اعتبر محللان فلسطينيان أن الغزو الروسي لأوكرانيا، فضح ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع مقاومة الشعب الفلسطيني، القابع تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ سبعة عقود.
وقال المحللان في حديثين منفصلين لـ”قدس برس”، إن الغرب لطالما نعت المقاومة الفلسطينية بـ”الإرهاب”، وسخّر كل إمكاناته لمحاربتها، وتجفيف منابعها العسكرية والمالية، بينما أغدق على الأوكرانيين بدعم غير محدود من المال والسلاح والإعلام؛ لمواجهة الغزو الروسي.
وأوضحا أن “إسرائيل” تخشى من “احتلال” روسي لأوكرانيا، وما يمكن أن يتبع ذلك من تشكل لـ”مقاومة” أوكرانية تحظى بتأييد غربي، ومعه تتم إعادة التموضع الشعبي الغربي أمام حق الشعوب في “مقاومة الاحتلال“.
مكاييل عديدة
وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، إن “الغرب يدرك أن المقاومة هي قانون التعامل مع المحتل، ولكن الغرب وأمريكا ينظران بأكثر من منظار، ويكيلان ليس بمكياليْن وحسب، إنما بمكاييل عديدة“.
وأضاف لـ”قدس برس” أن “الغرب ينظر إلى أوكرانيا على أنها بلد أوروبي يتعرض للغزو من روسيا، وأن من حق الأوكرانيين الدفاع عن أنفسهم، ناهيك عن العداوة بين أمريكا وروسيا، وهي فرصة لإذلال الأخيرة من خلال تزويد أوكرانيا بالمال والسلاح، سواء عبر المرتزقة، أو من خلال شرح أساليب المقاومة المختلفة“.
وأوضح الصواف أن “هذه النظرة مختلفة لدى الولايات المتحدة والدول الغربية بالنسبة للشعب الفلسطيني ومقاومته، علاوة على انحيازهم الفاضح للكيان الصهيوني، ودعمهم له بالمال والعتاد”، لافتاً إلى أن “هذه الدول ترى أن إسرائيل ليست محتلة، وأن عدوانها على الفلسطينيين يعتبر دفاعا عن النفس، رغم أن القانون الدولي سمح لمن أرضه محتلة بمقاومة الاحتلال بكل الوسائل“.
وأشار إلى أن هذه “النظرة الغربية ماثلة، على الرغم من أن الوجود الإسرائيلي على أرض فلسطين جاء بالقوة، وبالمجازر والتواطؤ من قبل بريطانيا التي سهلت ودعمت العصابات الصهيونية في الاستيلاء على الأرض، وطرد سكانها الأصليين منها“.
وشدد الصواف على ضرورة التركيز على ازدواجية الغرب، وفضح ممارساته على الأرض، مؤكدا أن هذا يحتاج إلى جهد متواصل من الجميع في الداخل والخارج، واعتبار ذلك قضية مركزية.
الحرب “الفاضحة“
من جهته أكد الإعلامي والأكاديمي الفلسطيني محسن الإفرنجي، أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ومع هذه الأخيرة الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي؛ فضحت كل الشعارات التي يتغنى بها الغرب.
وقال الإفرنجي لـ”قدس برس” إن “ساعات الحرب الأولى كانت كفيلة بإماطة اللثام عن أبشع عملية ازدواجية معايير في العصر الحديث، بعد أن بدا واضحا أنهم يصنفون البشر وفق العيون الملونة والأجناس والأعراق والألوان، ومعها سقطت إنسانيتهم وقيمهم المزعومة التي صدعوا بها رؤوسنا“.
وأضاف أن “ما فعله المجتمع الدولي في أيام معدودات نصرة لأوكرانيا ومقاومتها، لم يفعله على مدار أكثر من 74 عاما من عمر القضية الفلسطينية، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي”، متابعاً: “بالعكس؛ فعل الغرب كل ما بوسعه لتثبيت الاحتلال كواقع لا يمكن تغييره، وتجريم من يعاديه“.
حرب المصطلحات
ولفت الإفرنجي إلى أن الغرب استخدم للعديد من المصطلحات لتوصيف الأزمة الروسية – الأوكرانية، كـ”الحرب الدائرة، والغزو، والعدوان”، مشيراً إلى أن “ثمة مصطلحا يأبى التسلل إلى قاموسهم الإعلامي والسياسي والعسكري، وهو الإرهاب، لأن الحرب الدائرة ليس فيها طرفا إسلاميا أو عربيا” وفق قوله.
وأكد أن “الغرب في حربه مع روسيا؛ وظّف شركات التكنولوجيا العالمية، وعلى رأسها فيسبوك وتويتر، حيث عملت على تقييد الوصول إلى روسيا، في وقت لا تزال تمارس حربا على المواقع الفلسطينية الداعمة للمقاومة ضد المحتل، وإغلاقاً لمئات الحسابات التابعة لمؤسسات فلسطينية، أو نشطاء وإعلاميين، وهو ما يكشف عن جانب آخر مهم من زيف المواقف الدولية، والخداع الذي تمارسه باسم الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان“.
وتساءل الإفرنجي: “كيف يمكن أن تصبح الزجاجات الحارقة، بين عشية وضحاها، سلاحا مشروعا بأيدي المواطنين الأوكرانيين ضد غزاتهم، بينما هي ممنوعة على الفلسطينيين الذين يكتوون بنيران الاحتلال على مدى عشرات السنين؟“.
وأضاف أن “هناك أصواتاً في الغرب بدأت تتنبه لهذه العنصرية المقيتة، مثل البرلماني الإيرلندي ريتشارد بويدباريت، الذي انتقد ازدواجية المعايير في الخطاب الإعلامي الغربي بخصوص غزو روسيا لأوكرانيا، مقارنة بخطابه ضد الاحتلال“.
وأوضح الإفرنجي أن “النائبة البريطانية عن حزب العمال، جولي إليوت، واجهت غضبا من قِبل بعض عنصريي الغرب، حينما قالت إن غزو روسيا لأوكرانيا هو مثل ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
واستدرك: “لكن لن يغير كل ذلك من الوقائع على الأرض، ولن ينهي الاحتلال الذي يتجهز حاليا للرد على مثل تلك التصريحات والتغريدات؛ بموجة جديدة من الأكاذيب والأساطير التي أسس عليها كيانه“.
يشار إلى أن روسيا أطلقت، فجر 24 فبراير الماضي، عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة، وفرض عقوبات اقتصادية ومالية على موسكو.