صادق مجلس النواب الأمريكي، اليوم الأربعاء، على مشروع قانون يهدف إلى معاقبة المحكمة الجنائية الدولية لإصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، ووزير حربه يوآف غالات، بتهمة ارتكابهما «جرائم حرب».
وينص مشروع القانون الذي قدمه الجمهوري تشيب روي وأيده 247 عضواً في الكونجرس، مقابل معارضة 155، على فرض عقوبات على الأفراد «المشاركين في أي جهود للتحقيق أو اعتقال أو احتجاز أو محاكمة أي شخص محمي من قبل الولايات المتحدة وحلفائها»، وتشمل العقوبات حظر المعاملات العقارية الأمريكية وحظر وإلغاء التأشيرات، بحسب ما نشر موقع «سي إن إن».
في السياق، قال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، في بيان: تقف الولايات المتحدة بحزم إلى جانب «إسرائيل»، وترفض السماح للبيروقراطيين الدوليين بإصدار أوامر اعتقال لا أساس لها للقيادة «الإسرائيلية» بتهمة ارتكاب جرائم كاذبة.
ومن غير المتوقع طرح مشروع القانون للتصويت في مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه رفاق بايدن الديمقراطيون بفارق ضئيل، وفق «رويترز».
موقف البيت الأبيض
ورغم انتقاد البيت الأبيض للمحكمة الجنائية، ووصف بايدن طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو بأنه أمر «مشين»، فإن إدارته قالت، في بيان يوم الإثنين الماضي: إنها «تعارض بشدة» مشروع القانون الذي يفرض عقوبات على المحكمة.
واعتبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، الأسبوع الماضي، أن العقوبات ليست «النهج الصحيح».
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر هذه السياسة حين قال للصحفيين قبل التصويت على القانون في مجلس النواب: موقفنا كإدارة هو أننا لا نؤيد العقوبات، ولا نعتقد أنها مناسبة في هذا الوقت.
وكان نتنياهو قد أعرب عن خيبة أمله من رفض إدارة الرئيس الأمريكي بايدن فرض إجراءات عقابية بحق المحكمة الجنائية الدولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».
جريمة ضد العدالة
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قال في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، الأسبوع الماضي: إن المحكمة تسعى لطلب إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت؛ بتهم ارتكاب «جرائم حرب» فيما يتعلق بالهجوم على غزة.
وأشار إلى أن تخويف موظفي النيابة العامة أو الانتقام منهم سيكون بمثابة عرقلة للعدالة.
ويمثل الطلب المرة الأولى التي تسعى فيها المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة حليف رئيس للولايات المتحدة، وفقاً لموقع «أكسيوس» الأمريكي.
وتحظر المادة (70) من نظام روما الأساسي «إعاقة أو تخويف أو التأثير بشكل فاسد» على أعضاء المحكمة في محاولة لإقناعهم إمّا بأداء واجباتهم بشكل غير لائق أو عدم القيام بها على الإطلاق، ويحظر هذا النص من بين أمور أخرى، الانتقام بسبب أداء الواجبات وكذلك رشوة موظفي المحكمة، وفق موقع «يورو نيوز».
من جهته، أعرب المدعي العام الأسبق للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو عن صدمته من قرار مجلس النواب الأمريكي تجاه المحكمة.
وقال أوكامبو، في مقابلة لـ«الجزيرة مباشر»: أنا أشعر بالصدمة حينما يقوم مجلس نواب في بلد ديمقراطي بالتدخل في العدالة الدولية، هذا أمر يعد جريمة في حق سير العدالة.
وأضاف أوكامبو: في حقيقة الأمر، الرئيس السابق ترمب تعرض للمحاكمة البرلمانية لتدخله في العدالة، فكيف يمكن للولايات المتحدة أن تفكر بالتدخل في عمل المدعي العام للمحكمة الدولية الذي يقوم بمهامه ويمارس واجباته.
وكتب الباحث في الفكر السياسي والعلاقات الدولية جلال الورغي، عبر حسابه على «إكس»: المشرعون في الولايات المتحدة الأمريكية يقررون معاقبة الجنائية الدولية من أجل فسح المجال لـ«إسرائيل» المارقة لأن تواصل جرائمها ومجازرها دون ملاحقة ولا محاسبة.
وأضاف: تشكل واشنطن و«تل أبيب» محور الدول المارقة.
إبادة جماعية مستمرة في غزة
في السياق، أدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بشدة استمرار العجز الدولي غير المبرر عن وقف جريمة الإبادة الجماعية ضد أهل قطاع غزة، محملاً الاحتلال وشركاءه الذين يدعمونه عسكرياً وسياسياً ويبررون جرائمه الفظيعة، وفي مقدمتهم أمريكا وألمانيا وبريطانيا، المسؤولية الكاملة عن كل هذه الجرائم.
وطالب بالإسراع في الإجراءات القانونية لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، بحيث تكفل وقف هذا العدوان ومحاسبة القادة الصهاينة كمجرمي حرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية، داعياً إلى تعزيز مقاطعة الاحتلال سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً، وفرض العقوبات عليه.
ويواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي بمساندة أمريكية، مخلفاً أكثر من 36 ألفاً و550 شهيداً، وإصابة 82 ألفاً و959 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.