منذ انتهاء التصعيد الصهيوني الأخير على قطاع غزة وأسواق غزة التجارية تشهد حالة ركود غير مسبوقة، وانخفاضاً كبيراً في الحركة الشرائية؛ نتيجة استمرار إغلاق المعابر التجارية من قبل الاحتلال “الإسرائيلي”، إضافة لتشديد حصاره على القطاع الذي زاد بعد التصعيد الأخير وتداعياته التي أنهكت كاهل الفلسطينيين بالقطاع.
الشاب أحمد حمدان، الذي يعمل عاملاً في أحد المحلات التجارية بشارع عمر المختار وسط مدينة غزة، وهو محل مخصص لبيع الملابس النسائية، قال لمراسل “المجتمع” في غزة: إن الحركة الشرائية تكاد تكون شبه معدومة؛ فلا زبائن تأتي إلى المحل، ولا بضائع موجودة أصلاً، مشيراً إلى أن البضائع الموجودة داخل المحل كلها قديمة، وأصبحت مكدسة ولا توجد حركة شرائية.
وأضاف حمدان أن الأسباب وراء ذلك هي تدهور الأوضاع الاقتصادية التي خلَّفها التصعيد الأخير؛ حيث إن مئات العمال فقدوا أعمالهم، ومئات الورش تدمرت؛ ما انعكس على الحركة الشرائية، إضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية والحياتية في قطاع غزة بفعل استمرار الحصار، وما زاده من تشديد خلال الأشهر الماضية.
وقال: كنا نعمل في هذا المحل 3 عمال، لكن اليوم أصبحت أنا وحدي الذي يعمل، وكما أفتح المحل أغلقه دون بيع ولا شراء؛ يعني شارع عمر المختار الشارع التجاري والرئيس في القطاع الذي كنت لا تستطيع أن تمشي فيه في بعض الأوقات، الآن يلعبون فيه كرة القدم من قلة الناس!
وأشار إلى أن صاحب المحل، ونتيجة لقلة البيع والشراء أوقف العامليْن اللذين كانا معي، وأنا اليوم موجود بالمحل وحدي، مضيفاً أن زميليه تأثرا بذلك لكنهما في الوقت نفسه مقدران ظروف العمل وظروف صاحب المحل، وأنه لا توجد حركة شرائية، معرباً عن أمله في أن تتحسن الأوضاع خلال الأيام المقبلة.
إيقاف 3 عمال
ولا يختلف حال أبي حسن، صاحب محل لبيع الأدوات الكهربائية والمنزلية جنوب القطاع، عن حال أحمد؛ حيث اضطر إلى إيقاف ثلاثة من العاملين الخمسة الذين كان يشغلهم نتيجة حالة الركود التي تضرب الأسواق منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر.
وأكد أبو حسن لـ”المجتمع” أن حالة الركود التي تشهدها الأسواق وانخفاض عدد المشترين وارتفاع الكلفة التشغيلية للمحل دفعتهم لإيقاف ثلاثة من العاملين لديهم، على أمل أن يعودوا عقب تحسن الوضع.
وأضاف: اليوم أصبحنا نبيع لنحو 20% من زبائننا في أحسن الأحوال، ونقدم عروضاً للتقسيط وغيرها، ولكن الحركة الشرائية لا تتحرك أبداً، وأرجع هذا الركود إلى تغير أولويات المواطن في ظل الحصار وانقطاع الكهرباء المستفحلة، إضافة لتشديد الحصار وما خلفه التصعيد الأخير.
تحذيرات
وأمام الواقع المأساوي الذي يشهده قطاع غزة، حذر خبراء اقتصاديون من تداعيات ذلك، مؤكدين أن “إسرائيل” تمارس حرباً اقتصادية على غزة تهدف لتدمير القطاع الخاص، وأن استمرار إغلاق المعابر سيزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية؛ الأمر الذي سينعكس على كل مناحي الحياة.
وقال المحلل الاقتصادي سمير الدقران لـ”المجتمع”: إن حالة الركود التي شملت كافة المناحي في قطاع غزة لم ينجُ منها أحد أو أي عملية إنتاجية أو شرائية، مشيراً إلى أن هذه الأزمة ستكبد التجار خسائر مالية باهظة.
وقال الدقران: إن إغلاق المعابر ومنع دخول البضائع والمواد الخام إلى غزة التي كانت تشغل المصانع القليلة الموجود فيها، ستؤثر على الصناعة والإنتاج والحركة الشرائية؛ لأن أصاحبها فقدوا أعمالهم وبالتالي كل ذلك مرتبط ببعضه بعضاً.
ودعا الدقران الوسطاء والمجتمع الدولي إلى ضرورة الضغط على الاحتلال لفتح المعابر بشكل كامل، ورفع الحصار حتى تعود الحركة الإنتاجية لقطاع غزة، وتعود معها الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني فيه.
ولجأ كثير من تجار القطاع وأصحاب المحال التجارية إلى العروض الترويجية والتسويقية وخيارات التقسيط وغيرها، لكن ذلك لم يقدم لهم كثيراً في ظل عشرات الموانع التي تحول دون عودة النشاط التجاري.
ويعاني قطاع غزة من حصار “إسرائيلي” مشدد منذ أكثر من 15 عاماً طال كافة مناحي الحياة بالقطاع.