أجمع كتّاب ومحللون سياسيون فلسطينيون أن خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، مساء أمس الأربعاء، يحمل روح مرحلة جديدة من الانفتاح مع الداخل الفلسطيني والمحيط الخارجي والخروج من العزلة السياسية التي فُرضت عليها.
وقال المحلل السياسي محسن أبو رمضان، بحسب وكالة “صفا” الفلسطينية: إن خطاب هنية حمل إستراتيجية مهمة من رغبة بالانفتاح والخروج من العزلة السياسية.
وأضاف أبو رمضان أن الخطاب تضمن معاني واضحة في الانفتاح لدى الحركة في المرحلة المقبلة، وضرورة خروجها من الانعزال السياسي.
وذكر أن الخطاب تطرق إلى الربط المُحكم بين تفكيك الأزمات الإنسانية المتلاحقة في غزة وربطها بتحقيق المصالحة الفلسطينية.
وأشار المحلل إلى أنه لا يوجد قيادة فلسطينية مُفوّضة عن الثوابت الفلسطينية وخيار التمسك بكامل تلك الثوابت، منوهًا إلى أن انخراط جهة فلسطينية إلى محور على حساب محور يضر بالقضية الوطنية.
ولفت إلى أن التنسيق الأمني يعرقل انعقاد المجلس التشريعي ويعقد شروط الوحدة الوطنية التي يجب أن تكون على قاعدة برنامج وطني واضح وعلى أرضية موحدة عنوانها التحرر من الاحتلال.
وقال أبو رمضان: ما زلنا نمر بمرحلة تحرر وطني، فالبرنامج السياسي الموحد يجب أن يكون هو القاعدة الأساسية، وقرار الحرب والسلم يجب أن يؤخذ ضمن قرار قيادي موحد.
وأضاف: لو أراد الرئيس محمود عباس تحقيق المصالحة لعمل إلى عقد اجتماع الإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير، واستكمال باقي ملفات المصالحة.
ولفت إلى أن تطرق خطاب هنية إلى العلاقة مع مصر شكّل بُشرى لأهالي قطاع غزة، من خلال الحديث عن تفكيك الأزمات الإنسانية بإعادة إحياء الدور المصري في المصالحة.
وقال: إن حديث هنية عن المصالحة المجتمعية يُمثل مدخلاً مهمًا للمصالحة المجتمعية، “فهي مدخل للعدالة الانتقالية وإنصاف المظلومين لتوحيد النسيج الاجتماعي”.
ونوّه أبو رمضان إلى أن الخطاب لم يُشر إلى توصيف “التيار الإصلاحي” التابع إلى القيادي المفصول من حركة “فتح” محمد دحلان في فتح للإشارة إلى ضرورة الحديث عن فتح كحركة موحدة.
وقال: إن المطلوب من غزة يتمثل في تجديد العلاقة مع مصر وتعزيز دورها الإستراتيجي لدعم المصالحة وإعادة بناء المؤسسة الفلسطينية الجامعة للكل الفلسطيني.
من جانبه، قال الباحث والمحلل السياسي حسام الدجني: إن حركة “حماس” مُقبلة على توطيد علاقتها الدولية كدول أمريكا اللاتينية كما حدث أمس مع كوبا، عندما أيدت قرار “اليونسكو” بعدم سيادة “إسرائيل” على القدس المحتلة.
وأضاف أن مصر تنظر إلى غزة اليوم بطريقة أخرى مغايرة؛ فالقرب المصري من غزة يعطي الأخيرة الكثير من الحصانة من أي مواجهة “إسرائيلية” قادمة.
ولفت المحلل السياسي حسن عبدو إلى أنه إذا غُلّبت المصلحة العامة على مثيلتها الخاصة، فإنه يمكن تحقيق مصالحة تبدأ بمصالحة مجتمعية ثم مصالحة كاملة.
وذكر أن خطاب هنية يؤكد أن هناك مرحلة فعل جديدة في الضفة الغربية لدعم صمود الأهالي هناك بسبب إجراءات الاحتلال القمعية اليومية.
أما الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو فقال: إن خطاب هنية كان دبلوماسيًا ولم يأتِ بجديد، ولم يخاطب الجماهير المحلية في غزة.
وأضاف سويرجو أن الخطاب كان لإظهار تبادل منافع بين حركة “حماس” ومحمد دحلان، ولم يكن يخاطب بشكل واضح حركة “فتح”.
وقال: يجب على هنية سحب الذرائع من الرئيس عباس، على الأقل تجميد اللجنة الإدارية لثلاثة أشهر وليس إلغائها كبادرة حسن نية.
وذكر أن وقف التنسيق الأمني الذي تمارسه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية يمثل عبثًا، فالسلطة عمادها التنسيق الأمني لحماية أمن “إسرائيل”.
وقال سويرجو: إنه لا يمكن الحديث مع الرئيس عباس إلا كقائد في اتفاق “أوسلو”.
ولفت إلى أنه لا مجال للمصالحة إلا بوقف التنسيق الأمني، ورغم ذلك، فمراهنات الرئيس خاسرة، وعليه أن يعيد الوحدة الداخلية عبر ممارسة دوره كرئيس لحركة “فتح” وليس كرئيس للسلطة.