المؤرخ الفلسطيني عبدالقادر ياسين، مؤسس الجبهة العربية الداعمة للمقاومة الفلسطينية منذ العام 2008م، أحد أبرز أصوات التوعية بالقضية الفلسطينية بلسانها أبنائها، عبر أكثر من 30 كتاباً، وعلى مدار عام منذ انطلاق معركة «طوفان الأقصى»، في 7 أكتوبر 2023م، كان لسان القضية والمقاومة في العديد من الفعاليات الداعمة في القاهرة.
تعد كتبه من المرجعيات في التأريخ للقضية الفلسطينية، ومنها: «كفاح الشعب الفلسطيني حتى عام 1948»، و«الحركة الوطنية الفلسطينية 1948-1970»، و«شبهات حول الثورة الفلسطينية»، و«أزمة فتح»، و«التشكيلات المؤازرة للمقاومة الفلسطينية في مصر.. دراسة في ثلاثة نماذج».
365 يوماً أعادت طرح القضية الفلسطينية على نحو صحيح يعجل بزوال الكيان الغاصب
وفي حواره مع «المجتمع»، أكد المفكر الفلسطيني الثمانيني أنه يبصر على المدى الإستراتيجي زوال دولة الاحتلال الصهيوني، مشدداً على أنه لا يوجد تحرير بلا ثمن، مثمناً صمود الشعب الفلسطيني، والنجاحات التي تحققها المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد العسكري، رغم حرب الإبادة الصهيونية الشاملة.
بعد عام من «طوفان الأقصى»، كيف ترى موقع القضية الفلسطينية؟
– في اعتقادي، أن عملية «طوفان الأقصى» أعادت طرح القضية الفلسطينية، على نحو صحيح من جديد، وهذا الطرح يعني أن نهاية الكيان الصهيوني قد بدأت، خاصة بعد هذه التطورات التي نراها على جميع محاور المقاومة والتصدي، خلال نحو العام، التي تعزز من قرب هذه النهاية.
ذلك التصعيد المستمر، والتوحش الصهيوني والرغبة في إبادة الشعب الفلسطيني، لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني، وسيزيد جبهات المقاومة شراسة وصمود.
طالما هناك احتلال فهناك مقاومة مسلحة.. والتوحش الصهيوني لن يكسر الفلسطينيين
البعض يزعم أن فلسطين لم تكن بحاجة لهذه المعركة بسبب توحش العدوان الحالي، ما رأيكم؟
– العدوان لم يتوقف منذ بدء الاحتلال، ولكنه الآن عدوان مجنون، ولقد جرحت عملية «طوفان الأقصى» الكيان الغاصب جرحاً عميقاً، ولذلك يزيد من عدوانه ضد الشعب الفلسطيني، بعدما سرق بيوتهم وأراضيهم.
أكثر من 150 ألف شهيد وجريح، هل كان هناك ثمن أقل في سبيل التحرير الكامل وحق العودة؟
– ما من بلد تحرر، عبر التاريخ، وإلا ودفع ثمناً غالياً، من دماء شعبه وقادته وآخرهم القائد أبو العبد إسماعيل هنية.
ولا توجد «حلاوة دون نار»، ولن يفت في عضد الشعب والمقاومة ما حدث وسيحدث، فالرؤية باتت واضحة، والجميع رأى إصرار الكيان الصهيوني على الإبادة، وعهد الجميع أن يستمر الكفاح ضد مغتصبي وطننا حتى النصر.
نحن إزاء بداية لحرب إقليمية مع العدو.. والعام القادم معقد ويتطلب قراءة معمقة
وحق العودة لن يتم بقرارات الأمم المتحدة أو بحسن أخلاق الصهاينة، والرجوع لن يتم إلا بإقرار التحرير الكامل، وبالتالي يمكن القول: إن التحرير والعودة رفيقان، ومعركة «طوفان الأقصى» يمكن تأريخها على أنها بداية التحرير الكامل.
ما تقييمك لتوسع جبهات المقاومة المسلحة المساندة لغزة على مدار العام؟
– هذه بداية حقيقية لحرب إقليمية مع العدو الصهيوني، قد تتدخل فيها دول عربية غير متواطئة مع العدو، إلى جانب المقاومة الفلسطينية.
وطالما هناك احتلال، فهناك مقاومة مسلحة، وخط المقاومة آخذ في الصعود، وسيتوسع، ولا يفل الحديد إلا الحديد.
لقد كانت «طوفان الأقصى» عملية عسكرية غير مسبوقة في التاريخ الحربي ويجب أن تدخل في العلم العسكري، حيث سجلت المقاومة الفلسطينية إنجازات مذهلة، خاصة أنها حرب عصابات ومعركة من جيش غير نظامي على عكس جيش مصر النظامي الذي سطر بعبوره في انتصار 6 أكتوبر 1973، ملحمة أخرى، ولكن مرتبطة باسمه كجيش نظامي.
ما من بلد تحرر عبر التاريخ إلا ودفع ثمناً غالياً.. ولا يوجد «حلاوة بلا نار»
كيف ترى فشل مشروع التهجير القسري للفلسطينيين على مدار العام الماضي؟
– لم يحقق المشروع أهدافه، وفشل فشلاً كبيراً، وأؤكد ما قلته منذ بدء المعركة أن الفلسطينيين عندهم حصانة من مسألة التهجير، ويمكن أن يقتلوا فوق أرضهم ولن يهجروا، لن يذهب أحد من غزة إلى مصر أو إلى مكان آخر.
والتاريخ يذكرنا بأن المخاوف من التهجير القسري إلى سيناء بدأت منذ يونيو 1953م عندما طرحت الولايات المتحدة الأمريكية مشروعاً لتهجير الفلسطينيين إلى منطقة قرب مدينة بور فؤاد على مساحة 50 ألف فدان، وهذا المشروع أسقطناه من قطاع غزة بانتفاضة امتدت من 1 – 3 مارس 1955م، ولم تتوقف إلا بعد وعد من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر برفض المشروع برمته.
هل نجحت السردية الفلسطينية في فرض كلمتها خلال هذا العام؟
– هناك تحول ملحوظ وشديد ومطرد، في الرأي العام الغربي، بين الشعوب الغربية الحرة، لصالح السردية الفلسطينية وحقائق قضيتنا، وهو أمر مهم ومكسب إستراتيجي، نعول عليه على المدى الطويل، بعيداً عن معظم الحكومات الغربية الحالية التي تقف مع الكيان الصهيوني ظالماً أو ظالماً.
المقاطعة الاقتصادية جزء من المعركة المفتوحة على كافة الجبهات
أما الشعوب العربية، فهي مغلوبة على أمرها، لأسباب لا تخفى على القارئ اللبيب، ولكنها استطاعت أن تعبر عن نفسها، وتعاطفها الأكيد، الذي يعرفه الشعب الفلسطيني جيداً.
كيف ترى تأثير المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني بين الشعوب العربية؟
– المقاطعة جزء من معركة مستمرة، يجب أن تكون على كافة الجبهات، والمقاطعون هم بمثابة جنود على الجبهة الاقتصادية في مواجهة العدو، ولقد رصدت بعض تأثيرها في القاهرة، وأتمنى أن تشهد توسعاً على خط الدول العربية جميعاً، فيجب ألا يلفنا صمت القبور.
ما رسالتك للشعب الفلسطيني بعد عام على صموده المذهل؟
– أنتم شعب حي، وسائر في طريق النضال، مهما كانت التضحيات، ويوم بعد يوم، تتصاعد مقاومة أبنائه، ورغم ضخامة الأثمان، تكتبون بداية النهاية للكيان الصهيوني.
كيف ترى العام الجديد من «طوفان الأقصى» في ظل الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة؟
– قد يكون العام القادم أكثر تعقيداً، ويحتاج إلى قراءة جديدة معمقة، خاصة بعد الضربة الإلكترونية التي وجهت إلى «حزب الله» ولبنان في الفترة الأخيرة.