طارق الشايع
رغم كل الآلام والمآسي والجراح التي تمر بها أمتنا الإسلامية بسبب الغزو العسكري والنفاق الإعلامي والاضطهاد الاقتصادي, يبقى أسوؤهم هو الدعم العلني المفرط لسياسة الاحتلال الصهيوني الغاصب من قبل الأنظمة الأوروبية والنظام الأمريكي التي اختارت أن تكون خادمة له ومطيعة وتحت إمرته، وهو دعم للقتل والسفك واحتلال الأرض وهتك العرض وتهويد الحجر والبشر.
فالعالم أجمع يدرك أن الكيان الصهيوني الغاصب ما امتد في عربدته وفجوره وجبروته لولا التآمر الغربي والعربي منذ ذلك الوعد المشؤوم، حيث تم إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق, ولم يكن ذلك الوعد كافياً، بل امتد للدعم المباشر وغير المباشر, الرسمي وغير الرسمي, وعلى كافة الأصعدة.
نأتي هنا لطرح السؤال الأهم وهو عنوان مقالنا “القدس مسؤولية من؟!”؛ لتأتي الإجابة عليه أن القدس مسؤولية العلماء والمفكرين، الدعاة والأئمة، الكتّاب والإعلاميين ثم السياسيين وأصحاب النفوذ في درجات متفاوتة قبل عوام الناس, فهم مسؤولون أمام الله عز وجل قبل الحكام, فما يجري بفلسطين الحبيبة وأرض الإسراء والمعراج والمسجد الأقصى تقع مسؤوليته عليهم، فإذا كان عدد العلماء والمفكرين والدعاة والأئمة وغيرهم فيمن ذكرنا في أمة المليار ونصف يتجاوزون المليون، فكم منهم حرك الحمية واستثار الهمم من خلال موقعه؟! أين دورهم في التنبيه إلى وجوب فريضة مقاومة المحتل الصهيوني ونصرة القدس والأقصى؟! أين دورهم في الفضائيات والمؤتمرات ومواقع التواصل الاجتماعي؟ هل جعلوا القدس والأقصى محور قضيتهم, فأصبحوا يكتبون عنها في كل المناسبات ويتحدثون عنها في كل المنابر وعلى الملأ؟!
أما معشر حكامنا وأنظمتنا العربية والإسلامية، فأين هي مسؤولياتكم تجاه القدس؟! فأنتم غير معفيين من الاستسلام أو خيانة بعضكم لأعداء السلام من الصهاينة المحتلين الغاصبين, والشعوب الصامتة غير معفية أيضاً من مسؤولية تقديم شتى أنواع الدعم لتحرير الأقصى والمسرى والأسرى. إن الشعوب الخانعة لا ترجع حقاً مسلوباً، والأنظمة الخائنة لن تنصر شعباً مظلوماً.
القدس والأقصى مسؤوليتك ومسوؤليتي, كل في منصبه ومكانه, فعلينا أن نثق في الله ناصراً ومعيناً؛ (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ {160}) (آل عمران)، فعلينا أحبتي أن نعود إلى الله واثقين من النصر والتمكين على الصهاينة المعتدين، واجبنا جميعاً أمام ما يحصل في أرض الرباط هو وضع الوسائل العملية لمساندة ونصرة دين الله تبارك وتعالى في تلك البقعة المباركة بشتى الطرق والآليات, ورغم عمق الجرح والألم لكننا لن نفقد اليقين والأمل, ولن نتراجع عن البذل والعمل, حتى يأذن الله بإحدى الحسنيين؛ إما النصر والريادة، وإما الشهادة والسعادة, فأروا الله من أنفسكم خيراً.
(*) المنسق العام لرابطة شباب لأجل القدس العالمية