قرأنا في كتب التاريخ أن المغول عندما دخلوا بغداد عام 656هـ عاثوا في الأرض فساداً، وبالمسلمين تنكيلاً وعذاباً، وقرأنا أن المغولي يقابل المسلم ويقول له: انتظر حتى آتي بسلاحي لأقتلك، ويتنظر هذا الرجل مصيره من القتل في حالة ذل وهوان!
تخلِّي الناس عن نصرة بعضهم بعضاً ليس له وصف هنا، للأسف هذا ما نراه يحدث اليوم في درعا السورية المحاصَرة حصاراً مطبقاً، وتعمل آلة القتل بشكل ممنهج، وسط صمت عربي ودولي مخزٍ، بل بموافقة دولية، واشتراك في الجريمة، شيء فوق العقل والتصور!
إن محاصرة 50 ألف مواطن سوري، لا حول لهم ولا قوة، يذكرني بحصار غزة العزة، ولكن الفرق أن أهل غزة جالسون في بيوتهم ماكثون في أرضهم، أما أهل درعا فيُجبرون على التهجير وترك بيوتهم وسط ظروف إنسانية صعبة للغاية، ونحن على مشارف انتهاء فصل الصيف ودخول الشتاء قارس البرودة، مع قصف بالطائرات الروسية، وإجرام المليشيات الإيرانية، بمباركة النظام السوري صاحب التاريخ الأسود الذي يفوق المغول في جرائمه، وسط هذا الصمت ولسان حال الدول يقول لهذا النظام المجرم ولحلفائه: سر وافعل ما تريد، ونحن سنعيد تأهيلك مرة أخرى لتعود للنظام العربي على جماجم السوريين! وهذه رسالة للشعوب الحرة الساعية لنيل إرادتها مفادها أن أي تحرك من قِبَلكم ضد الأنظمة القمعية فمصيركم مآله كمصير السوريين.
الكل يتساءل: أين دور الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي.. وغيرها؟ والجواب ما أسهل منه! إنهم شركاء في هذه الجريمة الإنسانية، وخصوصاً عندما يكون الضحايا مسلمين وجيراناً لما يسمى “إسرائيل”، حيث إن مهمة النظام السوري وحلفائه هي تأمين دولة الاحتلال.
وهنا رسالة نود أن نوصلها للحكومات العربية: أليست سورية جزءاً من الأمة العربية، والشعب السوري جزءاً من هذه الأمة؟ أليس ما يحدث في درعا قريباً على الحدود العربية؟ هل تعلمون أن سقوط سورية سيكون كسقوط اليمن ولبنان بيد أعداء الأمة العربية؟ ما لكم كيف تحكمون؟ أليس لديكم مستشارون إستراتيجيون يقولون لكم: إن ما يحدث في درعا خطر مباشر عليكم؟
إن المطلوب من الشعوب العربية الحية أن تستيقظ من غفلتها، وتهب لمساعدة درعا بما تستطيع.
وأقول لأهل درعا: لو تخلى عنكم أقرب الأقربين؛ فإنَّ لكم رباً لا ولن ينساكم، ولكم الله الذي هو أعظم مما يجمعون.