وضعت مؤسسة الرحمة العالمية، التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، التعليم في أعلى سلم أولوياتها؛ حيث تجاوز القائمون عليها الإطار التقليدي للعمل الخيري والإغاثي من بناء المساجد وحفر الآبار وتقديم الإغاثة الإنسانية العاجلة، إلى وضع خطة إستراتيجية شاملة وواضحة ترسم احتياجات المجتمع في التربية والتعليم والصحة، وحسن استخدام الموارد المتاحة للمساهمة في التنمية الشاملة المستدامة.
وقد تنوعت اهتمامات الرحمة بالعملية التعليمية بين إنشاء الجامعات والمدارس والمعاهد، فقد أنشأت جامعتين؛ الأولى جامعة محمود كشغري في قرغيزيا، والثانية جامعة الوفاء في إندونيسيا، كما قامت بإنشاء 27 مجمعاً تنموياً، و456 منشأة تعليمية، بالإضافة إلى كفالة آلاف الطلاب والأيتام بأنواع الكفالات المختلفة (الشاملة وشبه الشاملة والجزئية).
الجامعة الكويتية الدولية (جامعة محمود قشغري) في قرغيزيا:
هي مؤسسة متخصصة بالتعليم العالي، أنشأتها الرحمة العالمية عام 1999م في بشكيك عاصمة قرغيزستان، وهي جامعة معاصرة ومتطورة، مسجلة في وزارة العدل القرغيزية، ومرخصة ومعتمدة من قبل وزارة التعليم والعلوم القرغيزية، شهاداتها معترف بها من قبل جميع المؤسسات الحكومية هناك، وتحتوي على 6 تخصصات، وهي تمتلك جميع الأسس اللازمة لعملية تعليمية ذات كفاءة عالية (منها الكوادر ذوو الكفاءات العالية، المباني الحديثة، المنهج التعليمي المتميز)، وقد تخرج في الجامعة منذ افتتاحها 559 طالباً، و30 من حملة الماجستير، وحصلت عام 2010م على «نجمة بالميرا» الدولية نظراً لمساهمتها الفعالة في توطيد أطر التعاون بين قارتي آسيا وأوروبا، ولدورها في تقوية العلاقات الاقتصادية والثقافية، كما حصلت في عام 2011م على جائزة «الجودة الأوروبية» الدولية.
مجمعات الرحمة التنموية:
ترعى مجمعات الرحمة التنموية -وعددها 27 مجمعاً- أكثر من 5 آلاف يتيم في عدد من الدول، توفر لهم الغذاء والتعليم والصحة والرعاية التربوية والدعم النفسي، وتتبنى فلسفة تغيير مفهوم كفالة اليتيم من مجرد دفع كفالة شهرية إلى تقديم رعاية شاملة من أجل حياة أفضل، ومجمعات الرحمة مشاريع عملاقة تضم المدرسة والمستشفى والمسجد والورش الحرفية.
ويتسع المجمع الواحد منها لرعاية أكثر من 750 يتيماً ويتيمة مع توفير سكن داخلي عالي المستوى مع إعاشة كاملة، وتعمل على تحقيق العديد من الأهداف، منها كفالة الأيتام تربوياً وتعليمياً ومعيشـياً وصحياً، وتأهيلهم ليكونوا عناصر فاعلة في مجتمعهم، والارتقاء بمسـتوى التعليم العربي وتحسين مخرجاته ورفد المجتمع باحتياجاته من المتعلمين والفنيين، والإسهام في تغطية متطلبات سـوق العمل، والإسهام في تحقيق التنمية الشـاملة للمجتمع.
وتتلخص فلسفة الرحمة العالمية في تحصين اليتيم منذ الصغر ليصبح قادراً على الاعتماد على نفسه؛ فاليتيم يخرج من مجمعات الرحمة العالمية ليساهم في تنمية المجتمع، حيث تعد مجمعات الرحمة لرعاية الأيتام مشروعات رائدة، ونموذجاً مشرقاً للتنمية الاجتماعية المنشودة؛ بما ترسخه من معانٍ إنسانية سامية، وما تجسده من مظاهر راقية للتضامن العربي من خلال التخطيط الهندسي الفريد والتوزيع السليم لوضعية المباني، والطرق الرئيسة والفرعية التي تربط أطراف المجمع بتناغم فني رائع، والساحات الخضراء بحدائقها المتدرجة التي تغطي المكان، وهو ما يعد من العوامل المؤثرة التي جعلت الجميع يقف في انبهار أمام هذا المشروع العملاق.
تجارب متميزة
مجمع الرحمة التنموي (جيبوتي):
افتتح مجمع الرحمة التنموي لرعاية الأيتام في منطقة بلبلا بدولة جيبوتي عام 2007م، وهو يضم داراً للأيتام، بجانب مدرسة صناعية، ومسجد، ومدرسة للتعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، ومستشفى، ووحدة مخابز، ومختبر للعلوم وآخر للحاسوب ومكتبة وصالة للأنشطة، وصالة تدريب وإنتاج، وصالة دراسية داخلية، ومكتب للمشرفين.
وحصل مجمع الرحمة التنموي في جيبوتي على جائزة أفضل المبادرات المجتمعية في مجال رعاية الأيتام بدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2015م، كما حصل المجمع على شهادة «الآيزو» في التعليم والصحة والإدارة.
مجمع الرحمة التعليمي (سريلانكا):
يقع في مدرانكولي بسريلانكا، على مساحة 84 ألف متر مربع، وقد تم افتتاح المجمع في سبتمبر 2009م، ويحتوي على جملة من المشاريع التنموية الهادفة، منها دار للأيتام، ومدرسة لكل من المرحلة الابتدائية والمتوسطة، إضافة إلى مدرسة ثانوية صناعية، ومبنى للخدمات يحتوي على مطبخ وصالة طعام ووحدة غسيل وكي الملابس ومخبز، إلى جانب ذلك الخدمات الأخرى، من بينها العيادة الطبية التي تتكون من غرفة الطبيبة، وغرفة تبديل الضمادات، وغرفة عزل المرضى، والصيدلية، وغرفة انتظار المرضى، ومخزن، ودورات مياه، وقد حصل مجمع الرحمة التعليمي في سريلانكا الذي يسع 720 طالباً وطالبة معظمهم الأيتام، على شهادة «الآيزو».
مجمع الفتيان لرعاية الأيتام (إندونيسيا):
هو أحد النماذج المشرقة لمجمعات الرحمة، أنشئ على مساحة 15283 متراً مربعاً، وافتتح عام 2007م، ويعمل على رعاية وإيواء 640 يتيماً ويتيمة، و400 طالب من غير القادرين على تحمل نفقات التعليم، يشعر اليتيم في مجمع الفتيان وفي مجمعات الرحمة بشكل عام كأنه في بيئته وبين أهله؛ حيث يوفر المجمع للأيتام بيئة اجتماعية وأخلاقية بعيدة عن الانحراف والمشكلات الاجتماعية.
المدارس الصناعية
تعد المدارس الصناعية التي تحتوي على الورش الحرفية من أهم المشروعات النوعية التي تقوم على إنشائها وإدارتها الرحمة العالمية؛ حيث تحرص على أن يكون جزءٌ من مجمعاتها التنموية خاصاً بالتعليم الصناعي.
بدأت الفكرة من جيبوتي بمجمع الرحمة التنموي، وتلك المدارس لديها منهج يستوعب التطور المتواصل في التقنية التعليمية بغية إعداد جيل يحمل العلم والمعرفة والمهارات؛ ليكون مؤهلاً تأهيلاً مهنياً عالياً يُمَكّنه من الاندماج الكامل في العمليات الإنتاجية والتطوير الشامل؛ حيث يحتوي المجمع على 5 ورش رئيسة (السيارات، الألمنيوم، الكهرباء، النجارة، والحدادة).
وهذه المدارس الصناعية يتم إنشاؤها بعد أن تتم دراسة احتياجات السوق إلى التخصصات الفنية اللازمة لدعم المشروعات التنموية في الدول، مما زاد الطلب على هذه التخصصات، وقد قام المجمع بتخريج دفعات من الدارسين بالمدرسة الصناعية.
وفي إنجاز خيري جديد يضاف إلى رصيد الكويت في الجانب الإنساني، ويؤكد نجاح الرحمة العالمية في تنفيذ رؤيتها المتمثلة في بناء الإنسان، تخرج أحد طلابها المكفولين من أهل الخير (عام 2016م) في كلية الطب بمملكة كمبوديا ليكون أول طبيب مخ وأعصاب مسلم بالدولة.
كما حصد 5 طلاب ممن تكفل الرحمة العالمية تعليمهم في جيبوتي المراكز الأولى من العشرة الأوائل على مستوى الدولة في الثانوية العامة العام الماضي، وذلك في إطار التميز الذي تنتهجه الرحمة في تعليم الطلبة.