حوّلت المقاومة الفلسطينية بإرادتها القوية الضعف الجغرافي والجيولوجي لقطاع غزة إلى قوة متينة استطاعت توظيفها في خططها الدفاعية والهجومية، وذلك بفعل إستراتيجية الأنفاق والتخطيط والإعداد السليم.
ويُجمع الخبراء العسكريون والجيولوجيون أن قطاع غزة كمنطقة ساحلية منبسطة لا تصلح لأي أعمال عسكرية في ظل انعدام أي مقومات الدفاع، وفي منطقة «ساقطة عسكرياً».
وقال الخبير الأمني والإستراتيجي إبراهيم حبيب: الإرادة الفلسطينية حولت الضعف الجغرافي في قطاع غزة إلى قوة ميدانية تستخدمها في المواجهة العسكرية.
وأضاف لـ«المجتمع»: لا تضاريس يمكن أن تخدم الخطط العسكرية، ولكن المقاومة بإبداعاتها غيّرت الجغرافيا الطبيعية المنبسطة التي لا تصلح للأعمال العسكرية إلى قوة فاعلة ومحركة بشكل أساسي لأي عملية دفاع أو هجوم في المواجهات العسكرية.
إستراتيجية الأنفاق
وعزا حبيب هذا الأمر إلى الأنفاق الممتدة في قطاع غزة التي تصل إلى الأراضي المصرية في رفح، وكذلك الأراضي المحتلة عام 1948م، بحسب ما تم الكشف عنه من مصادر «إسرائيلية».
وأوضح الخبير الأمني أن إستراتيجية الأنفاق شكلت قوة ضاربة للمقاومة الفلسطينية استطاعت من خلالها أن تخلق واقعاً جديداً في المواجهة، وأن تُعجز الجيش «الإسرائيلي» عن تحقيق أهدافه التي كان يسعى لها من خلال الدخول البري في غزة.
وأضاف: حتى الآن وبعد 8 أشهر من القتال، المقاومة ناجحة بامتياز، وأعجزت كل أجهزة الاستخبارات «الإسرائيلية» والعالمية عن الوصول إلى مبتغاها لدى المقاومة الفلسطينية التي لا تزال ممسكة بزمام الأمور وتتحكم بالقيادة والسيطرة.
واستعار حبيب تصريح أحد قادة الاحتلال حينما قال: إن هناك أكاديميات وكليات بحرية، وبرية، وجوية يتدرب فيها جنود الاحتلال، ولكن لا توجد أكاديمية للتدريب للقتال في الأنفاق.
وتابع حبيب: كلية تعنى بالقتال داخل الأنفاق هذه ليست موجودة إلا لدى المقاومة في غزة، وبالتالي هناك خشية حقيقية من الدخول في الأنفاق التي تقوم المقاومة باستدراج الجنود للدخول بها والإيقاع بهم.
وشدد على أن آخر عملية فدائية في هذا الإطار كانت قبل أسبوع، حينما تم استدراج قوة صهيونية داخل أحد الأنفاق في جباليا شمالي قطاع غزة بعد معلومات استخباراتية مضللة، ونجحت في إيقاع هذه القوة بين أسير وقتيل وجريح، وسحب أفرادها إلى داخل النفق المعد لها مسبقاً.
وقال: الأمر نفسه ينطبق على مدينة رفح الحدودية جنوبي قطاع غزة التي تتعرض لتوغل منذ أسبوعين، وهي متشابهة إلى حد ما لجغرافية مدينة خان يونس، وإن كانت المنطقة الشرقية في خان يونس الأكثر ارتفاعاً على مستوى قطاع غزة.
وأوضح أن رفح كمدينة حدودية يبلغ مساحتها حوالي 5 كيلومترات مربعة، تمتد حدودها مع مصر حوالي 15 كم، لديها خط طويل للحدود مع الأراضي المحتلة عام 1948م شرقاً، وفيها معبران؛ رفح، وكرم أبو سالم، وتطل على البحر المتوسط في الزاوية الجنوبية الغربية لقطاع غزة بساحل ضيق 4 كم لكنه إستراتيجي بحكم موقعه.