نسمع ما نسمع وما يقال من البعض حول أهل الفن من الممثلين، وبعض المشايخ مع الأسف الذين لا ناقة لهم ولا بعير في فهم الإعلام عموماً وخطورة الجهل فيه وفي فنونه، ومن أخطر فنونه أثراً، كما أثبتت الدراسات، وتأثيراً سلباً أو إيجاباً، أعمال الدراما والتمثيل بشكل الخصوص، ولا يعلم هؤلاء الدعاة إما جهلاً وتجاهلاً، أو ترفعاً وأحوط كما يزعمون خطورة هذا الفن ونتائجه الرهيبة إذا أجاده العدو وجهلناه، أحدهم لا يعلم منها حتى خطوطها الأعرض ولا أقول العريضة؛ وهذا ليس عيباً، ولكن العيب أن يبدي رأياً مع جهله في الأمر تفصيلاً دقيقاً، فهذا لا شك غير مقبول، وفي الوقت نفسه؛ يدعي أنه المفتي الأعلم فيها، والجهبذ الذي لا يجارى في هذا الأمر! مع احترامي للجميع من نتفق معه أو نختلف معه، رغم أن المسألة كما صنفها العلماء الحق أنها تدخل في هامش النظر والاجتهاد قبولاً ورداً حسب المصلحة والمنفعة، وأنها لا تتعدى حدود الوسيلة، من دون التجريح بالمقابل إلا ما دلَّ على مخالفته الشرع، مع الاختلاف في بعض الشروط حتى ما بين الموافقين عليه.
نعم أيها القارئ الكريم، وخصوصاً البعض من هؤلاء الذين لا يرون حقيقة إلا في رأيهم وعقلهم! ويعتقد أحدهم ألا يوجد من هو أعلم منه، ولا يوجد من أتباع السلف سواه ومن يوافقه، ولا يوجد على الكرة الأرضية من هم أهل السُّنة والجماعة سواه ومن يوافقه ومجموعته التي لا تنوع لها ولا عقال يعقلها، يتحدث أحدهم وكأنه النبي المرسل الذي لا يخطئ، المعصوم من الزلل والبدع، وكل من يخالفه هو المبتدع أو من الخوارج، أو من الزنادقة وهلم جرا! من أوصاف ناقصة يصفون بها من يخالفهم ولا يتفق معهم.
في قضية التمثيل “الدراما”، تجد أحدهم لا يتحدث إلا بما هو سيئ في هذا الفن، وكأنه ارتدى المنظار الأسود المنحرف الذي لا يرى إلا السواد والانحراف في هذا الفن؛ الذي أجاد العدو، أو بالأحرى كل عدو للأمة، أجاد كيف يسخره ويتعامل معه كوسيلة بكل رقي وعلمية وإتقان فني من أجل الهجوم على الأمة ودينها، والعمل على تهلهل شبابها وانسلاخهم من دينهم وأخلاقهم، وهؤلاء القصّر عقلاً ودعوة لا يرون في الوسيلة الفنية إلا ما هو سيئ، وينسون أو يتناسون أن الفن وسيلة، والوسيلة محايدة عند العقلاء أصحاب العقول الصحيحة، والضمائر الحية التي لا تنطلق إلا من فهم صحيح وذاتية عقلية علمية، ودعوية حرة متجردة من كل ميول وشهوة.
مع الأسف نجد هذه النوعية لا تتحدث إلا عن الأفلام أو المسرحيات السيئة التي تسيء للإنسان والأخلاق؛ ويتناسى البعض من هؤلاء أن الفن ومنه التمثيل ما هو إلا وسيلة محايدة كما أسلفنا، وحتى لا أطيل.. سأتحدث حول هذا الموضوع بشيء من الإسهاب مستشهداً بأقوال بعض العلماء الذين مالوا إلى جواز التمثيل شرعاً، وأترك أولئك الذين جعلوا من التمثيل عين الخطر والكذب الذي لا يجوز التعامل معه لأنهم حقيقة؛ لم يدققوا بدقائق هذا الفن حسب وجهة نظري، ودقة خطره فصنفوه كذباً، واعتقدوا أنهم كمّل العقول والنظر وهذا رأيهم، والبعض منهم تشنج في هذا، وهؤلاء لا يلتفت لهم صاحب النظر.
سأضع سبع نقاط أو عناصر وأتحدث حولها عنصراً عنصراً، وأتمنى من هؤلاء المخالفين بعنف أدعياء السلفية المزعومة أن ينظروا في هذه العناصر، ولا أريد أن يقوموا بالرد عليَّ؛ لأنني لم ولن ألتفت لهم ما داموا لا يستطيعون أن يعيشوا ويتعايشوا مع الناس وما يحدث ويُستحدث في الساحة من فنون وتقنية، والأمة الإسلامية لا شك تعايش بكل طيوفها وشرائحها هذه التطورات والأحداث التي يستغلها عدو الأمة بحرفية وفنية عالية من أجل اختراق الأمة شر اختراق، والغريب أن عدو الأمة فهم كيف يعمل ضدها من خلال تلك الوسائل، وهؤلاء أصحاب الأحوط والتذاكي لم يدركوا حتى الآن ما أدركه العدو! فلذلك.. هم أقل من أن نلتفت إليهم ما داموا لا يملكون ذواتهم أصلاً وأخلدوا إلى الأرض، ولا أعني المحترمين الذين لهم وجهة نظر مخالفة، ولكن طرحهم راق وخلوق، إنما أعنى صغار الأسنان أهل التصنيف بالناس والاندفاع.
قبل أن أدخل في النقاط والعناصر في المقال القادم؛ أبدأ به -المقال- بذكر آراء بعض العلماء المعتبرين ورأيهم المعتبر في فن التمثيل والأعمال الدرامية.
(حاول أن تجمعها ليتكامل الموضوع عندك)
________________________________
(*) إعلامي كويتي.