ذكرنا في الحلقة الأولى أننا سنعرض رأي بعض العلماء الأفاضل الذين أجازوا الفن والتمثيل واعتبروه وسيلة محايدة ممكن أن تكون للخير وممكن أن تكون للشر وذلك حسب أخلاق وتربية ودين من يستعملها.
أيضاً.. حينما انتقدنا أو ننتقد بعض المخالفين في هذه المسالة بشيء من الخشونة؛ لا نعني المخالفين المحترمين، فهؤلاء نحترمهم ونجلهم، وهم محلهم فوق الرأس وتحت الجفن في العين وإن اختلفنا معهم؛ لأننا نعلم تربيتهم وفكرهم ومنهجهم القويم وعلمهم الراسخ، ونعلم أن المسألة ممكن أن يكون فيها الخلاف المحترم.
نحن نعني البعض من الذين يدعون أنهم السلفيون وغيرهم مبتدع، وأنهم أهل السنة والجماعة وغيرهم خوارج أو زنادقة! يحرمون على غيرهم ما يحللونه لأنفسهم كما تفعل الأحبار والرهبان، نعني أهل الكهنوتية الجديدة، كهنة الألفية الجديدة والقرون الحديثة!
نبدأ بداية برأي العالم المجاهد الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله تعالى..
يقول الدكتور يوسف القرضاوي: ” أفتى الأزهر من قديم بعدم جواز تمثيل كبار الصحابة وأمهات المؤمنين، وأجاز تمثيل من عدا ذلك ولهذا ظهرت أفلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من الصحابة رضوان الله عليهم.
ويضيف الدكتور حفظه الله تعالى: ” وأنا أرى هذا الرأي وأرجحه على أن يكون الذي يمثل هؤلاء الصحابة أو السلف الصالح أو الأئمة المعروفين مثل أبي حنيفة وابن حنبل وعمر بن عبد العزيز من الممثلين المعروفين بالاستقامة والسيرة الطيبة.. انتهى..
حرم البعض ولم يجيز التمثيل لوصفه أنه الكذب، أو قائم على الكذب؛ أي.. تمثيل الممثل شخصية تاريخية مثل صلاح الدين مثلاً، فإن هذا كذب لأن هذا الممثل ليس صلاح الدين!!
وهذا القول خير من فنده وبين عواره وعدم واقعيته وصحته؛ الشيخ والعالم الكبير والجليل محمد بن عثيمين يرحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته ونفعنا الله تعالى بعلمه.. قال في ذلك يرحمه الله تعالى: ” لابأس بالتمثيليات، إن لم يكن فيها الكذب، وذلك لأن الكذب هو الإخبار بخلاف الحقيقة والواقع، وهذا الرجل الممثل، هو لا يقول: أنا فلان نفسه، ولكنه يقول: أنا أمثل فلاناً، أي أفعل فعلاً يشبه فعل فلان، وهذا واقع وحقيقة، والحاضرون يعلمون كلهم أنه هذا المراد بالتمثيلية بخلاف من جاء إليك في بيتك ودق الباب وقال: أنا فلان وهو يكذب، هذا هو الكذب، أما رجل يقوم بدور إنسان آخر فإنه لم يكذب، ولكن إذا اشتملت التمثيلية على شيء محرم كأن يستلزم تنقص ذوي الفضل فإنها لا تجوز، وعلى هذا فأرى أن الصحابة رضي الله عنهم لا يمثلون ولا سيما الخلفاء الراشدين منهم.
وجاء في فتاوي وزارة الأوقاف الكويتية جواز تمثيل الصحابة اللهم إلا الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بقية الصحابة فلا بأس حتى في التمثيل الكرتوني الهادف للأطفال والصادق.
أيضا الشيخ ” محمد الحسن ولد الددو” حفظه الله تعالى؛ أباح تمثيل كل الصحابة بمن فيهم العشرة المبشرين بالجنة لعدم وجود دليل التحريم، إلا أنه حرم تمثيل الأنبياء لأنهم منزهون صلوات الله وسلامه عليهم.. انتهى.
ما ينبغي أن نذهب لمجرد ذكر التمثيل والفن، نذهب إلى الرقص والفن الماجن والقبلات وما شابه، فهذا الموقف كموقف من يقول: استعمال ” السكين ” حرام، لأن فلان قتل بها عشيقته! وفلان قتل بها زميله، وفلانة قتلت خادمتها بالسكين، فلذلك حرام أو يحرم استعمالها واقتنائها!
نعم.. والتمثيل والفن وسيلة محايدة لك ولغيرك وحسب أخلاقك كيف تتعامل معها وتجاريها ولأي شيء تسخرها كما ” السكين ” تقطع بها الطعام واللحم وتذكي فيها بالحلال.. إلخ فيما هو متاح، وغيرك يجرم بها ويقتل.
نعم التمثيل وسيلة؛ بل حتى المعلم يمثل الصلاة وينقلها حركة وشكلاً لطلابه قبل أن يذهب معه الطلبة لصلاة الجماعة، وفي المصلى المدرسي المعلم يعلم طلابه الصلاة تمثيلاً مع الشرح والتوضيح لكل وضع للصلاة وحركة من حركاتها المشروعة.
في الحلقة القادمة سنتطرق إلى العناصر السبعة التي نستند عليها برأينا.
[حاول أن تجمعها ليتكامل الموضوع عندك]
ــــــــــــــ
(*) إعلامي كويتي.