قال أستاذ تاريخ إيران والشرق الأوسط المعاصر في جامعة قطر د. محجوب الزويري، في مساحة حوارية على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، تحت عنوان “الاتفاق النووي مع إيران والحرب على أوكرانيا وانعكاساتها على المنطقة”: إن هناك العديد من الاختبارات التي مرت بها العلاقات الروسية الإيرانية، فمنذ أكثر من عقد ونصف عقد نتحدث عن هذه العلاقة المسماة بالعلاقة الإستراتيجية ليست إستراتيجية، وهناك اختبارات تؤكد أنهما يفكران بطريقة مختلفة.
وتابع الزويري أن أبرز مثال على ذلك أن روسيا لم تستخدم حق “الفيتو” في كل قرارات العقوبات التي صدرت بحق إيران، بل على العكس من ذلك، كانت تعطل الاتفاق، بحسب تسريبات وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف، مشيراً إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية أثبتت لنا أن هناك تفاوتاً كبيراً في الموقف الإيراني من النزاع، فهو ليس بالكامل مع روسيا، فقد امتنع عن التصويت في الجمعية العامة، وكان خطابه بشكل عام إدانة لـ”الناتو”، لكنه لم يتحدث عن فكرة اجتياح دولة لدولة.
إيرانياً فكرة اجتياح دولة لدولة هو هاجس مقلق للغاية، وشاهدنا ذلك عملياً في اجتياح العراق للكويت، وكيف رأينا اصطفاف إيران إلى الجانب الأمريكي والتحالف العالمي الذي شكله الرئيس الأمريكي، وكان ذلك جزءاً من حملة علاقات عامة لتحسين صورتها في الشرق الأوسط.
وأكد الزويري أن العلاقات الإيرانية الروسية تمر بمرحلة واختبار جديد، ولا أرى أن هذا الاختبار ستكون لها نتائج جيدة في مستوى العلاقات بين البلدين، بدليل ما تم الحديث عنه من سعى لتعطيل الاتفاق، وربما روسيا لا تريد للغرب أن يذهب إلى أي نوع من الرجوع إلى هذا الاتفاق دون عودة روسية، بمعنى أدق أنها لا تريد أن تقول لهم: أنتم تنجحون في عزلي وتأتون بإيران لمدكم بالطاقة، ويبدو أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأخيرة إلى موسكو لم تكن بأكثر من حملة علاقات عامة جيدة للرئيس الإيراني وللتيار المحافظ في إيران، بأن لدينا شريكاً مهماً يحضر في مجلس الأمن ويقول: إنه لم يفدنا ولا مرة.
وبين الزويري أن ما يحصل في فيينا هو محاولة للعودة إلى مفاوضات عام 2015 وإحياء الاتفاق، والولايات المتحدة لا تريد العودة دون تأكيد إيران على تعهداتها السابقة، وهذا يعني أن هواجس وكالة الطاقة الذرية منذ بدء إيران بالتراجع، على إيران أن تظهر إجابات واضحة وتقدمها بحيث إن المجتمع الدولي يثبت لهم أنها لم تقم بتقدم حقيقي في البرنامج النووي، فالولايات المتحدة لا تريد العودة إلى الاتفاق دون الحصول على إجابات واضحة.
وأوضح الزويري أن إيران كررت كلمات رفع العقوبات كثيراً، لكن يجب أن نعلم أن رفع العقوبات ليس الحل السحري لمشكلات إيران الاقتصادية، فالاقتصاد الإيراني به العديد من المشكلات البنيوية في طبيعة هيكله المرتبط بالولاء أكثر منه بالكفاءات، ولذلك لن تكون العقوبات حلاً لمشكلاتها الاقتصادية، وأتوقع أنه سيكون هناك تدريج في رفع العقوبات.
وبين الزويري أن “إسرائيل”، بدورها، قامت بحملة دبلوماسية كبيرة لتعطيل العودة إلى الاتفاق، ورسالتها كانت واضحة بأن في حالة العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني سنعود إلى الحرب السيبرانية.
وتابع: في ديسمبر الماضي، عقدت وزارة الدفاع “الإسرائيلية” مؤتمراً حضرته عشر دول تحدثت خلاله “إسرائيل” عن هجمات سيبرانية لأنظمة مالية، مبيناً أن “إسرائيل” تعتبر أنها نجحت في هذه الحرب السيبرانية واغتيال العلماء وضرب المفاعل الإيراني، فهذه وغيرها عقبات حقيقية تحول دون العودة إلى عام 2015، بل قد تعطل هذه العودة المسائل أكثر وأكثر.
وأضاف الزويري أن حجم العلاقات التجارية الاقتصادية بين إيران وروسيا ليست بالحجم الذي يؤثر على روسيا، لكنها جزء من قدرتها على تحريك الورقة الإيرانية، مشيراً إلى أن الروس تاريخياً يؤمنون أن إيران مهمة في مجالهم الحيوي؛ لذلك أهم نقطة يتم الحديث عنها الآن هي أن عودة إيران إلى سوق الطاقة، وستكون هناك فترة اختبار حقيقة يحتاجها العالم وإيران للعودة إلى سوق الطاقة.
وقال الزويري: إن رفع العقوبات عامة عامل يثير قلقاً في النظام السياسي الإيراني، فعندما تم الاتفاق في عام 2015، وتم البدء في يناير 2016، خرج المرشد الأعلى للحديث أمام مجلس الشورى وطالبه بأن يكون درعاً حصيناً أمام الغزو الثقافي، فبالتالي تخشى إيران من الانفتاح على الآخر الذي يمكن أن يخترق المجتمع أكثر مما هو عليه الآن؛ لذلك لا أعتقد أن رفع العقوبات على إيران بالشكل المتسارع الذي يجري الحديث عنه يمكن أن يتقبله النظام، بل ستكون هناك هواجس لدى النظام الإيراني منه، وكل هذه الأمور عراقيل أمام الاتفاق.
واختتم الزويري قائلاً: هناك سعي إيراني للتوصل إلى اتفاق قبل 21 مارس الجاري، وإمكانية أن يحدث ذلك لا أتوقع أن يحدث، فلا توجد مؤشرات لذلك، على الأقل بعض الخطوة الروسية والمطالبة الصينية بضمان، فمن المتوقع أن يكون ذلك في أبريل المقبل.