في شريط فيديو صادم من الناحية السياسية، كشف الناشط اليساري المخضرم رئيس الحزب الاشتراكي محمد الكيلاني عن محاولة انقلابية خطط لها “حزب العمال” (كان اسمه حزب العمال الشيوعي، وغيّر اسمه بعد الثورة) مع “التيار الشعبي” (يساري) وأطراف أخرى لم يسمها ووصفها بعبارة “ومن معهم”، وأن ذلك التوجه لتلك الأطراف لم يقبل به “الحزب الاشتراكي” الذي يقود الكيلاني منذ عدة عقود.
الانقلاب على المسار الديمقراطي
الكيلاني وكما يبدو من الشريط يتحدث لقاعدته الشعبية عن مآل محاولة تجميع اليسار في تونس، وأسباب فشل المحاولة الجديدة أو المبادرة الجديدة التي انطلقت في مارس الماضي وانتهت في آخر سبتمبر الماضي، قال في الشريط الذي حصلت “المجتمع” على نسخة منه بأن المبادرة فشلت لاختلاف جوهري في وجهات النظر، بين حزب العمال والأحزاب التي معه مثل التيار الشعبي، وجزء من الحزب الوطني الاشتراكي، والوطد الاشتراكي، وهو تبنِّ لأطروحة مفادها بأن الوقت قد حان لكنس المنظومة برمتها؛ وهي: الرئاسة (رئاسة الجمهورية)، والمجلس التشريعي (البرلمان)، والحكومة، والقيام بثورة ثانية.
تفكير بالتمني
ووصف الكيلاني التوجه للانقلاب على المسار الديمقراطي بأنه نوع من التفكير بالتمني وقفز على الواقع بمختلف تشكلاته، وأشار الكيلاني في شريط الفيديو المشار إليه والموجود على موقع “الحزب الاشتراكي”، إلى أن هذه الأطراف تقرأ الواقع من خلال إرادتها الخاصة، ورؤيتها الذاتية البحتة.
وتابع: لم يقيّموا حتى الواقع، بحكم أن الشعب التونسي والناخبين في تونس، ومن خلال 5 دورات انتخابية صوّت لليمين المحافظ.
وبالتالي كما يقول الكيلاني: كيف لشعب على مثل هذا الوعي أن يقبل أو يتجه اتجاهاً لقلب نظام الحكم برمته؟
عجز عن الفعل
وذكر الكيلاني أن اليساريين الذي تحدث عنهم بضمير المخاطب (نحن) لم يقدروا على إحداث أي تغيير جزئي، وتساءل: كيف في ظل هذا الوضع يمكن قلب التوازنات الموضوعية في المجتمع التونسي؟
وتحدث الكيلاني عن الطرح الثاني الذي يمثله “الحزب الاشتراكي” الذي يترأسه وهو أنه بعد إنجاز ما سمي بثورة، وفق تعبيره، تم إنجاز أمر كبير، وهو التخلص من الدكتاتورية التي كانت تشرّع للنضال من خارج المنظومة، وكانت، كما قال الكيلاني، تشرّع إلى كنس المنظومة الدكتاتورية، ولكن الآن لدينا نظام ديمقراطي، وعندنا جمهورية أصبحت ديمقراطية.
ويرى الكيلاني أنه في مثل هذا الوضع لا يمكن التفكير في الانقلاب، وإنما استخدام الآليات الديمقراطية للتغيير، بعد هذا يكون المشروع العقلاني هو في تغيير وإصلاح تلك المنظومة من الداخل، حسب تعبيره.
وفسّر الكيلاني معنى الإصلاح من الداخل بالمرور فقط عبر صندوق الاقتراع.
شروط التغيير
ولأن اليسار غير ممثل في مجلس نواب الشعب (البرلمان) الحالي، فقد دعا الكيلاني إلى إقناع الشعب أولاً بانتخاب ممثلين عنه من اليسار يكونون كتلة داخل البرلمان، “صندوق الاقتراع لا يمكن أن يعطي بشائر جديدة ويوفر إمكانيات الإصلاح إلا بتوفر كتلة ديمقراطية تقدمية يسارية مرئية لدى الناخب حتى يقبل بالطرح اليساري ويراهن عليه”.
وقال: إن “الناخب يراهن على القوى القادرة على تنفيذ مطالبه ومطامحه”، وجدد التأكيد على أن “الإصلاح يتم من الداخل ومن خلال توحيد ما وصفها بالقوى التقدمية والديمقراطية وعبر الآليات الديمقراطية وليس الانقلابات”.
وأكد أن “تلك الخلافات لم يتم حلها وهي من العمق ما حال دون تلافيها وتجاوزها أو حتى التوفيق ربينها وفي النهاية فشلنا وفي سبتمبر ذهب كل إلى حال سبيله”.