أنفلونزا الخنازير والطيور وجنون البقرأمراض أين ذهبت؟
تلاحقت في العقود الأخيرة أمراض غريبة عجيبة.. فمن «جنون البقر»، إلى «أنفلونزا الطيور»، إلى «أنفلونزا الخنازير»، إلى «كورونا».. ومن يدري؟! فربما غداً نسمع بأنفلونزا الخراف أو حمى الفئران!
وكلما سمعنا عن مرض جديد تقوم الدنيا ولا تقعد عبر وسائل الإعلام كافة، لأخذ الاحتياطات والاحترازات اللازمة صحياً، ويصبح الحدث طاغياً على أحاديث الناس اجتماعياً، أما نفسياً فإنه يسبب حالة من الفزع، ويتحول إلى مسلسل رعب نتيجة الضجة الإعلامية التي ترافقه، وفي الوقت نفسه لا ندري إذا ما كان المرض خطيراً أم لا؟
يعد مرض «كورونا» من الأمراض الجديدة التي تظهر فجأة ثم تختفي فجأة، تاركة وراءها علامات استفهام كثيرة؛ لأننا لا نعود نسمع عنها شيئاً، فأين وصل اليوم مرض «جنون البقر»؟ فبعد اختفائه إعلامياً لم نعد نسمع بأي حالةٍ، ولا ندري إن كانت هذه الأمراض اختراعاً جديداً أو مرضاً حقيقياً يجب الحذر منه؟ وأين وصل اليوم مرض «أنفلونزا الخنازير»؟ وما مصير مرض «أنفلونزا الطيور»؟ ولماذا اختفت كل هذه الأمراض؟ وهل لشركات الأدوية يد في تلك الأمراض؟ وهل وصلت الحال إلى التجارة بأرواح البشر من خلال ترويعهم؟ أم أن هذه الأمراض حقيقية يجب الحذر منها؟
مئات الملايين المهدرة
مئات الملايين من الدولارات ربما تكون قد أُهدرت على عقار لعلاج الأنفلونزا لا يختلف في تأثيره عن عقار «باراسيتامول»، وفقاً لتقرير أصدرته مؤسسة «كوكرين» العالمية المتخصصة في الأبحاث الطبية.
وقالت «كوكرين»، وهي منظمة غير حكومية: إن «تاميفلو» لا يحد من انتشار الأنفلونزا، أو يقلل من مضاعفاتها، بل يساعد قليلاً فقط في علاج أعراضها، مبيناً أن بريطانيا أنفقت وحدها 473 مليون دولار على عقار «تاميفلو»، الذي تخزنه حكومات دول عدة بكميات كبيرة تحسباً لتفشي مرض الأنفلونزا.
هذا، وقد طلبت دولة الكويت أثناء ظهور «أنفلونزا الخنازير» استيراد مليونين و100 ألف جرعة ضد الأنفلونزا، واشترت الحكومة الهولندية 34 مليون جرعة لقاح ضد فيروس «أنفلونزا الخنازير»، فيما أعلنت ألمانيا أن خسارتها من مصل «أنفلونزا الخنازير» وصلت إلى 329 مليون يورو، إضافة إلى 14 ألف يورو تمثل تكلفة نقل الأمصال إلى أماكن إحراقها.
هذا، وقد قال «كارل هينيهان»، أستاذ الطب في جامعة أوكسفورد البريطانية: أعتقد أن 500 مليون جنيه إسترليني (890 مليون دولار) أنفقت على «تاميفلو» لم تعد بفائدة على صحة الناس، بل ربما أضرت البعض!
اهتمام «تويتري» بـ«كورونا»
لم يكن موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بعيداً عن المرض، فقد تناول العديد من المغردين «كورونا» في تغريداتهم تارة بالتساؤل وتارة أخرى بالسخرية وثالثة بالنصيحة.. فقال أحد المغردين: «ظهور فيروس «كورونا» إعلامي أكثر من كونه وباء حقيقياً قاتلاً، المرض خطير بلا شك لكن ضحاياه منذ ظهوره منذ أكثر من عام لا يتجاوزون ضحايا التهور المروري في شهر واحد»، وقال آخر: «وباء كورونا ألا يمكن أن يكون بلاء بسبب انتشار بعض المحرمات والمجاهرة بها أحياناً دون رادع أو زاجر؟.. معقول»، وقال ثالث: «أعتقد أن هذا الفيروس تم تضخيمه كأنفلونزا الخنازير لتستفيد شركات الدواء من بيع منتجاتها».. هذه بعض التغريدات التي كتبت على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» عن فيروس «كورونا»، الذي أصبح حديث المجتمع العربي بل والعالمي في الفترة الأخيرة.
خطر يجتاح العالم العربي
يعد فيروس «كورونا» خطراً جديداً يجتاح الوطن العربي خلّف المئات من الموتى والمصابين؛ حيث إنه بحسب آخر إحصائية نشرت من منظمة الصحة العالمية، تعدى عدد الإصابات أكثر من 500 مريض أصيبوا بفيروس «كورونا» الذي يسبب المرض المعروف باسم «متلازمة الشرق الأوسط التنفسية» الذي انتشر في منطقة الشرق الأوسط، وظهرت حالات متفرقة في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، وبلغ معدل الوفيات حوالي 30% من المصابين.
وتعتبر السعودية الأكثر إصابة بالفيروس، والدول العربية الأخرى التي ثبت وجود حالات فيها هي: مصر، قطر، الأردن، الإمارات، تونس، الكويت وفي السعودية.. أكثر الدول إصابة بالفيروس، تم رصد المرض في عدد مختلف من المدن والمناطق، إلا أن أكثر الإصابات تركزت في منطقة الأحساء.
أيضاً لوحظ أن 80% من الحالات في السعودية كانت في الذكور، ولكن قد يصعب استخلاص أن الفيروس أقل تأثيراً على النساء، حيث قد يكون للنقاب دور في تقليل معدل الإصابة؛ لأنه يحمي الفم والأنف من انتقال الفيروسات.
مكتشف «كورونا»
كشف د. علي محمد زكي، مكتشف فيروس «كورونا»، أن نحو 15 دولة انتشر بها الفيروس آخرها الولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف أن تكاثر الفيروس يؤدي إلى صفات جديدة تسبب انتشاره وتطور مضاعفاته وولادة فصائل جديدة منه، نظراً لأن لديه خاصية الالتحام والانفصال بين طفراته بخلاف الفيروسات الأخرى.
وتابع زكي: من بين أعراض الإصابة بـ«كورونا» ما يتشابه مع نزلات البرد الشديدة مع التهاب رئوي حاد، كما أن هناك 6 فيروسات من «كورونا» تصيب الإنسان.
وأشار إلى أن «كورونا» من سلالة مرض «سارس» الذي ظهر بالصين وأودى بحياة 800 حالة، و1000 مصاب، مؤكداً أن الولايات المتحدة الأمريكية استعانت بـ11 معملاً لتشخيص الفيروس وصولاً إلى إعلان «كورونا» فيروساً قاتلاً مثل «سارس».
وأوضح أن نحو 495 حالة أصيبت بالفيروس في مايو الماضي، منها 18 حالة إصابة، و4 وفيات في السعودية، وحالتا وفاة بالأردن.
تحذير لشركات الأدوية
حذر نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس لجنة المنشآت الطبية بغرفة الرياض د. سامي العبدالكريم، شركات الأدوية والصيدليات الخاصة من استغلال فيروس «كورونا» في الترويج لبعض المنتجات الدوائية.
وقال د. محمود غراب، أستاذ الصيدلة الصناعية بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، في تعقيبه على طرح الصيدليات لأمصال ولقاحات جديدة على خلفية انتشار فيروس «كورونا»: لا جدوى من ذلك، والهدف من ورائها جني الأرباح الباهظة.
وأضاف أن أي فيروس أنفلونزا مهما زادت حدته لا يحتاج سوى أدوية خافضة للحرارة ومسكنات للألم والراحة التامة للمريض، مشيراً إلى أن طرق الوقاية من الفيروس تتمثل في طرق الوقاية من الإصابة بالفيروس في عزل المصاب، غسل اليدين، استخدام الكمامات في أماكن الزحام.
الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس
قال د. يحيى سلطان، استشاري الأمراض الباطنة والحميات، ومدير مستشفى الحميات بالعباسية سابقاً: إن فيروس «كورونا» في الشرق الأوسط مثله كباقي الفيروسات المعدية والتي تؤدي إلى رفع درجة حرارة الجسم، مضيفاً أن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة به هم الأطفال وكبار السن المرضى بأمراض القلب والسكر وضغط الدم.
وأشار سلطان إلى أن خطورة الإصابة بهذا الفيروس ارتفاع درجة حرارة جسم الإنسان بشكل كبير؛ الأمر الذي يؤدي إلى التأثير على أجهزة الجسم المختلفة، وأهمها خلايا المخ والتي تتأثر بشدة.
الإرشادات الصحية
اعتبرت مراقب إدارة تعزيز الصحة في الكويت د. غالية المطيري، أن شركات الأدوية لا دخل لها بمرض «كورونا»، وأن الفيروس موجود بالفعل، فالمرض ليس له أي علاج إلى الآن، ولا يوجد مصل معين للوقاية منه، وهذا المرض يختلف عن مرض «H1N1»، ولا نستطيع تصنيفه كوباء، والعلاج الوحيد الذي ننصح به هو الإرشادات الصحية، والطرق الوقائية، فطرق الوقاية فقط هي التي ننصح بها، والمرض عبارة عن فيروس تتراوح شدته بين شيء بسيط وعادي وعابر، وبين أنه يسبب مضاعفات للأشخاص المعرضين له.
وبيَّنت المطيري أن الفيروس ينتهز عدم اتباع التعليمات الصحية مثل عدم غسل الأيدي بطريقة صحيحة، وعدم المحافظة على العادات الصحية السليمة، أو أن الشخص تكون مناعته قليلة للتسلل إلى الشخص، مؤكدة أن هذه هي نقاط الضعف التي يهاجم من خلالها المرض.
مع استعداد شركات الأدوية العالمية للاستفادة من مشكلات انتشار فيروس «كورونا»، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن مئات ملايين الدولارات قد أهدرت على العقار «تاميفلو» لعلاج «أنفلونزا الخنازير» دون أن تثبت فعاليته، بل استغلت شركات الأدوية الذعر والمبالغات الإعلامية.