حين تتولى إلى الظل في وقت الحاجة والفاقة فتلك بطولة.
حين تجعل لك خبيئة عمل بينك وبين الله وأنت غريبٌ كسيف فتلك شهامة.
حين تتنحى عن التدليل على نفسك أو الإشادة بقدراتك فاعلم أنك عملةٌ نادرة.
حين تعمل وتبذل ولا تنتظر الشكر ولا الجزاء، فاعلم أنك مليء.
البطولة والشهامة والندرة والملاءة تمثلت في موقف سيدنا موسى حين تولى إلى الظل في عز حاجته للأضواء والبهرجة والإشادة، بل يكفي أن يبرز للملأ ولا يعرِّف بجميل صنيعه ليسد جوعته، ويبحث له عن مأوى.
العطاء من غير انتظار مقابل فنٌ عصيٌ لا يتقنه إلا المخلصون الصادقون؛ (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً) (الإنسان: 9).
لذلك عندما تنحى سيدنا موسى عن الشكر والعرفان، وألجأ ظهره لمن لا يعجزه شيء في الأرض والسماوات، وشكا إليه ضعفه وحاجته، جاءته الإجابة على طبق من ذهب:
1- زوجة صالحة.
2- عمل لمدة عشر سنوات.
3- شراكة مضمونة النتائج.
4- اصطفاء رباني ليصبح عليه السلام كليمه وصفيّه.
كم نطمح لتسليط الأضواء علينا، ونبحث عمن يشيد بنا ويثمن إنجازنا! كم نترقب تصفيق الجماهير، وتقدير المشاهير، وننسى في خضم هذه الرغبات أن فيء الظلال يورثنا راحة البال، وصفاء الحال، وإخلاص الأعمال، وأن الجزاء لا يكال بمكيال، كيف والمجازي ذو الكمال والجلال والجمال!
وعودة على ذي بدء أقول:
أن تتولى إلى الظل في زمن الأضواء والصور فتلك بطولة.
أن تكون أعمالك مغمورة في زمن الرويبضة والشهرة فتلك شهامة.
أن تتنحى إلى فيء الظلال مع القدرة على التدليل والإشهار فأنت عملة نادرة.
______________________________
(*) دكتوراه في الحديث الشريف وعلومه.