بداية نثمن إقرار مصطفى النجار وندمه وإعلانه تحمله مع رفاقه من الثوار قدراً من المسؤولية
بداية نثمن إقرار مصطفى النجار وندمه وإعلانه تحمله مع رفاقه من الثوار قدراً من المسؤولية تجاه ما وصلت إليه الثورة من انتكاسة، ونقدر رغبته الحقيقية في استعادة الثورة، وإن كان هذا الندم قد جاء متأخراً وبعد أن بدأت الدائرة تدور عليه، ولكن أن يأتي متأخراً خير من ألا يأتي.. ونحييه أيضاً على هذه الوقفة مع النفس ونقد الذات والتعلم من الأخطاء، وإدراكه طبيعة المعركة الحالية بين طرف معاد للديمقراطية ويراها خطراً عليه، وآخر يؤمن بالحرية والديمقراطية الحقيقية ويناضل من أجلها، ويرفض الانكسار أمام سطوة الباطل وطغيان الاستبداد، مع عدم وجود أي منطقة رمادية أو أي مساحة للحياد، ويعتبر هذا الموقف للنجار خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح على طريق استعادة الثورة، وهو بمثابة عود حميد إلى الحق.
ولكن هناك تساؤلات عديدة تحتاج إلى إجابة من النجار والتائبين من رفاقه، وهي:
أولاً: بعد أن أدركت حقيقة الأمر وحجم المؤامرة على الثورة؛ ألا يجب أن تقر أنه كان من الأفضل أن تصبروا على الرئيس المنتخب إلى أن يذهب بشكل دستوري؟ مع العلم أنه لم يأخذ فرصة حقيقية للحكم، ولم يكن يمتلك الدبابة ليقهركم بها؟ وكجزء من نقد الذات؛ ألا تعلن أنه كان من الضروري الحفاظ على المسار الديمقراطي مهما كانت تعثراته بدلاً من مشاركة فلول “مبارك” في ثورتهم المضادة؟ وقد كنتم على علم تام بالمؤامرة، وبأن انقلاباً يتم الإعداد له كما أقر بذلك ماهر “6 أبريل”.
ثانياً: لماذا لم تقر أنكم خذلتم الثوار الذين تصدوا لانقلاب الثالث من يوليو بصدور عارية، وحافظوا على الحراك الثوري في الشارع رغم تخاذل المتخاذلين وصمت الصامتين على ما ارتكب في حقهم من انتهاكات ومجازر غير مسبوقة في مصر؟ مع العلم أن هذا الحراك وهذا الصمود الأسطوري في وجه آلة القمع هو الأمل الوحيد الآن لكسر الانقلاب، ولولا هذه التضحيات الغالية لانقضى الأمر، ولعاد الشعب إلى سابق عهده من الاستسلام لدولة القهر والاستبداد كما كان قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير؛ ولما استطعت أنت الآن أن تتحدث عن أي عمل ثوري في ظل دولة بوليسية أشرس عشرات المرات من دولة “مبارك”.
ثالثاً: تحدثت عن أخطاء الإخوان ووصفتها بالإجرام في حق الوطن، أوليس من الإنصاف أن تقر بأن أخطاءهم مهما عظمت تتضائل أمام جريمة من ساهم من الثوار في إعادة العسكر إلى الحكم بعلم ووعي تام؟ سيشهد التاريخ أن “د. مرسي” أزاح العسكر عن الحكم، ثم قامت مجموعة ممن ينتمون إلى الثورة وبكل رعونة فأعادوهم إلى المشهد من جديد.
رابعاً: تحدثت عن أن التوحد قوة والفرقة ضعف ودعوت للتراص والسمو فوق الذوات، فالسيف على رقاب الجميع، ألا يدعوك هذا الحديث إلى أن تصطف مع الثائرين في الشارع، أم أنك ترى أن هؤلاء إخوان مجرمون وليسوا مواطنين مصريين؟ مع العلم أن الإخوان لا يشكلون أكثر من ثلث الحراك الثوري كما أكدت الدراسة الشهيرة لـ”الواشنطن بوست”، ألا تلبي الدعوات المتكررة لتوحيد الصف الثوري والاجتماع على الهدف الأهم في هذه المرحلة وهو كسر الانقلاب؟
خامساً: إذا كنت ترفض خيار عودة الشرعية الذي يتمسك به الثوار، ألا ترى أن هذه الشرعية أخف وطأة وأقل خطراً على مصر من بقاء الانقلاب؟ ألا ترى أيضاً أن هذه الشرعية هي أشد ما يؤرق الانقلاب ويفسد أي محاولة لشرعنتة؟ ألا يجب أن يعلو حبك لمصر ويسمو فوق كرهك لأي فصيل سياسي مهما عظمت أخطاؤه ومهما اختلفت معه؟
سادساً: ألا تعتقد أن ما تطرحه من سداسية الأمل التي تعتمد على النفس الطويل وحياكة الحلم الجماعي والتحلي بالمنهج العلمي هو في حقيقة الأمر تخلٍّ واضح عن الخيار الثوري؟ ألا ترى أن هذا هو عين ما يتمناه الانقلابيون؟ ألا تتفق معي أن التظاهر وكل أشكال العمل الاحتجاجي هو من أهم سمات ثورة 25 يناير التي نريد استعادتها؟ ألا تدرك أن التظاهر السلمي هو ما يضج مضاجع الانقلابيين وهو الذي أوقف عجلة الانقلاب عند النقطة صفر، ولم يبقَ إلا انكساره الذي أصبح وشيكاً؟ هذه المظاهرات وكل هذه التضحيات الغالية أفشلت ما يسمى بـ”خارطة الطريق”، أما عن مسرحية انتخابات الرئاسة؛ فهذه لن تزيد الثورة إلا اشتعالاً، ولن تزيد أزمتهم إلا عمقاً، لن ينجح أي نظام مهما كانت قوته العسكرية في ظل هذا الحراك الثوري والصمود الأسطوري للثوار.
سابعاً: إذا كنت قد أقررت أنك صدقت أعداء الثورة ووضعت يدك في أيديهم من قبل حتى أسقطوا أقنعتهم وانقضوا على الثورة؛ أليس من الأجدر بك الآن أن تضع يدك في أيدي رفقاء الثورة الذين يحملون نفس الحلم ونفس الهدف؟
أرجو أن تسهم هذه التساؤلات في بدء حوار جاد وشفاف بين كل قوى الثورة.