كان آدم جسداً ملقى على الأرض تمر به الملائكة والشياطين وتحاول استكشافه..
كان آدم جسداً ملقى على الأرض تمر به الملائكة والشياطين وتحاول استكشافه..
تحوّل التمثال الطيني بنفخ الروح فيه إلى عظم ولحم وأوردة وخلايا، ثم تحوّل إلى إنسان حي؛ (وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً {17}) (نوح).
حين تنزع الأرواح تبقى الأجساد كما كانت ولكن من دون حياة.. ما الذي فقدت إذاً؟ فقدت روح الحياة التي هي الطاقة الخفية التي بها قوام الجسد، وكأن الجسد بيت والروح تيار كهربائي يضيء جوانبه!
الجسد هو الجانب المادي من الإنسان، وهو توأم الروح وحاملها، والاهتمام بالجسد نظافة وجمالاً وصحةً من “الفطرة”.
كان الإنسان الأول كبيراً طويلاً جميلاً قوياً متناسقاً، طويل الشعر، وقبور الأقدمين تدل على الطول الذي ظل يتناقص مع الأجيال.
عن أبي بن كعب مرفوعاً: “إن الله خلق آدم رجلاً طوالاً كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق، فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه، فأول ما بدا منه عورته، فلما نظر إليها جعل يشتد في الجنة، فناداه ربه: يا آدم مني تفر؟ فلما سمع كلام ربه قال: لا يا رب ولكن استحياءً”.
وهو منقطع وفي رفعه نظر.
كان منتصب القامة، وهو أحد معاني: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ {4}) (البلد)، وليس ذلك لشيء من الحيوانات، الانتصاب يعني الشموخ والشمم، ولذا شبهه بالنخلة، والنخلة هي الشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، يواجه الريح بصدره، ويحمل الأعباء على كتفيه، ولا يحني رأسه لغير خالقه.
وجهه كان مركز الحياة والجمال، فيه العينان والفم والأنف والأذن، وهو مجمع الحواس، ولذا جاء في الحديث: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» (رواه مسلم).
حواس الأنبياء أقوى من غيرهم، شم يعقوب ريح يوسف من بعيد، وسمع النبي – صلى الله عليه وسلم- صوتاً في السماء، وأعطاه ربه العلم والحفظ فقال: (سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى {6} إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ) (الأعلى).
يشرع العمل بـ”سنن الفطرة” فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ». قَالَ زَكَرِيَّاءُ قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ، زَادَ قُتَيْبَةُ قَالَ وَكِيعٌ انْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِي الاِسْتِنْجَاءَ. (رواه مسلم).
وهي تعود إلى فطرة آدم عليه السلام، والعناية بها من كمال الإنسانية، وما يحدث من إطالة الأظافر والشعر الداخلي ومخالفة سنن الفطرة هو من نقص الاتباع، وطروء الضعف.
ويدخل في الفطرة التطيُّب والاغتسال؛ الذي يزيل درن الجسد ويحسن مزاجه.
متاحف أوروبا تصور آدم كإيطالي وسيم، ودراسات كثيرة تشير إلى أنه أقرب إلى سمرة الرجل الأفريقي، وأشبه بأديم الأرض، وهذا أقرب.
المبالغة في التجمل والإغراء والتعري لدى الأنثى، أو استعراض العضلات والقوة لدى الذكر هو من الجور على الجسد والروح معاً، وأسوأ ما يكون حين يتحول الإنسان الكريم إلى أداة لتسويق السلع والتربُّح.
الشعور بالقبح مرض نفسي يحمل على المبالغة في التجمل المتكلف، وطول النظر إلى الذات، الوحي ينص على جمال الخلقة وحسنها: (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ {4}) (التين)، (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) (التغابن:3).
تعذيب الجسد حرام، وهو أمانة، و«إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِىٌّ» (البخاري ومسلم).
سواء كان على سبيل التعبد والزهد، أو الرياضة.
الحواس (السمع، البصر، الشم، الذوق، اللمس)؛ أدوات محايدة تجري فيها الأحكام الخمسة، مثال: يحرم الاستماع للفجور والفحش، ويكره الاستماع لفضول القول الذي لا فائدة منه وقد يضر، ويباح سماع الأشياء العادية، ويستحب سماع الخير، ويجب الإنصات لسماع القرآن والفاتحة في الصلاة وخطبة الجمعة.. إلخ.
يبدأ الجسد ضعيفاً ويقوى ويشتد ثم يضعف ثم يموت وتفارقه الروح.
سُنة الله في بني آدم.
لا تسخر من ضعيف أو مريض أو معاق أو شيخ فهو أنت، هو مثلك.
دخل عمرو بن حريث على الهيثم بن الأسود النخعي يعوده ويزوره، فقال: كيف تجدك يا أبا العريان؟ قال: أجدني قد ابيضَّ منِّي ما كنت أحب أن يسودّ، واسودّ مني ما كنت أحب أن يبيض، ولان مني ما كنت أحب أن يشتد، واشتد مني ما كنت أحب أن يلين، وأجدني يسبقني من بين يدي، ويدركني من خلفي، وأنسى الحديث، وأذكر القديم، وأنعس في الملأ، وأسهر في الخلاء، وإذا قمت قَرُبتْ الأرض مني، وإذا قعدت بعدت عني:
فاسمَعْ أنبِّئكَ بآيات الكِبَرْ تَقاربُ الخطو وضعف في البصر
وقِلّةُ الطّعْمِ إذا الزادُ حَضَرْ وكثرة النسـيان ما بي مدّكر
وقلَّةُ النّوم إذا الليلُ اعتكَرْ أولــه نوم وثلثاه سهـر
وحذراً أزدادُه إلى حذْر والناس يبلونَ كما يَبْلى الشَّجَرْ
مرَّ شيخ قد انحنى بفتى شاب، فقال له: أتبيع القوس يا شيخ؟ فقال له: إن كبرت أخذتها بلا ثمن.
قال معاوية بن أبي سفيان: من أخطأه سهم المنية قيده الهرم.
ومر شيخ كبير ببعض الغلمان، فقال له أحدهم: من قيدك أيها الشيخ؟ قال: الذي هو دائب في فتل قيدك.
من مخاطر التجربة في العلم الحديث العبث بالجينات البشرية ومحاولة خلطها مع جينات الحيوان.
“شيفرة آدم”.. رواية خيال علمي للكاتب المصري صلاح معاطي.
التلاعب بالخلايا والجينات والدمج مع الحيوان ومع التقنية قد يضر بالحياة البشرية أو يكون هو الطريق إلى نهايتها.
فيلم (Transcendence) يتحدث عن الذكاء الاصطناعي، وكيف أنه تم دمج مخ بشري في جهاز كمبيوتر للممثل جوني ديب.
وجود العورة من الفطرة، وزوالها أو عيبها نقص وخلل، آدم وحواء رأيا سوءاتهما وأسرعا في سترها، كثرة النظر إلى العورة يكرّس الجانب الجسدي المحض، ولذا يكره كشفها لغير حاجة حتى لو كان خالياً.
المسيح لم يتزوج، ولذا افتقر التراث المسيحي للكثير من التفاصيل الجنسية، بخلاف محمد – عليه الصلاة والسلام – فقد تزوج وأوصى وحث، ولذا نقلت لنا تفاصيل عجيبة عن حياته الخاصة وأحكامها “فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً” (رواه البخاري).
وهذا ما يقوله عدد من الباحثين المسيحيين في حديثهم عن الجسد والمقدس.
العلاقة بين الزوجين ليست جسدية بحتة بل هي علاقة روحانية جسدية واعية وليست مجرد غريزة كما الحيوان..
في القرية يختلط الأطفال بمن يكبرونهم دون رقيب، ويقومون بأنشطة تستدعي كشف أجسادهم كالسباحة في الآبار، وهي مرحلة استكشاف للجسد قد تصنع عادات سيئة أو تسبب احتكاكاً غير رشيد.
البيئة البسيطة تعزف عن الجمال وتهتم بالضروري فحسب، كنا نستعيب أن يكون الثوب مكوياً، وأنيقاً، وقد يقول أحدنا: هذا شأن البنات.
أخيراً تعلَّمنا بما يشبه الصدفة أن الله جميل يحب الجمال في الجسد، في الشعر، في الوجه، في اللباس، في الحذاء.
وتعلَّمنا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يضع الطيب على رأسه وجسده وهو متلبّس بالإحرام.
وأنه – صلى الله عليه وسلم – على تواضعه كان أنيق الملبس حتى اشترى له عمر جبة من إستبرق حتى يتجمل بها في العيدين، ورفضها – صلى الله عليه وسلم – لكونها من حرير، وإن كان قد أقره على أصل التجمُّل.
@salman_alodah
SalmanAlodah/