أوليفيي بوستيل فيناي
وقعت الأحياء الفقيرة بأفريقيا الجنوبية بين براثن “الوهونجا”؛ وهو نوع خطير جداً من المخدرات ظهر عام 2010م، ويسري اعتقاد لدى المدمنين بأن هذه المخدرات ممزوجة بالعقاقير المضادة للفيروسات؛ ما يجعلها تعطي نتيجة أكثر تأثيراً، وهو ما أدى إلى انتشار هذا العقار في السوق السوداء، وقد أدى ذلك إلى حرمان مرضى السيدا من أخذ أدويتهم بانتظام، لأن هذه الأدوية دخل في تركيبة هذا المخدر.
وأفاد الخبراء بأن الوهونجا هي مزيج من جرعات متفاوتة التأثير والكمية، ترتكز أساساً على نسبة منخفضة من الهيروين ونسب أخرى مرتفعة نسبياً من سم الفئران والمواد المنظفة، يتم تعاطيها عبر التدخين، ويسهل الترويج لها خاصة بين المراهقين من فتيان وفتيات، حيث إنهم يقعون في فخ هذه المخدرات لِمَا تخلفه لديهم من حالة انتشاء مؤقتة، تنسيهم الألم وتزيد من صعوبة الكف عن تعاطيها؛ حيث يجد مستعملوها أنفسهم مجبرين على تعاطي جرعات أخرى في ظرف قصير.
وقد أدى الإدمان على هذا النوع من المخدرات إلى ارتفاع نسب الجريمة، وانتشار الفساد؛ إذ انخرط العديد من المراهقين والشباب في تجارتها داخل المؤسسات التعليمية، بالتنسيق مع كبار المروجين، في حين التجأت الفتيات إلى الدعارة لتوفير ثمن الجرعات، ليجدن أنفسهن في بعد وقت قصير فريسة تجار البشر، الذين يقومون بترحيلهن إلى دول أجنبية لاستغلالهن.
وفي ذات الوقت، ارتفعت نسبة قلق السلطات البريطانية وغيرها من البلدان الغربية، بشأن الارتفاع المتواصل لعدد مستهلكي الهيروين النقي، والذي يعد الأكثر تأثيراً على الإطلاق، ما دفع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأن يطلب من الأمم المتحدة قصف حقول الخشخاش في أفغانستان بالمبيدات العشبية; يذكر أن نسبة جني محصول الخشخاش وتحويله إلى أفيون في هذا البلد، الذي يعد الأول عالمياً في إنتاج هذه الأعشاب، كانت قد بلغت ذروتها عام 2014م.
من جهة أخرى، ذهب العديد إلى أنه من شأن تحرير سوق المخدرات قطع الطريق على التجار والمافيات والعصابات، نظراً لاعتماد كل هؤلاء على الصفقات غير المشروعة، ما يساهم في زعزعة استقرار الدول والتأثير سلباً على العلاقات الدولية، في حين يرى مناهضو هذا الخيار أنه سيؤدي حتماً إلى مضاعفة نسب الاستهلاك؛ حيث يؤكدون أن تسهيل الحصول على المخدرات القوية التأثير مثل الهيروين سيضاعف من مشكلة الإدمان على الكحول.
غير أن ذلك لم يغير شيئاً من الجدل السياسي القائم حول هذه القضية، والرافض لإمكانية طرح مبادرات أخرى من شأنها أن تحدث تغييراً على المعطيات المطروحة، مثل التقدم التكنولوجي؛ حيث أعلن باحثون أمريكيون وكنديون عن تمكنهم من التوصل إلى طريقة لاستخراج الهيروين من الخميرة، وهو ما أنتج توقعات بأن تتوافر سبل جديدة لإنتاج هذه المخدرات في مرآب المنزل، دون الحاجة إلى الخشخاش.
من جهتهم، حرص العلماء على استشارة زملائهم المتخصصين في المجال الصحي قبل نشر نتائج بحوثهم، حيث قام هؤلاء بنشر مجموعة من التدابير التي تجعل من الولوج إلى هذه التكنولوجيا مهمة صعبة، بهدف “الحيلولة دون ارتفاع نسبة التوصل إلى هذه المواد الأفيونية” التي طالت 16 مليون مستهلك حول العالم.
وفي هذا السياق، أعرب هؤلاء الخبراء عن خوفهم من أن يتمكن المجرمون من اكتساب أساليب جديدة، تغرق سوق المخدرات بالهيروين النقي بأبخس الأثمان، في حين أشار خبراء اقتصاديون إلى أنه من شأن الإنتاج المحلي للهيروين أن ينهي التجارة الدولية للأفيون؛ وهو ما يمكن أن يقض مضجع كبرى العصابات.
وعلى أي حال، فإن انتشار الوهونجا في جنوب أفريقيا، وهذا التقدم التقني غير المتوقع، يوضحان مآل الجدل بين المواصلة في حضر المخدرات والميل نحو تحريرها؛ حيث ضربت التطورات الميدانية بالمبادئ التي يستند إليها قرار الحضر عرض الحائط، مثيرة موجة من التساؤلات حول تداعيات التقنين إن تم المضي في هذا الخيار فعلاً.
ويبقى هذا التساؤل قائماً في ظل عدم وضوح الصورة، خاصة حين يتعلق الأمر بضحايا المخدرات ومروجيها من المراهقين.
الرابط:
http://www.liberation.fr/monde/2015/06/09/les-nouvelles-drogues-mondiales_1326108