أعزيكم في البطل المسلم الشهير محمد علي كلاي.
لي معه ذكريات جميلة، كنت ألتقيه منذ عام ١٩٨٥م، يزورني أثناء عملي في السفارة السعودية بواشنطن، وكذلك في المنزل.
كذلك نلتقي في جلسات فكر وثقافة أثناء المؤتمرات لجماعة إمام وارث الدين محمد رحمه الله، وعندما يكون في زيارة لواشنطن أو للوس أنجلوس نلتقي، إلى أن عزله المرض وابتعد عن الناس.
كنا نقضي الساعات على الغداء أو العشاء بصحبة إمام وارث الدين، وأحياناً بصحبة زوجته المسلمة الطيبة السيدة لاني علي، وهي امرأة رائعة ومتعلمة، وتقوم على خدمته بعناية بعد إصابته بمرض “الباركينسون” وكانت آخر زوجاته، بعد طلاق زوجته خليله أم بناته الخمس، وزوجته مانيكا ولم تنجب منه.
كان رحمه الله رحمة واسعة شخصية مبهرة محبوبة يتحلى بالصدق والروح الإنسانية الشاملة.
تعتبره أمريكا بطلاً وطنياً، ويعتز به المسلمون في أمريكا وخارجها، وله مكانة خاصة باعتباره داعية للحقوق المدنية بعد معارضته للتجنيد الإجباري والمشاركة في حرب فيتنام؛ مما أدى إلى سجنه عام ١٩٦٧م، وإيقافه عن الملاكمة، كما وقف ضد التمييز العنصري بقوه وشجاعة.
أسلم عام ١٩٦٤م بقناعة، وكان على توجه الزعيم أليجا محمد، مؤسس “أمة الإسلام” التي تولى زعامتها فيما بعد ابن الزعيم، لكن تخلى عنها بعد مده باعتبارها بعيده عن الإسلام الصحيح متأثراً بلقاءاته مع الدعاة والطلبة المسلمين في أمريكا وبسبب حياديته وزياراته للبلاد العربية والإسلامية ورحلات الحج والعمرة، وكان للقائه بجلالة الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله في الرياض عام ١٩٧٨م أكبر الأثر في نفسه.
تولى السيد فرقان محمد زعامة النسخة الأولى المنحرفة لأمة الإسلام بعد انقسامها إلى مجموعتين والتي كانت تقدس زعيمها المؤسس إلى مكانة النبوة! والتي تخلى عنها البطل بسبب توجهها رحمه الله.
تحول البطل محمد علي كلاي للإسلام الصحيح بعد ذلك، وترك “أمة الإسلام”، وأصبح على التوجه العام للمسلمين، في المجموعة المنضوية تحت القرآن والسنة باعتدال، والتي قاد توجهها إمام وارث الدين محمد، ابن الزعيم المؤسس، الذي اختلف مع والده في حياته، وحول غالبية المنتمين إلى “أمة الإسلام” بعد وفاة والده بمدة وجيزة، وترك الجماعة الأم.
وكان البطل محمد علي كلاي دائماً محل احترام الجميع في أمريكا وفي العالم، بل محل إجماع عجيب من القادة ومن الشعوب.
بطل وطني أمريكي، ومحل تقدير العالم، ومسلم نزيه، تشرف بالانتماء للإسلام، وشرف الإسلام بسيرته ومسيرته، يحب البذل للفقراء والمحتاجين، وأسلم على يديه آلاف الشباب الأمريكي، وشارك في دعم الأعمال الخيرية بسخاء وكرم نفس.
رحل البطل المسلم محمد علي كلاي إلى الدار الآخرة، ونعاه العالم بأسره، رحمه الله رحمة واسعة.
(*) أكاديمي وكاتب – عضو سابق بمجلس الشورى السعودي