يبدو أن الوضع الوبائي في تونس، وتفاقم الوفيات (أكثر من 16 ألفاً حتى الآن)، والإصابات التي لا تكاد تقف عند حد، قد أثّرت على سلوك التونسيين، من الاستهتار بخطر الفيروس الخطير إلى التوجس من العدوى، حيث تسجل الأجهزة المختصة التزاماً بالتدابير الصحية تصل في بعض الأماكن إلى 100% ولا تقل عن 90%.
وقد انعكس ذلك على أسواق بيع الأضاحي، التي تقام عادة داخل المدن وعلى جوانب الطرقات، وفي أماكن تحددها البلديات، حيث يتوجس الكثير من التونسيين من الذهاب إلى هذه الأسواق في ظل تفشي كورونا، والخوف من الإصابة بالعدوى، ولا سيما أن الخرفان يتم “جسّها” من قبل المشترين وقد يكون من بينهم مصابون بفيروس كورونا علموا ذلك أم لم يعلموا، شعروا بأعراض أم لم يشعروا، بل تمددت الأسئلة لمن سيذبح ويسلخ الأضحية وما تعلق بها من أدوات وبهارات وما إلى ذلك.
أسئلة فقهية
وقد لجأ كثير من المتوجسين إلى المشايخ يستفتونهم في الأمر، أو عرضوا أسئلتهم على مواقع التواصل الاجتماعي يسألون عن “حكم الذهاب إلى فضاءات بيع الخرفان ومسها من قبل العديد، وكذلك استئجار شخص لذبح الخروف وسلخه من قبل مَنْ لسنا متأكدين من سلامته من كورونا، وما يمكن أن ينجر عنه”.
وقد جاءت بعض الردود تخفف من حدة التوجس لدى السائلين؛ إذ إن شراء الخرفان كشراء أي شيء يحتاج إليه الإنسان في يومه، وعلى المشتري اتخاذ الحيطة في تعامله بمثل ما يتخذه عند شراء أي منتج آخر؛ من ذلك احترام مسافة التباعد، وغسل اليدين، وارتداء الكمامة (اثنتان إن لزم الأمر)، وأن تكون السوق مكشوفة.
غث وسمين
وعلى قاعدة “لو سكت من لا يعلم لانتهى الخلاف”، أبى بعض غير المتخصصين إلا الإدلاء بأجوبتهم عن الأسئلة المطروحة، كما هي الحال في مواقع التواصل الاجتماعي، واختلطت تلك الأجوبة مع الأجوبة الصحيحة التي تؤكد “عدم العزوف عن اقتناء الذبيحة بعلة الخوف من الوباء، بل السعي إلى توفيرها واقتنائها هو المطلوب محافظة على الشعيرة”.
ومن الأجوبة الخاطئة من دعا لما يشبه الفكاهة لإرسال شخص آخر كقول أحدهم: بالنسبة للذي تجب عليه، فإن كان ممن يخاف على نفسه من العدوى كلَّف غيره بشرائها نيابة عنه ويطلعه عليها بواسطة نقل صورتها بالهاتف النقال، فإن رضي بها أتم الصفقة مع صاحبها وحملها إليه!
ودعا البعض إلى أن يكون الجزار ممّن تلقوا التلقيح ضد كورونا، أو يحمل شهادة مؤرخة تثبت خلوه من الفيروس، مع التزام التباعد وارتداء الكمامة، واستخدام المعقمات.
بيع الأضاحي على الإنترنت
إلى جانب أسواق بيع الأضاحي الموسمية في مثل هذه الأيام من كل عام، هناك من يبيع الأضاحي عبر الإنترنت تحت رعاية الصحة البيطرية، فقد أكد الرئيس المدير العام لشركة اللحوم بتونس، طارق بن بدء، بيع الأضاحي عبر الإنترنت على موقع الشركة، حيث يشهد الموقع إقبالاً كبيراً، حيث تم تسجيل ما يزيد على ألف طلب شراء.
وذكر أن سعر الخروف الأقل من 45 كيلوجراماً سعر الكيلوجرام الواحد 13.300 دينار تونسي، والأكثر من 45 كيلوجراماً سعر الكيلو 12.900 دينار تونسي (الدولار واليورو يعادلان أكثر من 3 دنانير تونسية).
وقد وفرت الشركة عبر موقعها الإلكتروني 4 صور للأضحية الواحدة، ورمزاً يمكن الحريف من سهولة الاختيار بالإضافة إلى السعر.
ويكون الدفع عند الاستلام في غضون 72 ساعة، وبعد التأكد من المطابقة بين المواصفات التي اختارها الحريف والمنتوج على أرض الواقع.
وذلك إلى جانب توفير الشركة للبيع المباشر للأضحية في أمكان مفتوحة ومغلقة تحت إجراءات صحية مشددة، فالفضاء المغلق يمدد على ألف متر مربع، ولا يسمح بدخول أكثر من 20 حريفاً في وقت واحد.
وضع صعب
ويمر عيد الأضحى بتونس هذا الموسم في وضع صعب صحياً ومادياً؛ حيث أرهقت الأسر بسبب تكلفة مرض أحد أفرادها أو أكثر في المستشفيات، فضلاً عن أثمان الأدوية مرتفعة الثمن، والنقل والتغذية الخاصة لمرضى كورونا، وهو ما أثقل كاهل الأسر التونسية بالديون جراء ذلك، ولأسباب أخرى، مثل التخفيض في رواتب العاملين عن بُعد إلى النصف، فضلاً عمّن فقدوا عملهم بسبب الجائحة، وظلوا نهباً للتداين وحتى “التسوّل” المقنع والمكشوف.