كل يوم يمر يتأكد لنا أن أصحاب التوجه الليبرالي والفكر العلماني في الكويت والخليج لا مبدأ لهم ولا ملّة!
فبعد سقوطهم الكبير في رفضهم ومعارضتهم لحق الشعوب في تقرير مصيرها، وبعد دعمهم وتأييدهم لعودة أنظمة القمع والبطش وكبت الحريات، نراهم اليوم يثورون اعتراضاً على ما ظنوه منح صلاحيات جديدة لجمعيات النفع العام!
وبدلاً من دعم تطوير هذه الجمعيات وزيادة نطاق عملها نجدهم ينفضون الغبار عنهم وينتفضون، ظناً منهم أنها صلاحيات جديدة منحت لخصمهم اللدود (جمعية الإصلاح الاجتماعي)! وبدؤوا يمارسون مهنتهم القديمة، وهي أسوأ مهنة عرفها العمل السياسي والنقابي؛ تلك هي التشويه والكذب والافتراء على الخصوم!
فمن قائل: إنها صفقة بين الحكومة وتيار الإخوان المسلمين، وآخر قال: إنها ثمن للتيار للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وثالث خرج لنا بعد صمت «كصمت القبور»، ليقول: إن الإسلاميين باعوا المعارضة وباعوا مسلم البراك!
ومع الأسف الشديد أن بعض الصحف، وفي ظاهرة تؤكد مستوى الوعي عند بعض متصدري العمل الصحافي، قالت: إنه لم يتبق إلا تسليم الجيش والشرطة لـ «الإخوان»!
وهكذا يتضح لنا كمّ الحقد الدفين في نفوس البعض على مكون رئيس من مكونات المجتمع، والسعي الحثيث لإقصائه من الحياة العامة من دون اعتبار لما تتميز به الكويت من أجواء الحريات العامة، سواء الإعلامية أو السياسية، مما يستدعي احتواء كل الأفكار وتقبّل تنافسها الشريف من دون أن يفسد الاختلاف بينها للود قضية!
خرجت وزيرة الشؤون مضطرة لتوضيح ما ظنته لبساً وقع فيه خصوم التيار الإسلامي، فقالت: إن ما حدث هو إعادة كتابة النظام الأساسي الجديد لجمعية الإصلاح من دون أي تغيير، بل العكس، حيث تقدمت الجمعية بطلب فتح فروع جديدة بعد إغلاق جميع فروعها، فرفض الطلب!
أما موضوع إنشاء المدارس والمعاهد فهذا موجود في النظام القديم للجمعية وغيرها من الجمعيات، إلا أن الجمعية لم تستغل هذا النشاط كما استغلته جمعيات أخرى وأنشأت مدارس خاصة تعتبر من أفضل المدارس الخاصة بالكويت!
والآن، بعد هذه الصفعة التي وجهتها الوزيرة لهذه الأبواق المحشورة حقداً وحسداً هل تراهم سكتوا؟! طبعاً لا، قالوا عن الوزيرة: إنها «إخوانجية» فزعت لأصحابها (!!) وصدق من قال: إذا لم تستح “فقل” ما شئت!
كم كنت أتمنى لو أن هذه الأقلام والأصوات النشاز وُجهت لانتقاد النائب الذي أحرج الكويت مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وتمادى في تمثيل إيران ونظام بشار الأسد أكثر من تمثيله للكويت وشعبها، حتى جعل البعض في «خانة الْيَك»، كما يقولون، وجعل بقية الشعب الكويتي ينتظر منهم موقفاً برفض كلام هذا النكرة، الذي أصبح بين عشية وضحاها يمثلهم في مجلس الأمة!
وختاماً، نقول لزميلنا وجارنا في هذه الصفحة المميزة: إنك ما فتئت تحرّض الحكومة على التيار الإسلامي المعتدل في البلاد، وتدعو إلى «شيطنته» ونعته بالإرهاب، والسبب – كما يعرف الجميع – دوافع طائفية مقيتة، واليوم نتمنى أن نسمع منك رأياً واضحاً وصريحاً فيما قرره مجلس التعاون الخليجي من اعتبار «حزب الله» جماعة إرهابية!
المصدر: جريدة “القبس”.