ترددت كثيراً قبل أن أكتب في هذا الأمر، ولكن من خلال متابعة حثيثة لموضوع الهواتف النقالة رأيت أنه يجب علينا أن نوصف الظاهرة ومن ثم نأتي بالمقترحات لحلها.
لا تكاد أن تصحو من النوم فإن أول ما تقع عليه عيناك هو جهازك النقال لمتابعة ما حدث أثناء نومك، من خلال “واتساب” أو “تويتر” أو “فيسبوك” أو غيرها من برامج التواصل، وهذا حال الكثيرين ليس في مجتمعاتنا العربية والإسلامية فقط وإنما في أنحاء العالم، بحسب الدراسات التي أجريت فإنه لا يكاد أن تخلو يد إنسان من جهاز ذكي.
وهناك ما يناهز 6.9 مليار اشتراك في الأجهزة النقالة الذكية بجميع أنحاء العالم.
وأنا هنا لن أركز على النواحي الصحية وسلبيات أجهزة النقال، فقد كتب عنها الكثير، وتحدث فيها المختصون، وأثبتوا مخاطر هذه الأجهزة على الصحة، ولكن للأسف الشديد لا حياة لمن تنادي، فالكل يعلم ما الأثر السلبي للإشعاعات التي تصدرها الهواتف الذكية ولكنها ما زالت في ازدياد.
والحديث الذي أود أن يصل إلى القارئ الكريم هو أثر الهواتف الذكية على العمل والإنتاجية.
وقد حذرت دراسة ألمانية أجريت في جامعة أولم الألمانية من تأثير “الرفيق الإلكتروني”.
ويقول القائم على الدراسة ويدعى “مونتاغ”: إن السبب وراء تراجع الإنتاجية هو يوم عمل مفتت، مشيراً إلى المقاطعات المستمرة الناتجة عن الإشعارات الجديدة التي ترد عبر الهاتف الذكي.
وأضاف: هذا يمنعك من إيجاد طريقك إلى الانسياب في مكان العمل؛ وهي مرحلة العمل المركز عندما لا تعود تشعر بالزمان والمكان، ومهما كان نوع العمل الذي تقوم به سهلاً. (انتهى الاقتباس).
لقد كنت قبل عامين تقريباً في الولايات المتحدة الأمريكية، وكنت أذهب لمراجعات طبية أو الأسواق وغيرها، ولم أر أي موظف يستخدم الجهاز الذكي، وتبادر إلى ذهني تساؤل مستغرباً: ألا يملك هؤلاء أجهزة ذكية ومخترع “الآيفون” بيل جيتس وهو أمريكي؟!
وتطفلاً سألت إحدى موظفات الاستقبال في المستشفى الذي كنت أعالج فيه: ألا يوجد عندكم هواتف نقالة؟! فكانت الإجابة بالطبع: إني أملكه ولكن هو ممنوع الاستخدام أثناء العمل ويعاقب كل موظف على استخدام نقاله أثناء العمل ويمكن أن يستخدمه أثناء الاستراحة.
في ليلة البارحة وأنا أقود السيارة فإذا بسيارة الشركة الخاصة برفع النفايات وإذا بالعامل -مع احترامي الشديد لعمله- قد أمسك بجهازه النقال وغير منتبه لا إلى الطريق أو إلى عمله.
وذهبت إلى طبيب المركز الصحي، فإذا الطبيب يحادثني بأمور العلاج ويرد على “واتساب” في الوقت نفسه.
ورجل الأمن أو العسكري في أثناء عمله ممسك بجهازه بل يصور كل ما يحدث مع أنه يوجد قرار عسكري بمنع تصوير الأحداث الخاصة بالعمل أثناء أدائه.
إننا أمام معضلة كبيرة؛ وهي تأثر العمل السلبي بالهواتف الذكية، ويجب على الوزارات والهيئات الحكومية والخاصة أن تصدر قراراً بمنع استخدام هذه الأجهزة أثناء العمل، وكما يقول المثل الكويتي: “لكل وقت وقته”.
وهناك حل آخر بتفعيل قطع شبكة النقال عن الوزارات والمؤسسات، وذلك لمزيد من الإنجاز في العمل.