تعد المؤسسات الدينية والشبابية جناحا الخلاص من الواقع الأليم الذي تحياه الأمة الإسلامية، من تخلف وفرقة وتشرذم وضعف على صعد عدة، بالنظر إلى ما يمثله الشباب من أمل، ورافعة تقدم ونهضة، إذا جرى توظيفها على الوجه الأمثل.
ويجمع الخبراء والمختصون على أن التعاون بين جميع مؤسسات المجتمع يمثل حصناً لحماية الشباب من براثن الانحلال والتطرف والمخدرات والشذوذ، مؤكدين ضرورة العمل على بلورة إستراتيجية متكاملة لتحقيق التكامل بين أدوار المؤسسات الدينية والشبابية، بما ينعكس على المردود المنتظرة من الأجيال الجديدة.
منتدى الشباب
يؤكد المستشار عبدالفتاح سليمان، الأمين العام للاتحاد العالمي للمدارس العربية الإسلامية الدولية، أن الشباب العربي والمسلم عصب اهتمام الاتحاد باعتباره عضواً في منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة، وتضم بين لجانها «منتدى الشباب»، ولهذا يتم التعاون والتنسيق المستمر لتشخيص المشكلات التي تواجه الشباب ووضع حلول عملية لها.
تقييم مناهج التعليم ورصد أي محاولات لاختراقها
يتابع في حديثه لـ«المجتمع»: مثلاً على مستوى القارة الأفريقية التي تعاني من مشكلات كثيرة بسبب انتشار ثالوث الفقر والجهل والمرض، لدينا خطة طموحة منذ سنوات لمحاربة هذا الثالوث، إضافة إلى مواجهة محاولات طمس الهوية الدينية من خلال حملات التنصير التي تقدم الخدمات الإنسانية مقابل تغيير الدين أو زعزعة العقيدة.
ويشير إلى أن اتحاد المدارس له علاقة وثيقة وتعاون مثمر برابطة الجامعات الإسلامية حيث يتم تنظيم لقاءات مشتركة لتفعيل التكامل بين مسؤولي المدارس والجامعات لرفع الوعي الكامل بمضمون هذه المناهج والتقييم المستمر لها، ورصد أي محاولات لاختراقها، وفي الوقت نفسه نعمل على تحصين شبابنا من خلال برامج قوية لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية ونشر الوعي بالسُّنة النبوية لمواجهة موجة العولمة والتغريب، بل إن الاتحاد وضع مناهج اللغة العربية في بعض الدول مثل جزر القمر وغيرها.
ويضيف أن هناك اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز تعليم اللغة العربية في الدول الآسيوية غير الناطقة بالعربية مثل إندونيسيا وماليزيا والهند وباكستان وغيرها، حيث يتم إعداد معلمين ومعلمات من خلال التعاون مع خريجي الأزهر والجامعات الإسلامية من أبناء تلك البلاد الذين نحولهم إلى سفراء للقرآن الكريم واللغة العربية، إضافة إلى تبني فكرة الكتاتيب العصرية، حيث يتم استخدام الكمبيوتر والإنترنت لتحفيظ القرآن وتعليم لغته مع التركيز على دول الأقليات الإسلامية ومناطق الصراع والحروب للمحافظة على هوية أطفالها وشبابها.
تخريج سفراء ودعاة للقرآن الكريم واللغة العربية
تواصل دبلوماسي
وترى د. نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، أهمية تعميق التواصل والشراكات بين المؤسسات الدينية والشبابية، خاصة بين الأزهر الشريف، ووزارات الشباب والرياضة في الدول العربية والإسلامية، بهدف التأكيد على تأصيل الهوية الإسلامية والعربية من خلال تعزيز تواجد الشباب على الساحة الدولية، وتحسين التمثيل المشرف للنماذج الشبابية في المحافل الشبابية الإقليمية والعالمية، والتفاعل مع الإستراتيجية الوطنية للشباب والنشء والمواطنة والمشاركة السياسية والدولية، وتبادل التجارب وحوكمة برامج التبادل الشبابية وتعزيز الدبلوماسية الشبابية.
وتضيف أن هناك أكثر من 50 ألف طالب يدرسون بالأزهر من مختلف قارات العالم؛ وهو ما يمثل منصة لتعليم العربية ليكونوا خير سفراء للوسطية الأزهرية في بلادهم من خلال الجمع بين «الأصالة» ممثلة في الوعي بتراث الأمة، و«المعاصرة» ممثلة في الإلمام بمستجدات العصر العلمية.
الزواج السعيد
أما د. عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، مدير مركز الإرشاد الزوجي، فيلفت الانتباه إلى إعداد برنامج لإعداد المفتين الشباب في مختلف الدول الإسلامية، والتواصل مع الشباب المسلم والرد على تساؤلاتهم بمختلف اللغات، فضلاً عن توقيع اتفاقيات تعاون مع مختلف المؤسسات الشبابية.
برنامج لإعداد المفتين الشباب في الدول الإسلامية
ويضيف: من خلال استشعارنا لكثرة حالات الطلاق والمشكلات الزوجية وانتشار العنوسة، فكرت دار الإفتاء قبل عشر سنوات أن يكون لها دور إيجابي في حل هذه المشكلات من خلال إطلاق برنامج تأهيل المقبلين على الزواج من الجنسين، وإعداد دورات مستمرة لهم سواء من خلال الحضور المباشر أو من خلال المستحدثات العصرية لتأهيلهم لبناء حياة زوجية أساسها المودة والسكن والتفاهم.
ويضيف أن دار الإفتاء تربطها اتفاقية تعاون مع وزارة الشباب المصرية للتواصل بين علماء الدين والشباب والفتيات سواء في مراكز الشباب بالمدن والقرى، وتتضمن الدورات واللقاءات العديد من المحاور «شرعية، طبية، إدارة الأسرة، اقتصادية، اجتماعية، نفسية»، ويتم تقديم ذلك خلال 24 ساعة تدريبية لمدة 6 أسابيع، وهي تجربة نطمح في نقلها على دول أخرى.
بينما يؤكد د. رضا عبده، مدير مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالقاهرة، أن الندوة منذ إنشائها عام 1972م تتعاون مع كل المؤسسات الإسلامية والوسطية في العالم سواء في دول الأغلبية أو الأقلية وعلى رأسها الأزهر الشريف؛ لحماية شباب الأمة من الانحلال الأخلاقي والتطرف والإلحاد، ورعاية الطلاب الوافدين مادياً وفكرياً ليكونوا سفراء للدعوة والتنمية في بلادهم.
اتفاقيات تعاون بين دور الإفتاء والمؤسسات الشبابية
وأوضح أن الندوة لديها مقار في أكثر من 50 دولة، ولها اتفاقيات تعاون مع وزارات الأوقاف ودور الإفتاء والجمعيات الخيرية التي تهتم برعاية حفظة القرآن والطلاب وتوفير فرص العمل الدعوي والخيري لأبناء المسلمين وخاصة في القارة الأفريقية ومناطق الصراعات لحماية شبابنا من الضياع والانحراف.