في مزرعته بمدينة أريحا، يقضي مأمون جاسر، من مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، وقته، والمزروعة بأشجار النخيل من نوع “مجول” المفضل عالمياً، على مساحة تزيد على 100 دونم.
يقول مأمون عن زراعة النخيل: تحتاج إلى خبرة، وكان دخولي في هذا المجال من قبيل الصدفة عام 2010، فأنا أعمل في مجال المحاسبة، ولي مكاتب في قلقيلية ورام الله، ولم أكن أخطط كي أكون من مزارعي النخيل، الذين يصدرون التمور للخارج، وكنت من جمعية مزارعي النخيل ورئيسها.
عند الوصول إلى مزرعته في أريحا، كانت أشجار النخيل التي زرعها تستقبلنا قبله، وعليها الثمار المغطاة بأكياس لحفظها من الحشرات والتساقط على الأرض، وظهر مأمون من بين أشجار النخيل، كي يرشدنا إلى تفاصيل مزرعته النموذجية، وخلال الجولة في المزرعة تحدث جاسر قائلاً: هذه الأرض تعود إلى وزارة الأوقاف وهي موقوفة منذ عهد الحاكم الظاهر بيبرس المملوكي، والاحتلال يحاول أن يسيطر عليها، وخضنا معارك قانونية واستطعنا انتزاع حقنا فيها كمزارعين، وأنقذنا الأرض من المصادرة، فالاحتلال والمستوطنون عيونهم على أراضي الغور، وبالتحديد في منطقة أريحا، وكانت هذه المنطقة محاطة بخندق للدبابات، قام بحفره الاحتلال، بعرض 6 أمتار وعمق 3 أمتار، وقمنا كمزارعين بدفع أموال طائلة كي نطمر هذا الخندق بالتراب، وبعدها بدأنا عملية الزراعة مع جيراني الذين جاؤوا من عدة مناطق من الضفة الغربية، وأنا الوحيد هنا أمتلك مزرعة من شمال الضفة الغربية في منطقة أريحا.
يتنهد بمرارة
يتنهد بمرارة عندما تحدث عن تسريب التمور من الجانب الإسرائيلي إلى السوق الفلسطينية، وكيف تتم محاربة مزارعي النخيل من قبل الاحتلال والمستوطنين، ويقول: التمور المنتجة في مزارعنا ذات جودة عالية جداً، وضمن المعايير الدولية، والتمور المهربة إلى السوق الفلسطينية من المستوطنات من النوع الرديء، وتم اكتشاف أمرها في العديد من الحالات، والدود يعلو الصناديق التي أحضرت بها للجانب الفلسطيني، ومن يقوم بعملية التهريب من التجار لا يقلون خطورة عمن يسرب الأرض للاحتلال، فخسارة المزارعين في قطاع النخيل تعني السماح للاحتلال بمصادرة الأراضي المزروعة بالنخيل، فعين الاحتلال عليها، فهذه خيانة بامتياز، ووقد أطلقنا حملة بوصف كل من يقوم بعملية تسريب التمور إلى السوق الفلسطينية بالخائن والجاسوس.
توزيع الوقت
يشرح جاسر كيف يوزع وقته بين قلقيلية وأريحا ورام الله قائلاً: في البداية شجرة النخيل تحتاج إلى رعاية كاملة طوال العام، وفي أوقات الذروة، وقت قطف الثمار، أبقى في المزرعة مدة 3 أيام متقطعة، فالعمال الذين يزيد عددهم على 25 عاملاً في أوقات قطف الثمار يحتاجون إلى متابعة، وفي داخل المزرعة منزل فيه كل المرافق مع حديقة تحيط بها أشجار النخيل.
ويتابع قائلاً: أشعر بالسعادة كوني ضمن مشروع “حافظ على الأرض من الضياع”، فنحن كمزارعين لشجرة النخيل دورنا قبل أن يكون اقتصادياً هو وطني بالدرجة الأولى، فهذه الشجرة لها فضل على عدم ضياع الأرض.
آفة النخيل المدمرة
وعن آفة النخيل المدمرة، قال جاسر: هذه الآفة التي تعرف بسوسة النخيل، تهلك الشجر وتقتله وتفتك به، وقد قمت بعدة خطوات وقائية، منها المبيدات الحشرية بعد قطف الثمار فوراً، وعلى فترتين في العام في فترة عدم وجود ثمار، والأمر الثاني إزالة ما تبقى من نتوءات خشبية على جذع النخلة، وهذا يساعد على رؤية وجود آفة النخيل التي تتسلل إلى شجرة النخيل وتبيض الحشرة بداخلها، وبعد تحول البيض إلى ديدان تتغذى الديدان على اللحاء الداخلي وهو حلو المذاق وتنهار الشجرة من الداخل.
رعاية أشجار النخيل
واصل جاسر الحديث عن خطوات رعاية شجرة النخيل قائلاً: منذ بداية يناير من كل عام تبدأ عملية تنظيف الأشواك، كي تتم عملية التلقيح بسهولة، ثم عملية التلقيح، وبعد ذلك يتم تفريد القطوف بقص 75% من عنقود النخيل حتى يكون صالحاً للتصدير، ثم تأتي مرحلة ربط العناقيد، وبعدها عملية القطف من خلال رافعات خاصة.
وعن مصدر المياه التي تستخدم لري النخيل يقول جاسر: شجرة النخيل حساسة بالنسبة للمياه، فإذا تأخرت عليها المياه يتأخر إنتاجها لعدة سنوات، فهي تحتاج في العام إلى 100 كوب من المياه، لذا قمت بحفر بئر داخل المزرعة لتزويد 1600 شجرة نخيل على مدار العام، ومن خلال تشغيل إلكتروني عن طريق الحاسوب.
وعن الكمية التي تنتجها شجرة النخيل يقول جاسر: نحن نحسب الكمية الصالحة للتصدير، فشجرة نخيل بعمر 10 سنوات ويتم الاعتناء بها بشكل جيد تنتج 100 كجم صالحة للتصدير من الكمية المجملة التي قد تصل إلى 400 كجم، لكن الصالح منها 100 كجم.
دعم المزارع
وفي نهاية اللقاء معه داخل مزرعته النموذجية وتذوق ثمار المجول يقول جاسر: إذا كنا نريد أن نحافظ على الأغوار، فعلينا أن ندعم المزارعين فيها، وخصوصاً من يقوم بزراعة النخيل في مزارع نموذجية، فالمزارع الإسرائيلي يتلقى دعماً غير محدود من حكومته لعدة سنوات من أجل أن يوافق على الاستمرار في الزراعة، ونحن هنا نكابد الاحتلال من أجل البقاء والصمود.
يشار إلى أن إنتاج التمور في فلسطين يزيد على 20 ألف طن سنوياً من النوع الجيد الذي يتم تصديره للخارج.