يقضي الطلاب في مختلف المراحل الدراسية إجازة صيفية طويلة تمتد إلى 3 أو 4 شهور، وقد تصل إلى 5 شهور في بعض البلدان، بالنسبة لطلاب المرحلة الابتدائية الذين أنهوا امتحانات العام الدراسي مبكراً؛ ما يضع الكثير من التحديات أمام الأسرة لشغل أوقات فراغ الأبناء، وتوظيف أوقاتهم بشكل جيد.
ومن المؤكد أن أفضل استثمار للوالدين، هو تطوير قدرات الأبناء وتنمية مهاراتهم، والنهوض بهم بدنياً ونفسياً وذهنياً وتربوياً ودينياً وخلقياً وثقافياً، بما يصنع منهم نماذج ناجحة في شتى المجالات، ويمنح المجتمع جيلاً واعداً يدافع عن الهوية والانتماء، ويكون حصناً لدينه ووطنه.
هذه السطور تقدم لك أبرز 10 أفكار يمكن أن تكون خارطة طريق لابنك أو ابنتك، خلال فصل الصيف، وقد روعي فيها الجمع بين الوعي والترفيه، إضافة إلى تنوع الأنشطة وثراء نتائجها، بمشيئة الله، بما يرضي كافة الأذواق.
أولاً: تعد الرياضة قاسماً مشتركاً يجمع الصغار والمراهقين، وهو خيار محبب لدى الأغلبية، ومن المحبذ تفريغ طاقة الأبناء في تعلم رياضة ما، أو ممارسة لعبة ما، مع تجنب البقاء في خانة المشاهدين والمشجعين فقط، بل يجب أن تضع الأسرة هدفاً لابنها، وفق ميوله، مثلاً أن يكون سباحاً، أو فارساً، أو عداء، أو لاعب كرة قدم، أو لاعب كاراتيه، أو لاعب تنس، وغير ذلك من ألعاب تنمي لياقته البدنية، وتعلمه الصبر والمثابرة والتخطيط للنجاح والإنجاز.
ثانياً: السفر والخروج في رحلات سواء في داخل البلد أو خارجه، بهدف التعرف على تاريخ وجغرافيا الوطن، والتجول بين مناطقه ومحافظاته، ومشاهدة معالمه السياحية، أو السفر إلى الخارج؛ للاطلاع على ثقافة دولة ما، والاحتكاك بشعب من شعوب الله في الأرض، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13).
وليكن ضمن خطط الأسرة، إذا كان في مقدورها، أن تخصص وجهتها السياحية في كل عام نحو بلد عربي أو مسلم ما، أو أوروبي، مع الالتزام بالضوابط الشرعية في ذلك، وتجنب ما يحدث في الجولات السياحية من تجاوزات مخالفة للشرع.
ثالثاً: تزيين الحدائق، أو تأسيس حديقة خاصة بالمنزل، وتزيين ساحة البيت بالأشجار، وزراعة الورود في شرفة المنزل، بما يعلم الصغير طرق الزراعة والري، وقدرة الله في رعاية النباتات، وكيف تنمو وتزدهر، وتفتح أوراقها لتظلل الصغير والكبير، وليكن الهدف خلال الإجازة الصيفية زراعة شجرة كبيرة أمام المنزل، أو المشاركة مع أطفال الحي في تشجير المنطقة، وحرم المسجد القريب، وتخضير المساحات المحيطة بالحي، وهو نشاط جيد ومحبب للأطفال في سن صغيرة.
رابعاً: جمع صور العائلة والأقارب والأصدقاء، وعمل ألبوم للذكريات يغطي جميع مراحل الأبناء منذ ولادتهم، مع الجمع بين الصور الفوتوغرافية، والمقاطع المرئية من ذاكرة الهواتف الذكية ووسائل التواصل، وعمل أرشيف لكل طفل يمثل له ذاكرة حية، سيكون من الممتع العودة إليها في الكبر، لمشاهده نفسه وهو طفل، ومراهق، وشاب، وهو نشاط سيثري ذاكرته وينمي لديه الارتباط بأهله وأسرته.
خامساً: القراءة الثرية في مختلف المعارف والعلوم، وزيارة المكتبات العامة، ومكتبات الطفل، أو بنوك المعرفة المتوافرة على شبكة الإنترنت، كل حسب مرحلته السنية، بما يوفر له الاطلاع على الكتب المفضلة لديه، وخاصة القصص والروايات، وكتب التاريخ والسير، بما يغرس لديه حب الوطن، والاعتزاز بهويته وجذوره، ويشكل لديه حدساً عالياً بقضايا الأمة، ومعاركها، وأبطالها، والمراحل المفصلية في تاريخها.
سادساً: كتابة المذكرات الشخصية، وتدوين اليوميات، أو الكتابة بشكل عام في فنون المقال والقصة والشعر وغيره، أو التعبير عما يراه ويجول بخاطره، خاصة إذا كان لدى الابن أو الابنة متعة في ذلك، بما يثريه ثقافياً ولغوياً، ويزيد من حصيلته الفكرية والعلمية، فقد يكون كاتباً موهوباً، أو صحفياً متمرساً، أو شاعراً فحلاً.
سابعاً: زيارة الأصدقاء والأقارب، والخروج معهم في أنشطة متنوعة، واللهو معهم، وتنظيم المسابقات فيما بينهم، والمشاركة في رحلة أو معسكر ترفيهي، مثلاً رحلة صيد، أو نزهة على الشاطئ، أو حفل سمر، بما يقوي اللحمة فيما بينهم، ويزيل الإحباط والتوتر، وشوائب الإرهاق النفسي والذهني.
ثامناً: الانضمام إلى عمل تطوعي أو المشاركة في نشاط خيري، تقيمه الجمعيات الخيرية، وبنوك الوقت، وحفظ النعمة، وغيرها من مؤسسات فاعلة في مجالات العمل الإنساني والإغاثي، مثلاً المشاركة في إعداد قافلة مساعدات إنسانية لسكان قطاع غزة، أو جمع المساعدات للأيتام والفقراء والمحتاجين.
تاسعاً: ممارسة عمل ما خلال فصل الصيف، وتعلم حرفة ما، ويمكن في هذا الإطار التنقل بين أكثر من مصنع وشركة وورشة لمعرفة طرق التصنيع والابتكار، والاطلاع على عالم الصناعة والتجارة عن قرب، مع الاستفادة من خبرات العاملين في هذه القطاعات، مع الحرص على التطور الذاتي من خلال الحصول على دورات تدريبية في تخصص ما.
عاشراً: أن يكون للابن والابنة حظ من كتاب الله تعالى وسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيخصص وقتاً لحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ومن المحبذ، مع طول فترة الإجازة الصيفية، أن يخرج حافظاً لكتاب الله، أو نصفه، أو ثلثه، المهم أن يضع هدفاً له نصب عينيه، فيخرج رابحاً فائزاً غانماً من عطلته السنوية.