يقصد بالشذوذ الجنسي مخالفة الفطرة، من ممارسة الجنس بين والرجل الرجل أوبين المرأة والمرأة، وهو من الأمور التي تخالف فطرة الإنسان فضلاً عن كونه من الأمور التي حرمها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد شاعت في بعض أوساط المسلمين من فئة قليلة لا تمثل غالبية المجتمع المسلم، لكن الأخطر في هذا، هو محاولة تقليد الغربيين من المناداة بالسماح للشذوذ الجنسي الذي يصل إلى حد زواج الرجل من الرجل والمرأة من المرأة، باعتبارها –حسب ظنهم- من الحرية الشخصية التي يجب أن يكفلها القانون حتى في بلاد المسلمين!
وقد تحدث الفقهاء قديماً عن الشذوذ الجنسي في أكثر من عنوان، من أهمها: اللواط والسحاق.
وإن كان الشذوذ الجنسي المعاصر هو أوسع دلالة من اللواط والسحاق.
والفارق أن اللواط والسحاق مجرد ممارسة فقط، بينما الشذوذ الجنسي المعاصر يشمل الممارسة بل والزواج بعقد رسمي.
أولاً: اللواط:
اللواط له صورتان:
الأولى: أن يأتي ذكر ذكراً آخر في دبره.
الثانية: إتيان الرجل المرأة في دبرها.
الحكم الشرعي:
اتفق فقهاء الإسلام على أن اللواط حرام، وأنه أشد من الفواحش.
ودليل تحريمه في الكتاب آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 165، 166].
كما صرح النبي صلى الله عليه وسلم بتحريمه، وذلك في عدة أحاديث، من أشهرها ما أخرجه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك، وهو صحيح الإسناد، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من عمل عمل قوم لوط، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط”.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم تنبأ أن ينحرف من المسلمين فيعمل مثل هذا العمل الخبيث، فورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله:” أخوف ما أخاف عليكم عمل قوم لوط”.
عقوبة اللائط:
اختلف العلماء في حد اللائط.
المذهب الأول: حد اللائط أن يرجم بكراً كان أم ثيباً.
وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وجابر بن زيد، وعبدالله بن معمر، والزهري، وأبي حبيب، وربيعة، ومالك، وإسحاق، وأحد قولي الشافعي.
أدلة الرجم:
من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به»، رواه أبو داود، وفي لفظ: «فارجموا الأعلى والأسفل»، ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم أجمعوا على قتله، وإنما اختلفوا في صفته، واحتج أحمد رضي الله عنه بقول علي عليه السلام، وأنه كان يرى رجمه، ولأن الله تعالى عذب قوم لوط بالرجم، فينبغي أن يعاقب من فعل فعلهم بمثل عقوبتهم. وقول من أسقط الحد عنه يخالف النص والإجماع، وقياس الفرج على غيره لا يصح؛ لما بينهما من الفرق. إذا ثبت هذا، فلا فرق بين أن يكون في مملوك له أو أجنبي؛ لأن الذكر ليس بمحل لوطء الذكر، فلا يؤثر ملكه له. ولو وطئ زوجته أو مملوكته في دبرها، كان محرماً، ولا حد فيه؛ لأن المرأة محل للوطء في الجملة، وقد ذهب بعض العلماء إلى حله، فكان ذلك شبهة مانعة من الحد، بخلاف التلوط.
المذهب الثاني:
حد اللائط حد الزاني، يرجم إن كان محصناً، ويجلد إن لم يكن محصناً، وهذا المذهب سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقتادة، والأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأبي ثور، وهو المشهور من قولي الشافعي.
أدلة أن حده الزنى:
ودليل أن حكمه حكم الزنى، لقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا أتى الرجل الرجل، فهما زانيان”.
ولأنه إيلاج فرج آدمي في فرج آدمي، لا يمتلك الاستمتاع به من أي وجه شرعي، فهو زنى، لأن الزنى هو استمتاع عن طريق غير شرعي.
كما أنه أشد الفواحش، فهو زنى.
المذهب الثالث: أن اللائط يحرق بالنار.
فقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريق اللوطي، وهو قول ابن الزبير لما روى صفوان بن سليم، عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلاً ينكح كما تنكح المرأة، فكتب إلى أبي بكر، فاستشار أبو بكر رضي الله عنه الصحابة فيه، فكان علي أشدهم قولاً فيه فقال: ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة، وقد علمتم ما فعل الله بها، أرى أن يحرق بالنار، فكتب أبو بكر إلى خالد بذلك، فحرقه.
المذهب الرابع: لا حد عليه، وبه قال الحكم، وأبو حنيفة؛ لأنه ليس بمحل الوطء، أشبه غير الفرج ( المغني 9/61).
الأمراض المترتبة على اللواط:
يذكر د. محمود حجازي في كتابه “الأمراض الجنسية والتناسلية” خطر العلاقات الجنسية المحرمة، ومن أهمها:
مرض الزهري.
التهاب الكبد الفيروسي.
مرض السيلان.
مرض الهربس.
التهابات الشرج الجرثومية.
مرض التيفوئيد.
مرض الأميبيا.
الديدان المعوية.
ثواليل الشرج.
مرض الجرب.
مرض قمل العانة.
فيروس السايتوميجالك الذي قد يؤدي إلى سرطان الشرج.
المرض الحبيبي اللمفاوي التناسلي.
ثانياً: السحاق:
السحاق هو أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل.
وهو أحد الكبائر كما ذكرها ابن حجر، ودليل حرمتها، قوله صلى الله عليه وسلم:” السحاق زنا النساء بينهن”.
ولا حد عليهما، لأنه لا يشبه الزنى، ولا اللواط، لأن الزنى واللواط فيهما إدخال، فلو أن الرجل داعب الرجل أو داعب المرأة لم يكن عليه حد، وذلك لما روي «أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني لقيت امرأة، فأصبت منها كل شيء إلا الجماع، فأنزل الله تعالى: {أقم الصلاة} [الإسراء: 78] الآية. فقال الرجل: ألي هذه الآية؟ فقال: لمن عمل بها من أمتي»، المغني لابن قدامة (9/ 62).
الشذوذ أشد حرمة:
على أن اللواط والسحاق ليسا من أخلاق المسلمين، ولا مما ينبغي أن يكون موجوداً في المجتمع المسلم، فكل هذه السلوكيات خارجة عن تعاليم الإسلام، بل خارجة عن الفطرة السوية بعيداً عن الدين والمعتقد، وأنه من ابتلي بمثل هذه القاذورات –كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم- وجب عليه التوبة إلى الله، وأن يستر نفسه، لا أن نرى ممن ينتسبون إلى الإسلام ينادون الدولة –مستنصرين بالغرب والنظام الدولي- أن تكون هذه الفاحشة مشرعة في بلاد المسلمين، بل ويطالبون أن يصدر قانون يسمح لهم بهذا.
إن المثلية الجنسية والشذوذ الجنسي بالمعنى المعاصر أشد حرمة من اللواط والسحاق، بل وأشد خطراً على المجتمعات، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].