خلال المهرجان الذي أقامته جماعة الإخوان المسلمون في الأردن في محافظة الكرك، مساء 21 يونيو 2024م، بعنوان «”لن نترك غزة وحدها»، توعد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالأردن الشيخ مراد عضايلة دولة الاحتلال «الإسرائيلي» بـ«معركة كرامة ثانية».
وحذر الصهاينة من أن جيش الأردن والعشائر جاهزون لمعركة كرامة ثانية مع الاحتلال، في إشارة لـ«معركة الكرامة» الأولى عام 1968م حين هزم الجيش الأردني وفصائل المقاومة الفلسطينية جيش الاحتلال خلال محاولته احتلال جزء من أرض الأردن.
وقال الشيخ العضايلة: في الأردن جيش وشعب تواقان لمعركة التحرير، سنقطع أيديكم إذا فكرتم بالمساس بأمن واستقرار الأردن.
العضايلة خاطب الوزيرين الصهيونيين المتطرفين سموتريتش، وبن غفير قائلاً: «قدركم الإخوان المسلمون وقدر الاحتلال على أرض فلسطين، والأردن مستعد لمعركة كرامة ثانية».
https://x.com/muradadaileh/status/1804274941635801181
لماذا معركة كرامة ثانية؟
تهديد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة دولة الاحتلال الصهيوني بـ«معركة كرامة ثانية» أثار تساؤلات حول: لماذا معركة كرامة ثانية؟ وهل هو مجرد خطب حماسية، أم أن الأجواء العامة في الأردن طرحت ذلك في سياق تكاتف السلطة والشعب ضد العدوان الصهيوني على غزة؟ حيث قال: إن «في هذا البلد جيش وشعب وسيلتحمان في معركة التحرير والأقصى القادمة».
وكانت قد جرت «معركة الكرامة» الأولى في 21 مارس 1968م على الأراضي الأردنية بين جيش الاحتلال «الإسرائيلي» من جهة، والجيش الأردني والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى، وانتصر فيها الجيش الأردني وفصائل المقاومة الفلسطينية.
وكانت هذه المعركة قد جرت بعد أقل من عام على وقوع «نكسة» يونيو 1967م، واحتلال الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وجنوب لبنان وهضبة الجولان السورية، واستمرت نحو 15 ساعة.
هذه المعركة جاءت بعد تزايد قوة الفصائل الفلسطينية، وتحول الأردن إلى نقطة انطلاق لتنفيذ عملياتها ضد الاحتلال الصهيوني، كانت سبباً رئيساً في تأجيج غضب العدو وجعله يفكر ليس في القضاء على تلك الفصائل فقط، بل محاولة احتلال أراض أردنية.
وقد تصور الاحتلال حينئذ أنه قادر على ضرب المقاومة الفلسطينية والأردن استكمال لجرائمه في 5 يونيو 1967م، لكن الجيش الأردني التحم مع الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ليقلب المعادلة وتهرب قوات الاحتلال؛ لذا يهددهم العضايلة بمعركة كرامة ثانية؛ أي هزيمة ثانية.
وأخذت المعركة اسمها من بلدة «الكرامة» الأردنية الموجودة قرب الحدود الفلسطينية شرقي نهر الأردن، قريباً من جسر الملك حسين، وهو نقطة عبور فوق النهر الفاصل بين الأردن وفلسطين.
وكان العضايلة دعا عقب بدء العدوان الصهيوني على غزة انتقاماً من هزيمة «طوفان الأقصى»، في 7 أكتوبر 2023م، إلى أن يكون هناك ظهير للجيش الأردني، واعتبره مطلباً أساسياً للشارع بإعادة خدمة العلم وتأسيس جيش شعبي رديف.
وقال العضايلة، في حديثه لإذاعة «حسنى»، في 23 أكتوبر 2023م: نحن بحاجة لخطوات لتعزيز الجبهة الداخلية، وعلى الحكومة أن تديم خطوط التواصل لبناء هذه الجبهة القوية ليكون الرديف الحقيقي والسند والكتف للفلسطينيين في مراحل نضالهم كافة.
ويرى العضايلة أن المنطقة أمام تحول إستراتيجي في ظل انجراف دولي واسع لإسناد «إسرائيل» وإدارة المعركة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على الأرض، مضيفاً أن هناك محاولات لتعديلات إقليمية وإستراتيجية تتضمن خطة تهجير واسعة النطاق للفلسطينيين إلى سيناء والأردن.
وبحسب العضايلة، فإن الأردن اليوم عليه أن يواجه هذا المخطط على أعلى المستويات، لذا دعا الحكومة إلى استيعاب الشباب الغاضب الراغب بإيصال المظاهرات والفعاليات إلى الحدود عبر تأسيس جيش شعبي رديف يكون مسانداً للحكومة والجيش في وقت الأزمات والحرب.
وقال العضايلة: إن الكيان المحتل عمل على تجنيد نحو 400 ألف مستوطن بأسلحة وعتاد، مستوعباً الخوف الذي يدب في قلوبهم بعد معركة «طوفان الأقصى».
ووجه العضايلة بخطابه، في 21 يونيو 2024م، تحية خاصة لقادة حركة «حماس» يحيى السنوار، ومحمد الضيف، وكان خطابه في مدينة الكرك مفعماً بالرسائل السياسية التصعيدية التي تركز على الصراع المفتوح بين الكيان «الإسرائيلي» والأردنيين جيشاً وشعباً.
العشائر وكسر الحصار
كان المهم أيضاً في رسالة العضايلة لأبناء العشائر في المملكة قوله: إن «إسرائيل» تقطع المياه والدواء والطعام عن أهل غزة، وعلى العشائر الأردنية أن تتحرك للمساندة ومنع المجاعة.
ورغم أن العضايلة لم يتحدث عن آلية لهذا المقترح، فإنه خاطب الحمية العشائرية للأردنيين عندما قال: «يا عشائر الأردن، أفرغوا قدوركم في قدر غزة فلطالما كنتم السند، فكونوا السند ولا تتركوا أهل غزة مع المجاعة».
وعلى حين يرى مراقبون أن تصريحات مراقب الإخوان بشأن «معركة كرامة ثانية» وتحرك العشائر لدعم غزة ومنع المجاعة، تشكل إسناداً قوياً من الجماعة الكبيرة في الأردن للنظام في الأردن والملك بسبب التهديد «الإسرائيلية»، وتشجعه على خرق الحصار «الإسرائيلي» على غزة وسياسة التجويع.
ويعتبر آخرون أن تهديدات الإخوان لـ«إسرائيل» ربما تشكل إحراجاً للنظام والملك للتحرك نحو مزيد من الدعم لغزة والضغط على الاحتلال ومقاطعة الدولة العبرية بعدما أثيرت أنباء عن مد الأردن للاحتلال بالخضراوات وخاصة البندورة، بعد عرقلة الحوثيين في اليمن وصول سفن بضائع لـ«إسرائيل».