“فصل الدين عن الدولة”.. شعار وُلِدَ في الغرب للخلاص من القيود التي مارستها الكنيسة على حرية العقل والضمير، فضلاً عن معاداتها للعلم، ثم قام الغرب بنقلها للشرق كي يمهد الطريق أمام احتلاله للشرق.
ولكن هل فعلاً قام الغرب الديموقراطي بفصل الدين عن الدولة؟
ما نراه من ممارسات ينفي ذلك بقوة.
فهل كان الدين منفصلاً عن الدولة حين رفض الاتحاد الأوروبي انضمام تركيا المسلمة، حيث رأى الاتحاد الأوروبي أن ضم تركيا المسلمة يتنافى مع مسيحية أوروبا؟!
وهل كان الدين مفصولاً عن الدولة في الدعم الأمريكي الأوروبي غير المحدود للكيان الصهيوني، والحروب التي تديرها أمريكا والغرب في العالم الإسلامي ومنها تدمير العراق وما تلاه؟!
هل تستطيع تفسير شعارهم بفصل الدين عن الدولة أمام موافقتهم ودعمهم ليهودية الكيان الصهيوني؟ وهل هناك أكثر صراحة ووضوحاً من هذا الاندماج الكلي بين الدين اليهودي والدولة (العلمانية الديموقراطية) من تلك الحالة الصهيونية المرحب بها؟!
وهل تستطيع تفسير شعارهم وعندهم في قلب أوروبا دولة “الفاتيكان” وهي الدولة التي اندمجت اندماجاً كاملاً مع مذهب واحد من مذاهب المسيحية وهو الكاثوليكية؟!
هل الدين مفصول عن أكبر ديموقراطية عددية في العالم في دولة الهند التي يحكمها حزب ديني تحركه الدوافع الدينية، والدعاية الانتخابية وبرنامج الحزب دينية هندوسية من ألفها إلى يائها؟!
وهل الدين غائب عن الدولة في تلك الهجمة الدولية الشرسة المنظمة لتشويه الإسلام وربطه بالإرهاب؟!
إن الدول التي زعمت فصل الدين عن الدولة هي بعينها الدول التي تتبنى تشويه الإسلام، وإدارة الحروب في الدول العربية والإسلامية، والوقوف في وجه أي تحرك جماهيري نحو الحرية واستقلال الإرادة.
وبحسب تعبير الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله: “لو نفخنا الأغشية الرقيقة التي تخفي الأساليب العسكرية والثقافية والمدنية في معاملاتهم لنا، لوجدنا لإنجلترا وفرنسا وأمريكا وغيرها وجهاً صليبياً كالحاً يقدح بالشر ويتميز بالغيظ”.
إنها فقط شعارات يُصدِّرونها لنا، ويُرَبون عليها أبواقاً من بني جلدتنا، والهدف هو تفريغ ديننا من محتواه، ونزع مخالب المقاومة من أيدينا، وتفريغ عقولنا من الاستقلال الفكري، وإغراقنا في مستنقع التبعية وقيود العبودية.
حتى تكون خيرات بلادنا لقمة سائغة في أمعائهم.