوكية واللقاءات الدبلوماسية والبيانات التهديدية، بل وحتى ممارسة الضغط على المقاومة، وعدم كسر سياسة الاحتراق التي يمارسها الاحتلال بتجويعه وتشريده وتنكيله لقطاع غزة، جميعها عوامل تجعل من الموت على أرض غزة جوعًا ومرضًا وحصارًا وقتلًا وتشريدًا خيارً أفضل، ومهما كانت الحرب قاسية فلا أرض تحن على المقاتل كأرضه.
ناهيك عن أن من خاض عملية السابع من أكتوبر يدرك مآله، لا بل ويُعلن عنه، فإما الموت على أرضه، وإما الموت بعد خروجه لاحقًا على يد الموساد، فكما هو معروف فإن “إسرائيل لا تنام عن ثأرها” وتأخذه ولو بعد حين، ولن تربط يديها أي معاهدات أو ضمانات دولية، كما أن سياسة الاغتيال لديها تتجاوز حدود الثأر الشخصي لتكون ردعًا قاصمًا تمارسه لتؤكد يدها الطولى على أعدائها.
أضف إلى ذلك فإن تجربة قوات الثورة الفلسطينية في خروجها من بيروت وابتعادها عن عمقها الفلسطيني وتضاؤل أدوارها، مثل خسارة جيوسياسية لها، أجبرتها لاحقًا على التنازل عن صبغتها وشرعيتها الكفاحية، في محاولةٍ منها لتحقيق موطئ قدم ولو تحت مظلة الاحتلال، وهو ما أفقدها ويفقدها حتى اليوم أدوارها ومكانتها.
فهل توافق فصائل المقاومة أن ترتدي ثوب منظمة التحرير وتكرار أخطائها، وهل يبدو من الصواب الارتهان تنظيميًا وسياسيًا لبعدٍ عربي أو إقليمي أو إسلامي أثبت ضعفه وانفصاله عن رؤية الشعب الفلسطيني وطموحاته ومعاناته؟، وهو البعد ذاته الذي يتجاهل اليوم الإبادة الجماعية للمدنيين العزل، مقابل إدانته للمقاومة وعملياتها، فكيف سيكون حاضنًا لقياداتها على أرضه إن سبق له إدانة عملها على أرضها هي؟
وخلاصة ذلك، أن أي خروجٍ من غزة، لن يأتي للمقاومة بأي خير، إنما هو سعيُ لتقديم صورة انتصار لـ “إسرائيل” وحلفائها، مهما اقترن ذلك بوعودٍ أو ضمانات دولية وعربية لمستقبلٍ فلسطيني أفضل.
وعودة لسؤالنا الأول، ماذا لو انكسرت المقاومة؟ فإن الإجابة عنه تكمن في سؤال آخر، هو “وكيف تنكسر المقاومة؟”.
والواقع يقول، أن المقاومة تنكسر بانكسار ظهرها وظهيرها الشعبي والجماهيري، تنكسر المقاومة حين تخوض معركةً واسعة، بأهدافٍ كبيرة كتبييض السجون وفك الحصار عن غزة، وإعادة إعمارها، ومحاسبة الاحتلال عن جرائمه، وكف يده عن المسجد الأقصى، ثم تنتهي إلى نتائج ضئيلة كتحريرٍ جزءٍ صغيرٍ من الأسرى، وتخفيف الحصار على غزة، وحين يتواصل الاستيلاء على للمسجد الأقصى المبارك، والاستلاب للقدس وأهلها وطرد سكانها، وحين تصبح وعود إعادة الإعمار ابتزازًا سياسيًا لها، ثم يُلقى اللوم عليها فيما آلت إليه الحرب من خسائر وتدمير وإبادة ومجاعة.
تنكسر المقاومة حين يتحول هدفها إلى إيقاف الحرب والنار ليس إلا، تنكسر المقاومة حين يٌهجر أهلها خارج غزة، فيخلو الميدان للاحتلال لتقسميه كيفما يشاء وزرعه بنقاطه الأمنية، وبروابط القرى وعملائه كيفما يشاء، واستفراده بأفراد المقاومة كما يشاء، ذلك هو انكسار المقاومة.
أما الإجابة عن سؤالنا: “ماذا لو انكسرت المقاومة؟”، فهو بالتفكير المحايد لنتائج مواجهة شاملة بين جمعٍ بشري محدود القدرات والطاقة والموارد.. فإن كانت التقديرات العسكرية تُشير إلى أن عدد أفراد المقاومة في قطاع غزة يتراوح ما بين 30-40 ألفًا، وأن مخزون ترسانتها العسكرية يصل إلى آلاف الصواريخ والطائرات المسيرة والقنابل وقذائف الهاون، في مواجهة قرابة 170 ألفًا من مختلف ألوية وكتائب الجيش “الإسرائيلي”، يضاف لهم نحو 465 ألفا آخرين في الاحتياط[4]، و6 آلاف جندي مرتزق قدموا من مختلف دول العالم[5]، مدججين بخبرات عسكرية متراكمة، وبميزانية عسكرية بلغت 68 مليار شيكل[6]، وبعتادٍ متجدد من دولٍ كبرى تشارك الجيش “الإسرائيلي” أسلحتها وأجهزتها الاستخباراتية والدفاعية لتمكينه من حسم الحرب لصالحه، ما يحولها من مواجهة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، إلى مواجهة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وما تملكه من أنظمة دفاعية وهجومية وتكنولوجيا وقنابل ووسائل إبادة وتدمير.
مع الإشارة إلى أن ظروف المقاومة ذاتها ليست بأقل وطأة من ضخامة العدو الذي تواجهه، فمن الجوع والفقر والبرد والمرض والتشرد والحرمان، واستهداف عائلات بأكملها، وقصف البيوت، وتجريف الممتلكات والمنشآت، وغياب مقومات الحياة الأساسية بشكلٍ كامل، في مقابل جسورٍ برية وجوية عربية ودولية من الأموال والتبرعات والدعم والمساندة المادية واللوجستية والعسكرية والنفسية.
كما أن الإطار الزمني المتعاظم لهذه الحرب يزيد من تعقيدات المقاومة وثباتها، فليست هذه بحرب الأيام الستة، وليس لأفقها من نهاية واضحة، بل هي امتدادٌ لأكثر من 150 يومًا، يتجاوز فيه ما يجري على الأرض مخيال أي مقاتل أو سياسي فلسطيني.
فيما يتضاءل أي رهانٍ على صدمة ومخاوف المجتمع الإسرائيلي، التي يبدو أنه تجاوزها بصدمة السابع من أكتوبر2023، فقد أضحت خسائره البشرية والاقتصادية أمرًا لا مفر منه في سبيل حسمٍ نهائي لمعركةٍ إن لم تٌحسم بنصره، فقد تتجدد بفنائه [7].
كما يتأكد يومًا تلو الآخر أن التعويل على خلافاته الداخلية عبثي، فأمام التهديد الوجودي الذي أصابه في النخاع يبدو التحالف المُر بين الخصوم السياسيين أمرًا لا بد منه، حتى ينقشع غبار المعركة على الأقل.
هذه المؤشرات والتقديرات جميعها، هي جزء من المعقولية والمنطقية، التي راهن عليها العالم أجمع، والتي تجعل توقع نهاية الحرب أو نتائجها ضربًا من التكهن ليس إلا.
هي ذاتها المعقولية والمنطقية التي تقول إن الحد الذي تريد إسرائيل أن تقف عنده، ليس هزيمة المقاومة، أو خسارتها المعركة، أو حتى تراجعها أو انسحابها فحسب، إنما هي نقطة انكسارٍ فلسطيني لا جبر بعده، انكسارٌ يلقي بكل آمال الفلسطينيين بالتحرر والإرادة السياسية المستقلة إلى الهاوية والضياع.
وتكمن نقطة الانعكاس في هذا الفكر المحايد، من أن المقارنة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي مضللة، فرغم تطور المقاومة ومأسستها لأفرادها وتسميتها بالكتائب والألوية إلا أنها ليست بأكثر من جماعات لا يمكن وضعها في ميزان المقارنة مع جيشٍ نظامي.
كما أن السابع من أكتوبر أثبت أن إحدى نقاط تفوق الجيش الإسرائيلي باعتباره متطورًا على الصعيد التكنولوجي، ظهرت كنقطة ضعف لديه، ففيما استثمرت المقاومة في المقاتل وتكتيكات الهجوم والمباغتة، استثمر الجيش الإسرائيلي في المعدات التكنولوجية الحديثة والقدرات الاستخباراتية [8]، ما أضعف مهاراتها الميدانية وتفوق أفرادها في حرب العصابات وشوارع المدن، فكيف بأنفاقها!
وبعيدًا عن التفوق العسكري لجيش الاحتلال جويًا وبحريًا وبريًا، فإن حرب كهذه أصبحت تتمحور حول السيطرة على الميدان لأطول فترةٍ ممكنة، فإن كان جيش الاحتلال قادرًا على التوغل والهجوم ومسح المنطقة المستهدفة بشكلٍ كامل، فإن هناك عددًا من المؤشرات والأنباء التي تؤكد فقدانه القدرة على البقاء في الميدان، الذي يحيله لأن يصبح هدفًا سهلًا للمقاومة.
ناهيك عن سرعة انحسار إنجازه العسكري وسيطرته على المناطق التي ينسحب منها، وهو ما جرى في شمال غزة، حين عادت وحدات حماس المدنية والشرطية لتسيير أمور السكان، إضافةً للرشقات الصاروخية التي خرجت من مناطق أعلن الجيش سيطرته عليها بشكلٍ كامل [9].
هذه المفارقات، مسبوقة بالمؤشرات، تزيد صعوبة تقدير نهاية هذه الحرب، زمنًا، وشكلًا ونتيجةً، وتحول إمكانية حسمها، في ظل ثبات المقاومة على الأرض، لعوامل أخرى إضافية، قد تكون سياسية في دهاليز المفاوضات، أو دولية بفعل الضغط المتزايد على دولة الاحتلال، أو إقليمية بفعل توسع الحرب ودخول أطرافٍ أخرى بها بشكلٍ كامل، أو إنسانية، وقد تكون العوامل جميعها.
“مهما تمادت القوة وانفلتت من عقالها، لا تستطيع حسم معركة وقودها الإنسان”[10].
أمام هذا الحد والمفصل، يدرك الفلسطينيون والإسرائيليون وحلفاؤهم، أن نقطة الانكسار التي يرونها بخروج أفراد المقاومة حفاة عراة مستسلمين، أو أن تخمد نيرانها أو رصاصها، أو سكاكينها، أو حجارتها، عنهم، فذاك باقٍ لا انكسار فيه، باقٍ لأنه جزء من وجود الشعب الفلسطيني، باقٍ لأنه أيضًا رد فعلٍ طبيعي على جرائم المحتل ووجوده على أرضٍ محتلة، وباقٍ لأنه متوارث في عمق الذاكرة الفلسطينية وجينات أفكارها.
باقٍ بحماسٍ وبغيرها، كما بقي بمنظمة التحرير وبما بعدها، باقٍ بقادة المقاومة اليوم وبمن جاء قبلهم وبمن سيأتي بعدهم.
وفي ضوء هذه النتيجة المُدركة أصلًا[11]، تتحول نهاية الحرب من شكلها التقليدي المغلق الذي يتوقف فيه الطرفان عن إطلاق النار، لشكلٍ آخر أكثر استراتيجية، ربما لكليهما، تخوض فيه المقاومة حرب استنزاف مطولة ومتواصلة، ويخوض فيه الاحتلال حربًا طويلة الأمد، يتحول هدف كسر المقاومة فيها من آني إلى استراتيجي المدى، يقوم على خنق قطاع غزة شعبًا ومقاومةً، حصارًا وجوعًا ومرضًا وتشريدًا، والسيطرة على مساحات واسعة من حدوده وتلغيمها، وتقطيع غزة لكنتونات ومناطق، وشن هجمات دورية ومكثفة ومفاجأة، لا تسمح للمقاومة بإعادة ترتيب صفوفها وتطوير أجندتها، ولا للسكان بالتقاط أنفاسهم.
لمثل هذا يدرك الفلسطينيون، أن رفح ليست إلا حلقة جديدة من مسلسل وحشية مستمر، قد تطول الحلقة أو تقصر، يقيس فيها المحتل أهدافه بعدد البيوت المتساقطة وبأعداد القتلى من المدنيين والأطفال، وتقييسه المقاومة باستمرار رشقاتها، بأزيز رصاصها الحاد طلقةً وحيدة تلو الطلقة، وبتقدمٍ سياسي قد تحرزه على طاولة التفاوض والتبادل، ومهما كانت وحدة القياسِ لكلٍ منهما، فإن النتيجة النهائية قد تكون مختلفةً تمامًا.
يُدرك الفلسطينيون أيضًا أن أسوأ السيناريوهات، لن تكون آخرها بالنسبة لهم، وأن حبة قمحٍ وحيدة قد نجت..ستبنت يومًا ولو بعد حين..حقل سنابل..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) باحثة أكاديمية فلسطينية وكاتبة في القضايا الإعلامية الفلسطينية والعربية.
[1] “تحذيرات من تداعيات الهجوم الإسرائيلي المحتمل على رفح”، “الشرق الأوسط”، 10/2/2024: https://2h.ae/CmhZ
[2] “نتنياهو يأمر بالتحضير لإخلاء رفح وتدمير كتائب حماس”، ” DW”، 9/2/2024: https://2h.ae/VqlU
[3] في الحادي عشر من ديسمبر، كشف الجيش الإسرائيلي لـ CNN، تقديراته بوجود أكثر من 30 ألف مقاتل ضمن صفوف حماس قبل السابع من أكتوبر، تضم خمسة ألوية، و24 كتيبة، و140 سرية. للمزيد: ” الجيش الإسرائيلي يكشف لـ CNN تقديراته حول عدد مقاتلي حماس قبل الحرب”، CNN، 11/12/2023: https://2h.ae/lxTP ، فيما كان رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، قد كشف في خطابٍ له نهاية 2019م، عن وجود أكثر من 70 ألف مقاتل في قطاع غزة، من مختلف فصائل المقاومة. للمزيد: “حماس” تعلن لأول مرة عدد المسلحين في غزة وتهدد بضرب تل أبيب على مدار 6 أشهر”. “TRT”، 4/11/2019: https://2h.ae/aRIu
[4] “بالأرقام.. تعرف على إمكانيات ومقومات جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، “الجزيرة”، 10/12/2023: https://2u.pw/EsPCQdB
[5] وفقًا لتقرير نشره موقع الجزيرة نت، 14/12/2023، بعنوان ” كيف يستقطب الجيش “الإسرائيلي” المرتزقة ومزدوجي الجنسية؟”، فبحسب معطيات وزارة الأمن الإسرائيلية ووحدة البحث والمعلومات بالكنيست، بلغ عدد الجنود المتطوعين والمرتزقة في الجيش الإسرائيلي قرابة 6 آلاف جندي، تم تجنيدهم من 70 دولة، وتبلغ نسبة اليهود منهم 20% فقط، بينما 80% أتوا بمفردهم ودون عائلاتهم، مما يعني أن النسبة الأكبر منهم مرتزقة.، حيث يشاركون إلى جانب قوات الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة والمعارك البرية، ويخدم نصفهم في وحدات قتالية، ويتميزون بالشراسة والخطورة في القتال. https://2u.pw/aP3AiJf
[6] وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلم، أنفقت إسرائيل عام 2022، أكثر من 23 مليارا و400 مليون دولار على الجيش والتسليح، أي أنها أنفقت 4.5% من الناتج المحلي على الجيش، وهي عاشر أعلى نسبة إنفاق عسكري في العالم، للمزيد انظر: “بالأرقام.. تعرف على إمكانيات ومقومات جيش الاحتلال الإسرائيلي”، “الجزيرة”، 10/12/2023، https://2u.pw/EsPCQdB ، وكانت ميزانية الجيش لعام 2023 قد أقُرت على مبلغ 59 مليار شيكل، ومبلغ 68 مليار شيكل لعام 2024، حيث وافقت الحكومة الإسرائيلية على تحديد ميزانية الجيش للسنوات الخمس القادمة على أساس 68 مليار شيكل سنوياً، أي بحجم 340 مليار شيكل، أي نحو مائة مليار دولار تقريباً. للمزيد انظر: “رفع ميزانية جيش الاحتلال الإسرائيلي السنوية إلى 68 مليار شيكل”، “العربي الجديد”، 24/2/2023: https://2u.pw/oursQvr ، ثم لم تلبث أن أضافت لها تعديلات بسبب الحرب، والأضرار الاقتصادية والمالية واحتياجات الأمن، شملت تمويلًا إضافية قدره 55 مليار شيكل أي (15 مليار دولار)، للمزيد انظر: “بتمويل إضافي.. الحكومة الإسرائيلية توافق على “ميزانية الحرب”، “الحرة”، “محمد الصياد”، 15/1/2024: https://2u.pw/IadoxqZ
[7] “Israelis, Newly Vulnerable, Remain Traumatized and Mistrustful”, “The New York Times”, “Steven Erlanger”, 17/2/2024: https://2u.pw/sGtQe33
[8]“ أوجه التضليل في المقارنة بين القوة العسكرية الإسرائيلية والفلسطينية”، “مسبار”، “محمود حسن”، 16/2/2024: https://2u.pw/wA5oMmU
[9] “كذّبت مزاعم السيطرة على شمال غزة.. صواريخ المقاومة تواصل دك الاحتلال”، “التلفزيون العربي”، 9/12/2023: https://2u.pw/x7IoSM1
[10] محمود درويش.
[11] “بلينكن أبلغ قادة “إسرائيل” باستحالة القضاء على “حماس” وطرح “حل الدولتين” كخيار بعد انتهاء حرب غزة وأكد تعطل التطبيع.. الإعلام العبري يكشف ما جرى بغرف “تل أبيب” المُغلقة”، “رأي اليوم”، 10/1/2024: https://2u.pw/S9hAC1I