ما زالت حادثة الاعتداء على مشفى الرازي في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، يوم الأربعاء الماضي، تلقي بظلالها على العاملين فيه؛ فالهجوم شارك فيه 15 عنصراً على أطباء وممرضات، تعرض أحدهم إلى الضرب بوحشية مع إطلاق رصاص.
المجتمع تسلط الضوء على هذه الحادثة المؤلمة ونتائجها الكارثية على القطاع الصحي وعلى العاملين في المشفى.
إحباط
المدير الإداري فواز حماد تحدث لـ”المجتمع” وهو يحمل هموم من يعمل في المشفى قائلاً: الحالة النفسية لنا جميعاً الإحباط مما جرى من اعتداء آثم ووحشي من قبل أشخاص لا يراعون الناحية الإنسانية، والقانون يحمي هؤلاء؛ لأن القانون المعمول به في المحاكم الفلسطينية قانون لا يعتبر رادعاً لمن ينفذ مثل هذه الاعتداءات بحق مشافٍ تقدم خدمة إنسانية.
وأضاف حماد: من أمِنَ العقاب أساء الأدب وهذا ما جرى، وعلينا أن ننقل تجربة المشافي الأردنية في هذا المجال، حيث كانت تعاني هذه المشافي من تكرار الاعتداءات حتى أخذت الحكومة الأردنية قراراً بتوفير وحدات من الشرطة في كل المشافي، وأن يكون العقاب ميدانياً من خلال ردع المعتدي فوراً وعدم انتظار محاكمته، أو الاعتماد على جاهات لحل مشكلة الاعتداء.
رد باهت
وتابع قائلاً: رد الأجهزة الأمنية لم يكن على مستوى الاعتداء، وكان باهتاً وبارداً، فوقت حادث الاعتداء كانت هناك دوريات للشرطة وضابط برتبة كبيرة ولم يتدخلوا لمنع المسلحين والمعتدين، ولم يحضروا إلى الطوارئ بالرغم من إطلاق نار من قبل المعتدين وعددهم قرابة 15 فرداً، فهذا الأمر جعل كل طبيب وممرض يشعر بانتكاسة وإحباط لا يمكن وصفه، فالأصل في رجال الأمن التدخل في مثل هذه الحوادث بشكل فوري حتى يكون من يقوم بالاعتداء عبرة لغيره ويلقى العقاب المناسب لفعلته.
غرامة 5 دنانير
وأردف حماد قائلاً: أذكر في اعتداء سابق بالشتم وتكسير الزجاج، قمنا برفع قضية على المعتدي في المحاكم النظامية، وبعد حضور جلسات ومداولات، أصدر القاضي حكماً على المعتدي بتغريمه خمسة دنانير أردني! وشكل هذا الحكم لنا كطاقم في المشفى صدمة لا توصف، ولو علمنا بأن الحكم سيكون على هذه الصورة لقمنا بتقديم الاعتذار للمعتدي وتوفير تعب حضور جلسات في المحاكم لفترة طويلة، وللأسف الحكومة الأردنية طورت القانون وأجرت عليه تعديلات ونحن ما زلنا نعمل بالقانون القديم دون تعديل فهذه طامة كبرى، يقول حماد.
وختم حماد قوله: هذا هو الاعتداء المسلح على مشفى الرازي، وهناك اعتداءات غير مسلحة مثل تكسير الأبواب وتحطيم الزجاج، وشتم الأطباء، وما تم اعتقالهم من مجموع المعتدين 3 من أصل 15 مازالوا بدون محاكمة وعقاب.
نتائج كارثية
بدوره، قال الطبيب محمد عصعوص الذي تعرض للضرب وإطلاق الرصاص من فوق رأسه: هذا العمل وحشي وهمجي، ويشكل حالة من عدم وجود قانون واستقرار داخل المؤسسات الصحية، وأنا كطبيب تعرض لاعتداء بالضرب والركل في البطن وأنا على الأرض مع تهديد بالقتل من خلال إطلاق الرصاص، أعتبر هذا الحادث له نتائج كارثية على نفسيات من يعمل في مؤسسات صحية تقدم الخدمة للمواطن وتخفف عنه في ظل الحصار والاحتلال.
وأضاف: أعلم أن الحل سيكون بشكل جاهات وصلحي، وكأن أمراً لم يكن، وهذا لن يمنع من قتل أطباء في المستقبل؛ لأن العقاب معدوم والقانون يحمي المعتدي، ومع ذلك نحن كأطباء أخذنا على عاتقنا العمل في ظروف قاسية خدمة لشعبنا.
الممرضة.. الضحية
والمشهد الأكثر حزناً كان مع الممرضة سارة الطوباسي التي ما زالت في تأهيل نفسي طويل الأمد.
تقول الممرضة سارة الطوباسي: أنا لم أشاهد الرصاص في حياتي، وكان إطلاق الرصاص من فوق رأسي والضرب بالطبيب أمامي، وهذا المنظر لا يمكن أن أنساه طوال حياتي، وهو قاسٍ بكل ما تعنيه الكلمة، من قام به فاقد لكل معاني الإنسانية.
يعود المدير الإداري للمشفى فواز حماد للحديث قائلاً: الممرضة سارة الطوباسي، والطبيب محمد العصعوص، وغيرهما من العاملين في المشفى، ضحايا عدم وجود قانون وغياب دور الأجهزة الأمنية في توفير الأمن، فالمشفى يقدم خدمات طبية غير موجودة في المشافي الحكومية، وهو يخفف العبء على المواطنين، فهناك خدمة جراحة الأعصاب والمسالك البولية وتصوير ملون لشرايين القلب وتصوير مغناطيسي وجراحة الوجه والفكين.