– الخوف حالة انفعالية طبيعية تهدف إلى إدراك المخاطر ومواجهتها للحفاظ على حياة الإنسان
– سنوات الطفولة الأولى هي الأكثر تأثيراً في بناء وتشكيل شخصية الإنسان
– إدراك طفلك أنك متفهم لخوفه يمنحه شعوراً بالأمان ويجعله أكثر قدرة على التعامل معها
– حديث الطفل عن المخاوف يقلل توتره ويساعده على مناقشتها والتعرف على طرق مواجهتها
– لو كان يخاف من الشبح فاطلب منه أن يتخيل الشبح بشكل مضحك مرتدياً قبعة كبيرة ملونة
– إذا كان يخاف من الظلام فاعمل على ربط الظلام بأمور سارة يحبها
– إذا كنت أنت تعاني من بعض المخاوف فعليك بالمسارعة في علاجها حتى لا تنتقل إلى طفلك
بمجرد الضغط على زر الإضاءة لإغلاقها يقوم من سريره مفزوعاً يصرخ لإعادتها مرة أخرى، يجري هارباً عند سماعه صوت المكنسة، يستيقظ من نومه مفزوعاً خائفاً يتنفس بصعوبة شديدة مما رآه في حلمه.. هذه بعض النماذج للمخاوف التي قد يعاني منها الأبناء في صغرهم.
وعلى الرغم من أن الخوف حالة انفعالية طبيعية تهدف إلى إدراك المخاطر ومواجهتها للحفاظ على حياة الإنسان، فإنها إذا زادت على حدها الطبيعي صارت مصدراً لقلقه وتوتره وإعاقته عن ممارسة حياته بطريقة طبيعية.
وباعتبار أن سنوات الطفولة الأولى هي الأكثر تأثيراً في بناء وتشكيل شخصية الإنسان في جوانبها المختلفة، فإنه من الضروري أن يعمل الآباء على حماية أطفالهم من الخوف الزائد وآثاره السلبية على شخصياتهم، حتى لا ينمون مضطربين قلقين يعانون من سوء التكيف.
وفي السطور التالية نضع بعض الإستراتيجيات التي تساعد الآباء على مواجهة مخاوف أطفالهم.
إجراءات عاجلة
1- استجابة هادئة:
التزم الهدوء، وتجنب الفزع والهلع كاستجابة لشعور طفلك بالخوف؛ لأن هذا ربما يكون سبباً في تأكيد مخاوفه، بل قد يزيد من إحساسه بها، واحرص على طمأنته والتهدئة من روعه بكلمات رقيقة؛ مثل: “لا تخف”، “أنا بجوارك”، “إنه مجرد حلم”، “أنت بخير”، واجعل نبرة صوتك خافتة هادئة عند حديثك إليه.
2- تفهُّم واحترام:
أظهر تفهمك واحترامك لمخاوف طفلك، وتجنب الاستخفاف أو السخرية منها أو اتهامه بالجبن.. فإدراكه أنك متفهم لخوفه يمنحه شعوراً بالأمان، ويجعله أكثر قدرة على التعامل معها.
3- تعبير عن المشاعر:
شجّعه على أن يعبر عن مشاعر الخوف التي تنتابه بحرية، كأن تقول له بهدوء: “هل أنت خائف يا حبيبي؟ لماذا أنت خائف هكذا؟”؛ لأن حديثه عن المخاوف يقلل توتره ويساعده على مناقشتها والتعرف على طرق مواجهتها.
ويمكنك مساعدته على ذلك بأن تقدم له نموذجاً في القدرة على التعبير عن مشاعر الخوف، فمثلاً إذا كنت تشاهد معه فيلماً عن غزو كائنات من الفضاء للأرض وشعرت أنه بدأ يخاف فقل له: “معك حق، أنا أيضاً كدت أخاف”، فهذا يساعده على فهم مشاعر الخوف ويعلم أن الآخرين تصيبهم هذه المشاعر أيضاً فلا يبقى منفرداً وسط مخاوفه التي يظن أنها خاصة به.
تنمية الوعي
4- تمييز بين الحقيقة والخيال:
علّم طفلك أن يفرق بين بين الحقيقة والخيال، ويمكنك ذلك بأن تطلب منه أن يتخيل في رأسه “دباً أسود كبيراً”، وامنحه وقتاً كافياً ليتخيله، ثم اسأله: هل يستطيع هذا الدب الذي تتخيله أن يصيبك بأي إيذاء؟ واستخدم الأمور التي يحبها أيضاً في هذا التفريق، فمثلاً تحدث معه عن الفرق بين القطة الحقيقية والقطة اللعبة والقطة التي يشاهدها في التلفاز، وهكذا.
5- إدارة الخيال:
ساعده على التحكم في خياله، وذلك بتشجيعه على الحديث عن المخاوف التي يتخيلها، واجعل منها مادة ظريفة أو مضحكة له، فمثلاً لو كان يخاف من الشبح فاطلب منه أن يتخيل الشبح بشكل مضحك مرتدياً قبعة كبيرة ملونة أو ملابس المهرج، ففي ذلك تدريب له على التحكم في خياله.
محاذير
6- عدم الإجبار على المواجهة:
لا تدفع طفلك إلى مواجهة ما يخاف منه بشكل جبري ومفاجئ وتحت ضغط منك؛ لأن ذلك يزيد من حدة المخاوف لديه، وقد يضره نفسياً وبدنياً، بل قد يصل الضرر إلى التسبب في الوفاة من شدة الخوف.
7- تجنب الخبرات المخيفة:
احمِ طفلك من التعرض لأي خبرات مخيفة؛ كمشاهدة أفلام وبرامج الرعب أو سماع بعض القصص والحكايات عن الجن والعفاريت والأشباح وغير ذلك مما يثير الخوف في نفسه، خاصة قبل النوم.
8- ابتعد عن التخويف:
توقف عن استخدام الخوف كوسيلة لضبط سلوكيات طفلك الخاطئة، كتخويفه بوضعه في “غرفة الفئران” أو “بأبو رجل مسلوخة” أو “أمنا الغولة” أو بالعفريت أو الشبح أو بالحيوانات.. إلخ؛ لأن هذا يزرع الخوف في نفسه، ويُفقده الشعور بالأمان.
خطوات علاجية
9- إشراط مضاد:
اجتهد في ربط الموقف الذي يخاف فيه طفلك بأمور سارة تثير البهجة في نفسه بدلاً من الخوف، فمثلاً إذا كان يخاف من الظلام، فاعمل على ربط الظلام بأمور سارة يحبها، ويمكنك فعل ذلك بتنظيم بعض الأشياء المحببة إلى نفسه في ضوء خافت كتناول العشاء على ضوء الشموع أو أن تلعب معه بعض الألعاب التي يفضلها في ضوء خافت، أو أن تقص عليه بعض الحكايات التي يكون الظلام فيها عنصراً إيجابياً، كأن تقص عليه مثلاً قصة عن ملاك يظهر في الظلام يحمي الأطفال.. إلخ.
10- تعرض تدريجي:
عرّض طفلك بطريقة متدرجة للشيء أو الحيوان أو الموقف الذي يخاف منه، فمثلاً لو كان يخاف من الكلاب، فعرضه لها بشكل متدرج كأن يراقبها من بعيد من النافذة، ثم بإلقائه الطعام لها من بعيد ومشاهدتها وهي تأكله، ثم شجعه على أن يضع الطعام لها بالقرب منها، وإذا كان يخاف من الظلام يجب تخفيض الإضاءة تدريجياً يوماً بعد يوم حتى يعتاد على النوم في الظلام.. وهكذا.
11- النماذج الحية:
وفّر لطفلك فرصة لمراقبة أطفال وهم يتعرضون لمواقف يخاف هو منها، لكنهم يتعاملون معها دون خوف، فهذا يدفعه إلى مقارنة موقفه بموقفهم، وقد يساعده ذلك على تغيير قناعته تجاه ما يخاف منه، وربما يشرع في تقليدهم.
ومن أمثلة ذلك مراقبته لأطفال ينجحون في دخول المستشفى وفي إجراء عمليات جراحية، مع مراعاة عدم مدح هذه النماذج بصورة مبالغ فيها أو معايرته بها، وينبغي أن تكون هذه النماذج قريبة له في عمره حتى لا يرى أنهم يتمتعون بصفات خاصة تجعلهم قادرين على أن يكونوا أكثر شجاعة منه.
12- النماذج الرمزية:
اعرض لطفلك مواقف شجاعة لأطفال في مثل عمره من خلال مشاهدة أفلام تتناول هذه المواقف التي يتجنبها، وكيف أن هناك طفلاً شجاعاً يحسن التصرف في مواقف الخوف، فمثلاً حينما ينقطع التيار الكهربائي فلم يصرخ في الظلام بل يتحسس بيده باحثاً عن مصباح الطوارئ أو شمعة، وطفل آخر يغني ويستمتع بالاستحمام ولا يخاف من الماء، وآخر جرح فشرع في تطهير جرحه.. وهكذا.
13- مكافأة الشجاعة:
حدّد سبب مخاوف طفلك وزمانها ومكانها تحديداً دقيقاً، وامتدحه وكافئه كلما تقدم خطوة في تحمّل الموقف المخيف، فكثير من الأطفال يُظهرون الشجاعة كي يحصلوا على المكافآت، فمثلاً لو كان يخاف من الغرباء يمكنك أن تحدد له عدداً من النقاط إذا حصل عليها يستحق لعبة أو مكافأة محددة، وضع لكل سلوك نقاط محددة، فمثلاً يحصل على خمس نقاط إذا قال مرحباً لشخص غريب، وعشر نقاط إذا أجاب على الهاتف، وهكذا.
14- قدوة في الشجاعة:
كن قدوة لطفلك في التعامل مع المخاوف التي تتعرض لها؛ لأن ذلك ينتقل لطفلك بطريقة تلقائية، والعكس صحيح أيضاً، فإذا كنت تعاني من بعض المخاوف فعليك بالمسارعة في علاجها حتى لا تنتقل إليه، وحتى يتم ذلك العلاج فعليك أن تتجنب إظهار هذه المخاوف أمامه.
15- مناخ أسري آمن:
اعمل على توفير مناخ أسري آمن يشعر فيه طفلك بالدفء والمحبة والاستقرار والأمان، فذلك يجعله أكثر قدرة على التعامل مع المخاوف بشكل أفضل.