أكد محللون سياسيون أن ما عرضه برنامج “ما خفي أعظم”، مساء أمس الأحد، على قناة “الجزيرة” القطرية، يؤكد تفوق المقاومة الفلسطينية في حرب الأدمغة على الاستخبارات “الإسرائيلية”، ويعزز قرب إتمام صفقة تبادل أسرى جديدة، حسب شروط المقاومة.
وقال د. حسن أبو حشيش، أستاذ الإعلام والمحلل السياسي: إن “ما عرضه برنامج ما خفي أعظم يوضح قدرة حركة “حماس” بتخصصاتها العسكرية والسياسية التفاوضية، ويرسخ لقواعد تفاوض بالقوة وفق الأصول، بعد أن شوهت معاهدة أوسلو وسيلة التفاوض وحولته لاستسلام”.
وأضاف أبو حشيش لـ”قدس برس”: “ظهور القائد القسامي مروان عيسى خلال البرنامج فيه تحد للاحتلال وجرأة وشجاعة”.
ورأى أن البرنامج “بمثابة لطمة جديدة للرأي العام “الإسرائيلي”، وتحطيم إضافي لروحه المعنوية، وفي نفس الوقت جاء ليعزز الروح المعنوية للرأي العام الفلسطيني”.
وأكد أبو حشيش أن البرنامج فتح نافذة لصفقة “وفاء الأحرار 2″، وألقى ورقة في سوق التفاوض من خلال صوت أحد جنود الاحتلال لدى المقاومة.
ثمن لا نعرفه
ومن جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي سمير حمتو لـ”قدس برس”: إن “صراع الأدمغة بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال يسير بخطى ثابتة ودامغة ومتقدمة لصالح المقاومة الفلسطينية ذهنياً وميدانياً وعملياتياً واستخباراتياً، وتستطيع أن توظف ذلك إعلامياً بطرق مختلفة، رغم ما تتعرض له من ضغوط كبيرة”.
وأضاف: “ربما كشف برنامج “ما خفي أعظم” بعض قضايا صراع الأدمغة من المقاومة والاحتلال، إلا أن الواقع أكثر تعقيداً وتداخلاً ويحتاج لسنوات طويلة لكشف بعضه، إذا ما رفعت عنه السرية”.
ورجح حمتو أن “يكون التسجيل الصوتي، الذي عرض خلال البرنامج لأحد أسرى جنود الاحتلال لدى المقاومة، قد وصل للاحتلال، قبل أن تكشف عنه المقاومة، في إطار عملية التفاوض الجارية طي الكتمان، وأن يكون رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، الذي زار غزة الأسبوع الماضي، قد حمله معه مقابل ثمن ما لا نعرفه”.
وقال: “لم تعودنا “كتائب القسام” أن تكشف عن شيء مجاناً في الإعلام، فهي عند قولها لا معلومات بدون أثمان، ولكن لا أحد يعرف الثمن الذي دفعه الاحتلال مقابل هذا التسجيل”.
وأضاف: “التحقيق كشف ذكاء المفاوض الفلسطيني، حينما يستند إلى القوة على الأرض، ليمحو من الذاكرة الفلسطينية سيرة المفاوضين الذين فاوضوا في أوسلو، الذين أجمع كل المراقبين على ضعفهم”.
دلالات التوقيت
أما المحلل السياسي أحمد أبو زهري، فاعتبر أن “كتائب القسام” وجهت “لكمة مباشرة، بل ضربة صاعقة للقيادة “الإسرائيلية” في توقيت سياسي، وميداني، بالغ الخطورة والحساسية”، أرادت من خلاله إيصال العديد من الرسائل، وتحقيق مكاسب أخرى، بعد نجاحها في تحقيق “صورة النصر” أمام جيش الاحتلال في معركة “سيف القدس”، التي أسست لمسار ومرحلة جديدة.
وعدّ أبرز دلالة بأن “كتائب القسام” اختارت التوقيت بعناية، لبث هذه الرسائل من خلال تحقيق الجزيرة عبر برنامج “ما خفي أعظم”، خصوصاً في ظل الأزمة السياسية التي يعيشها الكيان، وقرب المصادقة على الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة، وتفاقم أزمات رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو.
وقال: “جاءت الرسائل في ظل المساعي التي تبذلها مصر وأطراف دولية أخرى لتحريك ملف التفاوض بشأن الأسرى الموجودين في قبضة “كتائب القسام”، والتأكيد على تمسكها بكافة الشروط المطروحة”.
وأضاف: “تكشف هذه المادة أن حركة “حماس” وقيادة “كتائب القسام” لا يمكن لها أن تقبل، بأي حال، محاولات الربط بين ملف الأسرى والملفات الأخرى، وأن التفاوض بشأن الجنود الأسرى له مسار مختلف”.
واعتبر أن التسجيل الصوتي هو إحدى أهم وأبرز الرسائل التي استهدفت كلاً من: المستوى السياسي، وقيادة المنظومة الأمنية، والمجتمع “الإسرائيلي”، وهو تأكيد أن هناك جنوداً أحياء بيد المقاومة، وهذا يعني أن الحكومة “الإسرائيلية” كانت تكذب على عائلات الجنود فيما يتعلق بأبنائهم الأسرى.
وأضاف: “هذه المادة أضافت زخماً جديداً إلى مكانة المقاومة، وبالتحديد “كتائب القسام”، التي تمتلك القدرة الكافية على أسر الجنود، ولديها مصداقية عالية فيما تقول، حتى أصبح المجتمع “الإسرائيلي” يثق في خطابها ويكذب رواية حكومته”.
وأمس، قالت “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”: إنها تمتلك حالياً أوراق مساومة لإنجاز صفقة تبادل أسرى مُشرفة مع “إسرائيل”.
جاء ذلك على لسان نائب القائم العام للكتائب مروان عيسى في أول ظهور إعلامي له عبر وثائقي “ما خفي أعظم” على قناة “الجزيرة” القطرية.
وقال عيسى: “ملف الأسرى الفلسطينيين هو الأهم حالياً على طاولة “كتائب القسام” والمقاومة، وهذا يعني أن هناك جهداً يوازي هذا الملف مهما كانت الأثمان”.
وشدّد عيسى على أن ملف الأسرى “سيكون الصاعق والمفجر للمفاجآت القادمة”.