تتسارع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، مع تكشف معلومات جديدة حول الأهداف التي وضعها الكيان الصهيوني لهجومه المرتقب على إيران، حيث ذكرت «القناة الـ12» العبرية تفاصيل تشير إلى نية «تل أبيب» استهداف مواقع حيوية في طهران، وهو ما قابله تأكيدات إيرانية قوية بالرد على أي هجوم.
يتناول هذا التقرير التصعيد العسكري المحتمل، وردود الفعل الإيرانية، وأبعاد الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال في هذا السياق.
أهداف حساسة
كشفت التقارير الصهيونية عن قائمة من الأهداف التي قد تشمل منشآت نفطية إيرانية، والمجمع الرئاسي، ومقر المرشد الإيراني علي خامنئي، فضلاً عن مقار الحرس الثوري في طهران.
وتأتي هذه الأهداف ضمن إستراتيجية «إسرائيلية» تدرس أيضاً استهداف أهداف عسكرية رمزية، مثل القاعدة العسكرية التي انطلقت منها الصواريخ التي استهدفت دولة الاحتلال مؤخرًا، وفق تقرير نقله موقع «الجزيرة نت» عن «القناة الـ12» العبرية.
التوقيت والدعم الأمريكي
وأوضح التقرير أن قرار الرد على إيران اتخذ بالفعل في الكيان الصهيوني، مع استمرار المناقشات حول طريقة الهجوم وتوقيته، مشيراً إلى أن «إسرائيل» تفضل التريث للحصول على الدعم الأمريكي؛ مما يدل على رغبتها في شن هجوم كبير ومنسق.
في هذا السياق، أكد مسؤولون «إسرائيليون» أن جميع الخيارات مطروحة، بما في ذلك الهجوم المباشر على طهران أو استهداف مصالحها في المنطقة.
حالة التأهب في الجبهات
من جهتها، نقلت صحيفة «يسرائيل هاليوم» عن جيش الاحتلال تصريحات تفيد بأن دولة الاحتلال في حالة مواجهة مباشرة مع إيران وأن التأهب يسود جميع الجبهات.
وأشارت الصحيفة، وفق موقع «الجزيرة نت»، إلى أن الرد على إيران قد لا يمنع هجوماً آخر، لكنه سيسهم في تحقيق «الردع».
وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو أن «إسرائيل» لن تقبل أي هجمات جديدة، وأنها سترد بشكل حاسم.
فيما أفاد أكثر من 6 مسؤولين سابقين من الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، ممن لديهم خبرة في المجالات العسكرية والاستخباراتية والدبلوماسية، خلال مقابلات مع «رويترز»، أن «إسرائيل» من غير المرجح أن تستهدف المنشآت النفطية التي تعزز الاقتصاد الإيراني أو المواقع النووية.
وأشار الخبراء إلى أن ضرب مثل هذه الأهداف الحساسة قد يثير رد فعل قوياً من إيران، بما في ذلك احتمال شن هجمات على منشآت إنتاج النفط التابعة لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
الدعم الأمريكي للاحتلال في مواجهة إيران
في حديثه مع موقع «فرانس 24»، أوضح اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية في القاهرة، أن أي ضربة محتملة قد توجهها «إسرائيل» إلى إيران ستكون مدعومة بشكل كبير من الولايات المتحدة، لكن دون مشاركة مباشرة.
وأضاف أن هذا الدعم سيتجلى في مجالات رئيسة مثل تحليل الاستخبارات وتحديد الأهداف الحيوية داخل إيران، وذلك عبر تقنيات الاستطلاع المتقدمة والأقمار الصناعية التي تتيح تحديد أهداف دقيقة.
وأشار الحلبي إلى أن «إسرائيل» تمتلك قدرات عسكرية متطورة، من بينها طائرات مقاتلة من طراز «F35»، التي تتميز بقدرتها على التخفي من الرادارات، بالإضافة إلى صواريخ أرض-أرض دقيقة، إلى جانب هذه الإمكانيات، ستستفيد «إسرائيل» من الدعم الأمريكي في مجال الحرب الإلكترونية، الذي يشمل التشويش على الرادارات الإيرانية وتعطيل أنظمة الدفاع الجوي؛ ما سيعزز فاعلية الهجمات «الإسرائيلية».
وأشار إلى أن هذه القدرات التقنية المتقدمة ستمنح «إسرائيل» القدرة على توجيه ضربة فعالة لإيران باستخدام الأسلحة الحديثة، موضحًا أن الولايات المتحدة ستسهم بشكل غير مباشر في هذه العملية من خلال دعمها في تحليل الأهداف وتقديم الغطاء الإلكتروني الذي يعقد على إيران رصد وتحديد الهجمات.
وفيما يتعلق بالرد الإيراني المحتمل، أوضح الحلبي أن التصدي لضربة «إسرائيلية» سيكون تحديًا كبيرًا لإيران نظرًا للدعم الإلكتروني والاستخباراتي الأمريكي، الذي سيعيق عمل منظومات الدفاع الإيرانية؛ ما يزيد من صعوبة رصد الهجمات ويعزز فرص نجاح الضربة.
كما لفت إلى أنه بالرغم من استهداف الأراضي الإيرانية سابقًا، فإن هذه الهجمات كانت محدودة ولم تكن متكررة، وأشار إلى أن البنية التحتية الدفاعية والمدنية في إيران، مثل الملاجئ وأنظمة الإنذار المبكر، ليست على مستوى التطور الموجود في «إسرائيل»؛ ما يجعل إيران أكثر عرضة لتداعيات الضربات الجوية.
وأكد الحلبي أن الأهداف التي ستسعى «إسرائيل» لضربها ستكون عسكرية بالدرجة الأولى، مثل منصات الصواريخ الإيرانية، ومواقع تصنيع وتجميع الطائرات بدون طيار، ومنصات إطلاق صواريخ أرض-أرض، مشددًا على أن استهداف المدنيين لن يكون ضمن أولويات «إسرائيل»؛ ما يقلل من احتمالية وقوع ضحايا مدنيين بشكل كبير.
أما بخصوص آلية اتخاذ القرار في إيران، أوضح الحلبي أن القرارات المتعلقة بالحروب والضربات العسكرية تخضع لتدرج صارم يبدأ من القوات المسلحة والحرس الثوري، وتمر برئيس الجمهورية، لكنها في النهاية تحتاج إلى تصديق المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، آية الله علي خامنئي، الذي يمتلك القرار النهائي في مثل هذه القضايا.
الرد الإيراني المحتمل
من جانبها، أكدت إيران على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي أنها سترد بقوة على أي هجوم «إسرائيلي»، كما ألمحت إلى استعدادها لضرب البنية التحتية «الإسرائيلية» بشكل واسع.
وتحذر العديد من المصادر من أن أي ضربة ضد المنشآت النفطية الإيرانية قد تؤدي إلى رد فعل عنيف من طهران؛ ما يشمل استهداف مصالح حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
نهاية الردع الإستراتيجي «الإسرائيلي»
في مقال للكاتب حسين مجدوبي بصحيفة «القدس العربي»، أشار إلى أن «إسرائيل» تتجنب تحديد طبيعة ردها وتفضل التنسيق مع الولايات المتحدة؛ ما يعكس شعور الكيان بضعفٍ واضح ومخاوف متزايدة منذ يوم الثلاثاء، الأول من أكتوبر، بشأن تداعيات الرد على طهران.
ويذكر مجدوبي أن «إسرائيل»، التي لم تتردد في اللجوء إلى الرد العنيف وارتكاب مجازر بحق المدنيين كما حصل في غزة ولبنان وفي حروب سابقة، تؤمن بأن القوة هي السبيل الوحيد لحل مشكلاتها مع دول وحركات المنطقة، وتتجاهل في ذلك القانون الدولي.
وأوضح بأن هذا السلوك يعكس تراجعاً واضحاً في إستراتيجية الردع «الإسرائيلية» التي كانت لسنوات طويلة سيف ديموقليس مصلتاً على دول المنطقة.
في نهاية المطاف تتجه الأنظار نحو تطورات الصراع بين دولة الاحتلال وإيران، وسط توقعات بتصعيد عسكري قد تكون له تبعات بعيدة المدى.
وتبقى حالة التأهب الصهيوني متزايدة، بينما تستعد إيران للرد بقوة على أي هجوم.
تظل الأسئلة مفتوحة حول كيفية تأثير الدعم الأمريكي والقرارات الإستراتيجية «الإسرائيلية» على موازين القوى في المنطقة، وضرورة البحث عن حلول دبلوماسية لتفادي تصعيد غير محسوب.