تأسياً بما فعلته الجزائر، دعا عدد من الناشطين التونسيين إلى النسج على نفس المنوال، واستعادة رفات شهداء معارك التحرر الوطني التي نقلت إلى فرنسا لعرضها في متاحف “ضد الإنسانية”، ومعبرة بشكل فاحش عن عنصرية مقيتة وفاشية مطلقة، كما طالبوا فرنسا بالكشف عن المقابر الجماعية التي أقامتها للتونسيين بشكل جماعي أو فردي.
رفات الشهداء على ذرى الجبال
وقال الإعلامي والناشط أمان الله المنصوري، في تدوينة له على “فيسبوك”: الجزائر تفتك شرفها.. دفعة من رفات 24 شهيداً جزائرياً تسلمتهم الجزائر من فرنسا وإقامة جنازة وطنية لرد الاعتبار لجهادهم ونضالاتهم ومنحهم حقهم الطبيعي في الدفن.
وتابع: للأسف رفات شهداء معركة جبل آڤري عام 1956 (بالجنوب التونسي) حيث تم تجميعها داخل صندوق ودفنها ليلاً، دون أي جنازة، والبعض الآخر ما زالت رفاتهم متناثرة في مكان المعركة.
وأردف قائلاً: يجري هذا بالجزائر في وقت لا يزال البعض في تونس يتساءل: هل كان الاحتلال الفرنسي لتونس احتلالاً أم حماية؟
حماية القتلى
وعلّق الكاتب سمير حمدي ساخراً: “تعجبني الحماية الفرنسية (حسب تسمية الاحتلال لاتفاقية الاحتلال المفروضة على حاكم تونس في عام 1881م).
وتابع: حتى جماجم المناضلين الذين قطعت رؤوسهم وضعتهم فرنسا في المتحف بعد أن وقع تحنيطهم لتخليد ذكراهم.
وأردف: “هذه الجماجم موضوعة في متحف “الإنسان” في باريس، يأتيه الزوار ليستمتعوا بإنجازات فرنسا في الدول الأفريقية..”، وذكر بأن العدد الإجمالي للضحايا 25 ألف جمجمة لمجاهدين ومناضلين قاوموا الاحتلال الفرنسي؛ فأرادت فرنسا أن تجعلهم عبرة لمن يعتبر، ولكن بذلك عرّت نفسها أمام التاريخ بأنها دولة همجية في الأساس.
وكتب الناشط والمربي بلقاسم جريو: استعادة جماجم قادة الجهاد الجزائري خطوة رمزية مهمة، فقد ظلت رؤوس قادة كبار أمثال بوزيان وبوعمامة وغيرهم رهينة القبضة الفرنسية لعقود طويلة.
وأضاف: كان الاحتلال الفرنسي أحد أبشع أشكال الاحتلال التي عرفها العالم، فقد كان يقتل الإنسان ويمسخ الهوية ويسرق الثروات ثم يترك العملاء خلفه يحكمون في صورة نخب متفرنسة تدافع عن أسيادها في باريس، وتلقي اللوم على شعبها، وقد يصل بها الأمر إلى الدفاع عن الاحتلال وتلطيف صورته (كناية عمن يسمي الاحتلال الفرنسي لتونس “حماية”).
وجدد المطالبة باستعادة شهداء تونس والمطالبة بكشف أماكن المقابر الجماعية التي أقامتها فرنسا للمقاومة سواء في تونس أو المغرب أو أي بلد عربي أو إسلامي، وذكر بالطابع البريدي الذي أصدرته فرنسا لجندي يحمل رأسين لمقاومين مغاربة.
مصادر “داعش”
وكتب الصحفي عبدالرحمن سيد، على موقعه بـ”فيسبوك” قائلاً: “أحد المثقفين الأوروبيين المسلمين قال لي بعد 9/ 11: إن ما ينسب لبعض الحركات من توحّش مصدره الغرب وليس قراءة خاطئة للإسلام، وتابع: “بدا لي كلامه وقتذاك (…) لكن بعد مشاهدتي طوابع بريد فرنسية تحمل صورة جندي فرنسي يمسك برأسين لمقاومين مغاربة، ومتحف “الإنسان” وكنيسة هولندا التي بنيت بجماجم المسلمين وتجدد بعظامهم، وبعد مطالعاتي عن الحروب البيولوجية وما جرى من فظاعة ووضاعة في التاريخ الأوروبي، حروب الألف عام، والمائة عام، والخمسين عاماً، والحربين الكونيتين، وفظائع الاحتلال، أدركت أن صاحبي لم يكن يتكلم من فراغ، وأنه يعني ما يقول، وتأسيس الصليب الأحمر، وظروف تأسيسه تغني عن كل شك في الموضوع.
وقال: علينا إمضاء عرائض تطالب باستعادة رفات ضحايانا مثل الجزائريين، والمطالبة بخرائط المقابر الجماعية التي أقامها الاحتلال الفرنسي في كل جهة من أرضنا.
رسالة إلى الرئيس التونسي
الإعلامي والمخرج جمال الدلالي توجه برسالة إلى الرئيس التونسي تحت عنوان “إلى من يبلّغ صوتي إلى رئيس الجمهوريّة”، ومضى يقول: سيّدي الرّئيس، رفات البعض من مجاهدينا في متحف فرنسا، وأخرى لا تزال فوق جبل آڤري بولاية تطاوين، بقيت 60 عاماً متناثرة فوق الصّخور وبين الوهاد، في ظلّ دولة الاستقلال، لا يجرؤ أحد من أهلها على الاقتراب منها وجمعها لمواراتها التّراب، جمعت هيئة الحقيقة والكرامة بعض ما تمكّنت من جمعه وتحديد هويّته ودفنه في غياب مخجل للسّلطات المحليّة والمركزيّة.
وتابع: هذه الرّفات الطّاهرة لمقاومين شرفاء قصفتهم طائرات الاحتلال الفرنسي بعد إمضاء وثيقة الاستقلال لا تحتاج اتّفاقيّة أو لائحة اعتذار أو تسليم من أجل جمعها ودفنها في موكب رسميّ وشعبيّ مهيب يعيد إليهم وإلى عائلاتهم الاعتبار والكرامة ويضمّد جراحات الماضي الأليم.
وأردف: سيّدي الرّئيس، رفاتهم هنا لا تحتاج لائحة، وأنتم الرّئيس الوحيد للبلد الحامي للدّستور والنظام الجمهوري والكرامة الوطنيّة، فهل من لفتة لرفات المقاومين الذين بذلوا أرواحهم من أجل تحرير الوطن؟
ورد عليه الناشط أمان الله المنصوري قائلاً: صديقي لا ترهق نفسك، وصل له الاقتراح منذ مدة في أكثر من مناسبة ولم يتفاعل معه، لكن شهادة للتاريخ؛ الرئيس السابق المنصف المرزوقي وعدني في لقاء جمعني به قبل الانتخابات أنه في حال فوزه ستكون أول إنجازاته جنازة رسمية ومقبرة للشهداء.