لم يستبعد محللون سياسيون، وكتاب فلسطينيون، إمكانية اندلاع حرب أخرى بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، و”إسرائيل” في حال استمر إطلاق الصواريخ من قبل “التنظيمات السلفية الجهادية” في قطاع غزة تجاه البلدات والمستوطنات الإسرائيلية.
وقال المحللون إنه في حال استمرار إطلاق الصواريخ من قبل تنظيمات سلفية جهادية في غزة، على إسرائيل فإن ما وصفوه بـ”كرة الثلج، ستتدحرج إلى واقعٍ أبعد من الرد، ورد الفعل”.
وكانت مقاتلات حربية “إسرائيلية” قد شنت فجر اليوم غارتين على موقعين تابعين لحركة حماس في قطاع غزة، ردا على إطلاق صواريخ على مناطق “إسرائيلية”. وتبنى تنظيم جهادي غير معروف، يُطلق على نفسه اسم “سرية الشهيد عمر حديد-بيت المقدس”، المسؤولية عن إطلاق الصواريخ.
وقال التنظيم في بيان نشرته مواقع مقربة من التنظيمات السلفية الجهادية في غزة، إنه أطلق 3 صواريخ من نوع “جراد”، على “عسقلان ونتيفوت ومجمع أشكول”، الساعة 11 من مساء أمس، ردا على مقتل أكد الكوادر السلفية صباح الثلاثاء الماضي، على يد قوات من وزارة الداخلية التي تُشرف عليها حركة حماس بغزة.
وأعلن التنظيم ذاته، في بيان سابق نشرته مواقع مقربة من التنظيمات السلفية الجهادية، في غزة، أنه في حلٍ من التهدئة التي أبرمتها حركة حماس مع إسرائيل، وأنه سيواصل ضرب الصواريخ، مطالبا حركة حماس بالكف عن ملاحقة “الدعاة” و”طلبة العلم”.
ابتزاز حماس
ويرى الدكتور عدنان أبو عامر، عميد كلية الآداب بجامعة الأمّة بغزة، والكاتب السياسي، أن الجماعات الجهادية في غزة، تفتقد لوجود هيكل تنظيمي لها، غير أنه أشار إلى أنها تحاول من باب ما وصفه بـ”المناكفة” أن تتحدى حركة حماس.
وأضاف: “المجموعات السلفية، تحاول أن تبتز حركة حماس، فهي تعرف جيدا أن الحركة لا تريد حربا جديدة مع إسرائيل، كما أن إسرائيل هي الأخرى ليست في وارد الدخول في معركة أخرى مع القطاع”.
ويرى أبو عامر، أنه في حال استمرار إطلاق الصواريخ، في الأيام المقبلة، من قبل تلك الجماعات فمن الوارد أن تتدحرج “كرة الثلج” إلى واقع يتم فرضه على الجميع. واستدرك قائلا: “لن تقبل إسرائيل أن يتم إطلاق الصواريخ بهذه الوتيرة، وربما ترد بحزم أكبر وهو ما قد يقودنا إلى حرب جديدة قد تكون أكثر عنفا”.
وقد تلجأ حركة حماس، وفق أبو عامر، إلى محاورة هذه المجموعات وقياداتها في قطاع غزة، وتغليب ما وصفه بـ”الصفقة” على “الضربة”. وشدد على أن حركة حماس لا تريد حربا في هذا التوقيت مع إسرائيل.
رد “إسرائيلي”
ويقول طلال عوكل الكاتب السياسي في صحيفة “الأيام” الفلسطينية الصادرة من رام الله بالضفة الغربية، إنّ الحكومة “الإسرائيلية” بزعامة بنيامين نتنياهو الذي يتعرض لانتقادات حادة من قبل المعارضة، لن تتهاون مع إطلاق الصواريخ من غزة.
وتابع، في حديثه لوكالة الأناضول: “إسرائيل تعلم أن من يقف وراء إطلاق الصواريخ هي تنظيمات سلفية تريد أن تتحدى حركة حماس، وتسعى إلى ابتزازها لتحقيق مطالبها المتمثلة في إطلاق السلفيين الذين تعتقلهم، لكن إسرائيل لا ترى في غزة سوى حماس التي تسيطر على القطاع، وتحملها مسؤولية أي توتر ميداني”.
وأضاف أن “إسرائيل” قد ترد في الأيام المقبلة بحزم على أي صاروخ قادم من غزة، وهو ما يدفع الأمور نحو “التوتر الأمني”، وصولا إلى معركة عسكرية كبيرة.
واستدرك بالقول: “لنفترض أن إسرائيليا قُتل في الصواريخ القادمة، أو إن إسرائيل اغتالت قيادات التنظيمات التي تطلق الصواريخ، هذا المشهد يدفعنا نحو مشهد مماثل لما سبق للحرب الأخيرة، وقد نشهد تصعيدا عسكريا كبيرا”.
حوار عاجل
أما الدكتور مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، فيرى أن حركة “حماس” مُطالبة بفتح حوار عاجل مع المجموعات السلفية الجهادية، قبل أن تصل الأمور إلى حد لا يمكن التراجع عنه، على قوله.
وأضاف: “الوضع في قطاع غزة لا يحتمل حربا أخرى، الحرب الأخيرة مازالت آثارها في كل مكان، وحركة حماس لا تريد أن تخوض معركة جديدة مع إسرائيل فهي لم تلتقط أنفاسها بعد، ولكن أن يتم إطلاق صواريخ على إسرائيل بين الفينة والأخرى، فهذا يعيدنا إلى حالة من الرد ورد الفعل لا أحد يعرف إلى أين ستقودنا”.
وأشار أبو سعدة إلى أن حركة حماس وكافة الفصائل والقوى الوطنية مطالبة بالاتفاق على إستراتيجية وطنية مُلزمة لكل ألوان الطيف الفلسطيني بما فيها المجموعات السلفية، مضيفا: “أن من يخرج عن الصف الوطني يتم محاسبته، اليوم قرار الحرب لا يجب أن يكون بيد فصيل أو مجموعة، المسألة تحتاج إلى قرار سياسي وإجماع فصائلي موحد”.
ودعا الأكاديمي الفلسطيني حركة “حماس” إلى تغليب لغة الحوار على التعامل الأمني مع الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة.