اعتبرت صحيفة “جارديان” البريطانية أن تبرئة مجلس الشيوخ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب “مسرحية هزلية”، مؤكدة أنها سوف تدمر الحماية الدستورية في الولايات المتحدة.
وفي مساء الأربعاء الماضي، انتهت نتائج التصويت في مجلس الشيوخ إلى تبرئة ترامب من تهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة الكونجرس.
وقالت الصحيفة في الافتتاحية التي نشرتها على موقعها الإليكتروني:” لم يكن التصويت على البراءة تبريرا لسلوك الرئيس، أكثر من كونه مسرحية هزلية لجلسات استماع مجلس الشيوخ، التي أقسم فيها المحلفون أن يكونوا محايدين، ومع ذلك رفضوا مجرد الاستماع للشهود”.
ورأت الصحيفة أنه كان من الواضح أن الجمهوريين لم يكونوا ليحملوا الرئيس الأمريكي المسئولية، مؤكدة أن رفضهم عزل ترامب من شأنه أن يدمر الحماية الدستورية في البلاد.
وانتهى مجلس الشيوخ الأمريكي إلى تبرئة ساحة الرئيس، دونالد ترامب، في محاكمته لينهي محاولة عزله من منصبه، حيث صوت المجلس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ضد تهم الموجهة له باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس.
وفي ديسمبر الماضي، وجه الديمقراطيون لترامب تهمة الضغط على الرئيس الأوكراني من أجل تشويه سمعة منافس له في الانتخابات الرئاسية.
وفي نوفمبر المقبل سوف يصبح دونالد ترامب، أول رئيس أمريكي يخوض انتخابات رئاسية بعد محاكمته في مجلس الشيوخ في محاولة عزله.
وفي تصويت تاريخي، قرر مجلس الشيوخ، عدم عزل ترامب من منصبه بتهم استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس في قضية أوكرانيا.
وكان مجلس النواب الأمريكي الذي يسيطر عليه الأعضاء الديمقراطيون، وجه التهم إلى ترامب في 18 ديسمبر الماضي بهدف عزله من منصبه.
وتطلب عزل ترامب موافقة ثلثي المجلس، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، وفي حال تم ذلك كان سيتعين على ترامب أن يترك منصبه ليتولى نائبه مايك بنس الرئاسة.
وخلال عملية التصويت، كان السناتور ميت رومني، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية يوتا، الجمهوري الوحيد الذي صوت لإدانة ترامب بالتهم.
وعلق الديمقراطيون آمالا كبيرة على عزل ترامب، إلا أن عضوين من الحزب هما سوزان كولنز، من ولاية ماين، وليزا موركوسكي، من ولاية ألاسكا، لم يصوتا مع رومني لإدانة الرئيس.
وكان الجمهوريون أيضا يراهنون على تصويت ثلاثة أعضاء من الديمقراطيين معهم، ولكنهم في النهاية صوتوا لصالح العزل.
ولكن صدور حكم البراءة كان بمثابة الفصل الأخير من المحاكمة، التي استمرت 4 أشهر، وتسبب في تصاعد التوترات الحزبية.
ومن جانبه تحت عنوان “ترامب يطلق عنان غضبه لهجماته الديموقراطيين الاشرار”.. سلطت وكالة الأنباء الفرنسية الضوء على خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غداة تبرئته، حيث هاجم معارضيه السياسيين متهما اياهم بأنهم “غير نزهاء..وفاسدون”.
واعتبر الرئيس الأمريكي، في خطاب في البيت الابيض، أن ما حصل “عار” و”كارثة” و”ترهات”، ووصف خصومه بأنهم “كاذبون” و”أشرار”، ووجه الشكر لعائلته، وخصوصا ابنته ايفانكا وزوجته ميلانيا، لدعمها له.
وكانت كلمة الرئيس الـ45 في تاريخ البلاد منتظرة بشدة عقب محاكمة العزل التاريخية التي سلطت الأضواء على وجود انقسامات عميقة في أمريكا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر.
وقال ترامب: “هذا ليس مؤتمرًا صحافيًا، هذا ليس خطابًا”، وتدارك هذا احتفال”، ووجه شكرا شخصيا للنواب الجمهوريين في الكونجرس الذين حضروا الخطاب، ووصفهم بأنهم “محاربون”.
وأضاف: “ارتبكت أخطاء في حياتي، أعترف بذلك، لكن النتيجة النهائية تظهر هنا!” ملوحا بعدد من جريدة “واشنطن بوست” لخص ما حصل في عنوان من كلمتين “ترامب مبرأ”، واسترسل: “نيويورك تايمز، واشنطن بوست… حصلت على الكثير من العناوين الرائعة”.
ولم ينتظر الرئيس الأمريكي خطاب بعد الظهر للتعبير عن مواقفه، إذ باشر منذ الصباح الحديث عن تبرئته.
واستغلّ ترامب فطورًا تقليدًا سنويًّا يحضره نواب من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، لبدء هجماته.
وهاجم وهو يلوح بنسخة من صحيفة “يو إس إيه توداي” وقد عنونت على صفحتها الأولى “براءة”، بشدة النواب الديموقراطيين قائلًا: “لقد فعلوا المستحيل لتدميرنا، وبالتالي، مهاجمة بلادنا”.
وأضاف: “الديمقراطيون يعلمون أن ما يفعلون سيء، لكنهم يضعون مصالحهم قبل مصالح بلدنا العظيم”، قبل أن يمتدح “الحكمة والصرامة الاخلاقية والقوة” التي تحلى بها أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون.
وخلال تصويت أمس الأربعاء تابعه عبر التلفزيون عشرات ملايين الأمريكيين، قرر مجلس الشيوخ بـ52 صوتًا (من 100) أن ترامب ليس مذنبا باستغلال السلطة ولا بعرقلة حسن سير الكونجرس (53 من مئة).
ولم يحز قرار الإدانة ثلثي الأصوات المطلوب، فأعلن جون روبرتس رئيس المحكمة العليا الأمريكية أن دونالد ترامب بالتالي بريء، قبل الإعلان عن نهاية هذه المحاكمة الاستثنائية.
ويأخذ الديمقراطيون على الرئيس الجمهوري استخدامه وسائل الدولة وخصوصا مساعدة عسكرية صادق عليها الكونجرس، في مسعى لإجبار أوكرانيا على “تلطيخ سمعة” منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية 2020 جو بايدن.
وانقسم الأمريكيون بشأن عزل ترامب، وعبر 85 بالمئة من الناخبين الديمقراطيين عن تاييدهم للعزل في الايام الاخيرة، مقابل أقل من 10 بالمئة من الناخبين الجمهوريين.
واستقر معدل التأييد لعزل ترامب عند مستوى يزيد بشكل طفيف عن 50 %، وهو ما يعني أنه من الصعب معرفة تأثير الامر على الانتخابات، لكن ترامب يقول أنه واثق بان الناخبين سيعاقبون “الديمقراطيين الذين لا يفعلون شيئا”.
وقالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، إنّ تبرئة دونالد ترامب من الاتهامات المتعلقة بإساءة استخدام السلطة، وعرقلة إجراءات الكونجرس كانت متوقعة منذ فترة طويلة.
وتمّت تبرئة ترامب بأغلبية 52 صوتًا مقابل 48 في التهمة التي تتعلق بإساءة استخدام السلطة، في تهمة في عرقلة الكونجرس.
وعقّبت الصحيفة قائلةً: “كانت تبرئة ترامب متوقعة منذ فترة طويلة، أغلبية الثلثين مطلوبة لإقالة رئيس من منصبه، لكن التوبيخ الدراماتيكي من قبل سناتور من ولاية يوتا أعطى مصداقية الحزبين لمساءلة عارضها حزب الرئيس بشدة”.
لم يكن ترامب سوى الشاغل الثالث للبيت الأبيض الذي يواجه محاكمة إقالة في مجلس الشيوخ.
وألقى ميت رومني، الذي كان المرشح الجمهوري للرئاسة عام 2012، ملاحظات عاطفية في قاعة مجلس الشيوخ قبيل التصويت الذي انتقد فيه بشدة ما وصفه بجهود ترامب للضغط على أوكرانيا للتحقيق مع جو بايدن، وهو مرشح ديمقراطي للرئاسة، عن طريق حجب المساعدات العسكرية.
وقال رومني، الذي هاجم مباشرة إصرار ترامب المستمر على أن سلوكه “مثالي”: “الرئيس مذنب بإساءة استخدام مروعة للثقة العامة”.
وكان التصويت بعد ظهر أمس الأربعاء تتويجًا لعملية استمرت عدة أشهر أدت إلى انقسام حاد في الرأي العام الأمريكي وتقسيم الكونجرس إلى حد كبير على أسس حزبية.
ولم يتحول الرئيس عن موقفه بأنه لم يرتكب أي خطأ، والديمقراطيين كانوا ببساطة منخرطين في محاولة للتراجع عن نتائج انتخابات عام 2016، واعتذر بيل كلينتون علانية عن سلوكه بعد أن برأه مجلس الشيوخ في محاكمة عزلته عام 1999.
وأصدر ستيفاني جريشام، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض ، بيانًا سخر فيه من رومني بأنه “مرشح جمهوري فاشل”، كما اتهم آدم شيف، الرئيس الديمقراطي للجنة الاستخبارات في مجلس النواب الذي قاد التحقيق في قضية الإقالة بالكذب.